رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. على أنغام أغنية (حبيب الروح من هواك مجروح) فتاة سودانية تثير ضجة واسعة بتقديمها فواصل من الرقص المثير وهي ترتدي (النقاب)    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    هل رضيت؟    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لؤم البوليس الأخير
نشر في حريات يوم 12 - 07 - 2012

قديماً في السودان لم يكن هنالك رجل أمن ، إلّا ما عرف بالبوليس . و كان يرتدي الزي الأبيض و طرطور أبيض . و كان البوليس بمنتهى الأدب و التهذيب . و يتعامل مع البشر بصورة حضارية جداً . و كان هنالك بوليس الحركة الذي يتعامل فقط مع المرور . و كان هنالك البوليس السري أو ما عرف ببوليس الجلابية . و كانوا في منتهى المعقولية . و كان بعضهم يخرج المنديل الكبير الأحمر ، الذي يخصص فقط للبوليس لمسح العرق . و كان هنالك السواري . و هو البوليس الذي يركب الخيل . و كان هناك بوليس البلدية . و هو متخصص فقط في السوق و الباعة ، و يفرض غرامات على المخالفين و يراقب الأسعار . و كان هنالك رجال الصحة الذين يمرون على البيوت ، و يراقبون الباعة المتجولين و المطاعم و كل ما يخص بصحة الانسان . و كانت هنالك منظمة اسمها جمعية الرفق بالحيوان . تعاقب من يقسو على الخيل و الجياد او من يضرب او يقتل قطاً أو كلباً .
السواري كان يحفظ النظام في التجمعات ، و ما تشات الكرة في الليق ، و في دار الرياضة . و كانوا يجوبون الطرقات في الليل لمطاردة اللصوص . و أشهرهم كان العم بين . و كان هنالك بوليس السكة حديد . و هو يتواجد بالقطارات لحفظ الأمن . و كان هنالك قسم منهم يرتدي الجلابية و يراقب المتسلليين و الذين ينتقلون من عربة لأخرة ليتجنبوا الكمساري . ولقد ذكر الاستاذ صاحب و رئيس تحرير جريدة الصراحة عبد الله رجب ( أغبش ) ، أن مفتش المركز في سنجة ، حاول ان يجنده كبوليس جلابية في في بداية شبابه في السكة حديد نسبة لألمعيته و ذكائه . إلا انه رفض .
البوليس في الوسط كان عادةً من أهلنا الشايقية و الجعليين ، أو النوبة ، من جبال النوبة . و هؤلاء كانوا الاغلبية . و لكنهم كانوا لا يوظفون النوبيين مثل الدناقلة و المحس و الحلفاويين لأنهم يتعصبون لأهلهم و هم لا يحبون هذا النوع من العمل .
البوليس كان محبوباً إلى درجة كبيرة في امدرمان . و نحن اطفال كنا نعتبرهم أبطالاً . مثل الشاويش ميرغني و ميرغني الآخر الذي قتله الانصار في حوادث مارس 1954 ، في قصر الحاكم العام . و كان حكمدار البوليس في الخمسينات و بداية الستينات هو ابو شره . و كان العم درار شنب الروب ، نسبة لشنبه المميز ، هو صول امدرمان . و هو والد الاخوة حسن و حسين الطبيب . و كان هنالك الشاويش عبد الله دلدوم ، والد رجل البوليس المحبوب عطا المنان و شقيقه بوليس الحريقة حسن ، و زملاء دراستنا حبيب و نور الدائم . و اشتهر كذلك العم عبد الله بون و هو كذلك من النوبة و كان امباشا . و كان مسئولاً من نظام السينما . و كان متشدداً و يسكن العباسية . و كان العم سيد احمد مسئولاً عن النظام في السينما الوطنية . و كان متسامحاً لطيفاً يحبه الجميع .
اشتهر رئيس البوليس الانجليزي كوكس . و بسببه عرفت الفنانة حواء جاه الرسول بحواء الطقطاقة . لأنها عندما اعتقلت عدة مرات لأنها تحمس المظاهرات . قالت (انا ما عملت حاجة ). فقال المستر كوس ( ما عمل حاجة … انت كل يوم جاي طق طق طق ) . و يقصد الصفقة طبعاً .
أول رؤساء البوليس من السودانيين كان العم أمين احمد حسين . و هو شقيق الدكتور حسين احمد حسين . و هو من الدفعة الثانية من خريجي الطب في العشرينات . و ابتعث الى انجلترا و تخصص في العيون . و لهذا يقول المثل (العين باليغلب حسين ) . أو ( العين بحسين ) .
و من زعماء البوليس الوطنيين العم الديب . و العم محمد الشاذلي والد الشاذلي محمد الشاذلي و هو أول طالب سوداني يدرس في كوبا في بداية الستينات . أشتهر كذلك العم ابارو . و ساعده في الأدارة مورس سدرة . شقيق الطبيب المشهور لويس سدرة . مورس سدرة هو الذي قبض على عصابة عباس باركليس و الفلاتي . و هذه اول عصابة نهبت بنك بالسلاح في 1957 و هو بنك باركليس مدني . و مورس سدرة و أبارو كانا من أكفأ رجال الشرطة في السودان .
أبارو كان جارنا في حي الملازمين . و هو والد زملاء دراستنا سمير و منير . و أشتهر بالشدة و الانضباط . كان اميناً و نظيف اليد . لا يقبل الواسطة . و كما ذكر لي ظابط البوليس محمد علي مالك الذي كان مسئولاً عن البنوك المأممة في بداية مايو ، أنهم كانوا يتراهنون في بداية عملهم في البوليس أن تلفون العم ابارو كان لا يرن اكثر من مرتين في المنزل . حتى اذا كانت المكالمة في نصف الليل أو في الفجر .
عندما كان الأخ رحمة الله عليه سمير جرجس مسجوناً مع عبد الخالق محجوب و سبعة آخرين في سجن كوبر في ايام عبود . كانت (التفريدة ) عبارة عن بيض و كبدة ولحوم و سمك و لوح و نصف من الثلج ( 30 كيلو جرام ) . و ثلاثة انواع من الفاكهة . و كان سمير جرجرس يصنع الفطيرة المشلتت و لقيمات و قراصة . و كان عبد الخالق يحب الفطير . و ظابط السجن يأتي في الصباح لكي يتحصل على طلباتهم .
أحد الزملاء الذي كان متفرغاً في جبال النوبة . و قديماً كانت هذه المنظقة قاسية جداً . كان يأخذ المنقة الباردة و يضعها على خده و يقول قبل التهامها : ( الهم ادمها نعمة و احفظها من الزوال ) .
العم الصادق الطيب كان مدير عام السجون . و يسكن في منزله الصغير في شارع جامع الهاشماب . و في زمنه طرد رجل سجون لأنه صفع مسجوناً جنائياً بعد خدمة 12 سنة . و كانوا يقولون له : ( وين في اللوائح الدرسناك ليها البديك الحق تضرب مسجون ) .
الشاويش لوج شاويش السجون ، كان محبوباً من المساجين . لدرجة أن استاذنا في الأحفاد حسن التاج . و أبن عمة المليونير دكتور خليل عثمان ، كما هو كذلك صاحب سينما التاج في الدويم ، قام بتوظيف الشاويش لوج بعد تقاعده . و الاستاذ حسن التاج كان من المناضلين كذلك .
في أكتوبر كان العم الصادق الطيب مدير عام السجون ، يبكي فرحاً و يقول للمسجونين السياسيين و العسكريين الذين واجهوا الحكم المؤبد . و هو يبكي بدموع حقيقية : ( انا يا ابنائي كنت كل يوم بدعو الله انو تتفكوا . لأنه دا ما محلكم ) .
هكذا كان ما عرف بجهاز القمع في الدولة . فعندما حصلت هرجلة وسط البوليس و هو يحاولون ان يفضوا احد المظاهرات ، كان الطيب الزعيم القطب السياسي بجسمه القوي يدفع رجال الشرطة فيتساقطون . فتقدم نحوه ظابط البوليس الوليد دفع الله شبيكة رحمة الله على الجميع . و سأل العساكر في شنو ؟ فقالوا له ان الزعيم الطيب قد رفض ان يركب . فوبخههم قائلاً : ( دي طريقة دايرين تركبو بيها الزعيم . دايرين تجروه . زحوا كدا . انتوا ما بتعرفوا الاصول) . فتقدم نحو الزعيم قائلاً : ( تفضل يا استاذ ) . فتقدم الطيب الزعيم و قال : ( انت ما ود الاصول ) . و ركب عن طيب خاطر . و هذا في ايام دكتاتورة عبود .
عندما تكون هنالك ديمقراطية ، يلتزم البوليس و القضاء و السجانون بالقانون . و لكن كما شاهدنا في شرق أوربا ، و عندما يطلق النظام يد الأمن لمضايقة المعارضين السياسيين . يعطي الأمن نفسه حقاً كاملاً في ان يهين كل المواطنيين . و أن يتصرف كما يشاء . و عندما بدأ نظام عبود في آخر ايامه ، خاصة بعد تدخل المصريين ، صار البوليس و الأمن يرتكب بعض التجاوزات .
في سنة 1984 قالت لي اختي الحبيبة نظيفة عندما حضرت في اجازة : ( بكرة تمشي تسلم على خديجة اخت صلاح . وتسلم فضل الله برمة . صلاح لما يجي اجازة ما بقصر مع زول ). و صلاح هو ابن خالي و زوج اختي الهام . و بالسؤال اين يسكن فضل الله برمة ؟ عرفت انه قد رجع بعد ان كان ملحقاً عسكرياً في باكستان ، و يسكن في منزل اختي الهام ، التي كانت في فرنسا مع زوجها و أطفالها . و لأنني لم اعرف البيت فلقد قالت اختي نظيفة : ( تمشي الثورة . لمن تصل بيوت الصول نصر ، تلف يمين . في فسحة . و في الفسحة دي في بيتيت بشبهوا بعض فاتحين شمال . ديل بيوت اختك ) .
لم أجد صعوبة في التعرف على بيوت الصول . لأنها كانت مرابيع كاملة ، و أظنها انها كانت حوالي ثلاثين بيتاً بحيطان متشابهة . و لأنني كنت أعرف بأن القطع في الثورة قد قسمت بتدقيق شديد جداً . و كان الانسان يمنح قطعة واحدة اذا اثبت انه مقيم في امدرمان لفترة طويلة و انه رب اسرة و يجب ان يأتي بشهود و اثباتات . و ان يقسم على المصحف . و السؤال كان كيف تحصل الصول على تلك الاقطاعية .
عرفت فيما بعد ان الصول نصر وصفيه و فردته متعه الله بالصحة حسن بخيت والد الصحفي كمال حسن بخيت ، كان خلف التحريات في امدرمان . خاصة في سنة 1963 1964 . و لقد تزوج الاستاذ كمال حسن بخيت بأبنة الصول نصر .
و المتحري كان شخصية مهمة جداً في ذلك الزمان . و المتحري كان رجل شرطة عادي و ليس له اي خلفية قانونية . اكثر قضية شغلت الناس في امدرمان 1963 ، كانت قضية قتيلة الشنطة . و القتيلة هي عشة هارون . و كانت بائعة هوى ، تسكن مع ثلاثة فتيات في منزل في فريق جهنم . و المنزل في شارع فرعي من شارع نادي الهلال القديم . و له بوابة حديدية كبيرة تفتح غرباً . أتى رجل لأخذها و خرجت معه و هي ترتدي ثوب جديد اسمه اسرار . و غرفتها كانت على اليسار بالقرب من الباب . و زميلتها مريم كانت على اليمين . و هي و بقية الفتيات قد تعرفوا على الشخص الذي أتى لأخذها ، في طابور الشخصية .
الاستاذ الذي تعرفت عليه الفتيات في طابور الشخصية ، كان مدرساً و انتقل الى داره الجديدة في الثورة . و أرادت ام زوجته ان تحفر حفرة دخان ( دكة ) . فأستطدمت عتلة الخادم بشنطة حديدية . و حسبوها خزنة . و عندما حضر الاستاذ اخبروه بخبر الخزنة التي وجدوها . فطلب منهم احضار البوليس . و اعتبر البوليس أنه كان يعلم بأن جثة عشة هارون كانت في الشنطة . و إلّا لحاول فتحها بدافع الفضول . و وجدت جثة عشة هارون و هي ملفوفة بثوب اسرار . و كان ذهبها قد اختفى .
الاستاذ حكم عليه بسبعة سنوات سجناً . و كان يدافع عنه الاستاذ عبد الحليم الطاهر . و لكن في الاستئناف تغيرت الاقوال و اجبرت مريم و الفتيات لتغيير شهادتهم . و شقيق الاستاذ كان مهندساً في بلدية امدرمان . و حكم على الاستاذ بالبراءة . و كان للمتحري دوراً كبيراً في سير هذه القضية .
و بعد هذه القضية بفترة قصيرة وجد ما عرف بقتيلة الكوشة . و هذه السيدة لم تكن وافدة كعشة هارون التي كانت تقول عن اسمها عسة بدل عشة . بل كانت من أهل الوسط و تحمل شلوخ أهل الوسط . و لقد اختفى ذهبها كذلك . و وجدت جثتها في الكوشة او الفضاء جنوب استاد المريخ . و أتهم شاب من اسرة معروفة في امدرمان يبدأ اسمه بالحرف ( م ). و لكن اطلق سراحه بعد اسبوعين لان القانون قديماً كان لا يسمح باعتقال شخص من قبل البوليس لأكثر من ساعات ، إلا بأمر موقع من قاضي . ولا تزيد فترة الاعتقال عن اسبوعين . و لا يسمح بتفريق أو ضرب اي مظاهرة إلا بوجود قاضي . و لا يسمح للبوليس الدخول لدور العلم و العبادة أو المنازل الخاصة .
في 1963 وجد العالم الشيخ السرّاج مقتولاً في منزله في ابروف . و كان قد قطع إلى قطع صغيرة . لدرجة أن الطبيب الجنائي قال بأن الشخص الذي قام بالتقطيع يجب ان يكون جزاراً . و كان المسئول عن التحريات هو العم حسن بخيت متعه الله بالصحة . و لقد اعتقل جزاراً و أظن ان اسمه محمد مصطفى الجاك . و هو صهر الاستاذ حديد ابن الشيخ السرّاج . و لكن اطلق سراحه بعد فترة قصيرة . لأن اعتقاله كان تحصيل حاصل .
كما حقق المتحري حسن بخيت مع زوجة السيد الصديق المهدي و والدة السيد الصادق المهدي . لأنها لفترة كانت زوجة الشيخ السرّاج . و لكن التحريات لم تستمر و نامت القضية .
كانت هنالك قضية كبيرة عرفت في امدرمان بالقضية الاخلاقية . فلقد كان بعض رجال القضاء يريدون ان يوقعوا ببعض رجال دكتاتورية عبود . فدبروا كبسة على احد المنازل . الذي كان يتردد عليه بعض الصبيان و الفتيات القاصرات . و لكن الصيد الكبير لم يأتي ذلك اليوم . و وقع في المصيدة بعض قادة الاحزاب . و كانت فضيحة بجلاجل .و كنا نسمع عن قاضي اخو مسلم متشدد رفض اي مساومة أو اي تنازلات . و لكن القضية سلمت لشخص آخر . ثم نامت .
و قبل فترة كنت اتحدث عن القاضي الاخ المسلم الذي وقف ( دوت) . و أخبرني احد القضاة ان ذلك القاضي كان الاستاذ على محمود حسنين .
من أين أتت اموال الصول نصر ؟. سؤال . في كتاب حكاوي كانتربري السودانية يحكي مفتش المركز بأنه في انتخابات 1953 ، طلب من المفتش ان يبتعد عن مراكز الاقتراع . و لكن الشاويش السوداني الذي كان يرافقة كان مسئولاً عن مركز الاقتراع في ام بطيخ في غرب السودان . بعد فترة عرف المفتش من مفتش في مركز آخر ان الشاويش قد حضر و ابتاع اراضي شاسعة في ذلك المركز . و كشف المفتش أن احد التجار قد اتفق مع الناخبيين في ام بطيخ ، بأن يدخلوا مكان التصويت ثم يضعون ورقة الاقتراع في جيبهم و يعطونها له و يعطيهم عشرين قرشاً . و كان يجمع الأوراق لكي يسلمها لشخص يقوم بأدخالها في الصندوق مع ورقته . و رفع تاجر آخر السعر إلى خمسة و عشرين قرشاً . فقام الشاويش بتهديد التجار الاثنين و ابتذهم و هددهم بأن العقوبة هي سنتان سجن . و أخذ منهم الأوراق و مبالغ محترمة و سلم الأوراق للعمدة . الذي فاز بفارغ عظيم . و صار الشاويش من ملاك الأراضي و من الممكن ان احفاده قد صاروا مليونيرات الآن . بسبب ديمقراطية ام بطيخ .
في نهاية التسعينات اخذت سيارة ليموزين من مطار القاهرة . فعرض عليّ السائق كل الخدمات الممكنة من مخدرات و فتيات … الخ . و عندما رفضت قال لي بأنه يعرف ظابط البوليس الكبير ( عبد …… ) . و أشتهر هذا الظابط الكبير بمنطقة بحري . و قال لي السائق بأنه يلازمه عندما يحضر الى القاهرة . و يؤدي له كل الخدمات اللازمة . فحسبت أن المصري يبالغ . و لكن تكرر هذا الأمر . و عرفت فيما بعد هذا الظابط كان يتصرف في الخرطوم كما يشاء . و كان يستعمل اسم الجلالة بدون عبد .
صديق الطفولة ميرغني راس خروف ، كان من اشداء العباسية . و كان جاراً لظابط البوليس الرشيد دفع الله الفيل . ميرغني اصطدم بظابط البوليس في احدى حفلات العباسية لان ظابط البوليس كان يتحرش ببنات الحي . و اسمه ( أبو …. ) . و كما ذكر لي عسكري الحريقة صديقي يوسف مصطفى و هو شقيق الشاويش النيل مصطفى ، أن ميرغني اشتبك في معركة يدوية مع الظابط و أنتهى الأمر بأعتقاله و مات تحت الضرب و التعذيب في نفس الليلة . و حاول أهل الحي الاستعانة بالظابط الجنتلمان رحمة الله عليه ، الرشيد دفع الله الفيل . إلّا انه كان في مأمورية . نفس هذا الظابط قتل شخصاً بمسدسه عندما طلع عليه مواطن و الظابط في حالة اختلاء في سيارته مع بعض الفتيات في الفضاء خارج امدرمان .
رجل الأمن الذي فقأ عين الطالبة بجامعة الخرطوم حليمة حسين . قدوقدو الذي تفنن في جلد الكبجاب . و الآخر الذي قتل عوضية عجبنا حفيدة السلطان عجبنا في الديوم . و الذين اغتصبوا ابنتنا صفية اسحق ، و الذين تفننوا في تعذيب الناس في بيوت الاشباح ، لم يكن ليجرؤا على هذا العمل لو لم يكن النظام قد سمح لهم . فقد بدأ لؤم البوليس و انفلاته في نهاية ايام عبود . عندما بدأ نفوذ المصرين يظهر في السودان . و بعد ان رفض فاروق حمنالله تدخل الأمن المصري في وزراة الداخلية السودانية ، أبعد من السلطة . و أطلق يد الأمن المصري في الأمن السوداني . و دقي يا مزيكا . و أول ما يجب ان تقوم به الثورة بعد التخلص من قذى الانقاذ هو تطهير الأمن السوداني .
التحية
ع . س . شوقي بدري .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.