نعمة (اللون الفاتح) التي تبذل حواء بلادي قصارى جهدها في الحصول عليها بأي ثمن وتضحي بالغالي والنفيس من اجل ان تمتلك لوناً فاتحاً ولو على حساب صحتها وحياتها الشخصية، ولكن نعمة النساء هذه حقيقتها (نقمة) لدي آدم الجنوب، فاللون، قد يدخل صاحبه في مشاكل جمة ما كان ليتصورها دونه، فهو محل اهتمام اللصوص والمجرمين على حد سواء في اعتقاد انهم قد وجدوا تاجراً اجنبياً في (خط ميت) ولا يمكنهم تفويت الفرصة التي مثلت امامهم على طبق من ذهب، فيعتدون عليه وينهبوا ما في جيبه، فضلاً من انه اصبح جريمة يعاقب عليها القانون ولا سيما لدى رجال شرطة المرور الذين اضافوا (اللون الفاتح) ضمن المخالفات المرورية التي قيل ان عددها (99) مادة للمخالفة، واذا صحّت الرواية فالعدد اصبح (مائة) باللون الفاتح، فإستهداف بعض افراد شرطة المرور للسائقين الأجانب أخذت شكلاً ممنهجاً، فمعظم المخالفات المرورية في مدينة جوبا تسجل ضد الاجانب، وتُجني منها اموالاً طائلة، فالأجانب يدفعون قيمة الايصال المالي للمخالفة المزعومة التي سجلت في حقهم دون ادنى نقاش مع رجل المرور، وما كان لهم فرز الاجنبي من الوطني لولا اللون الفاتح الذي اعتقدوه عن جهل انه سمة خاصة بالاجانب، واذا شاء قدرك وولدت من بطن امك في جنوب السودان وانت فاتح اللون فتأكد انك عرضة لكل هذه المسائلات. بالامس القريب كنت عائداً من مكان العمل الى الحي الذي اسكن، وكان الازدحام المروري في الطرق ومحطات المواصلات في اوج ذروته عند ساعات المساء، وبينما كنت واقفاً اسفل الطريق انتظر المواصلات، جرى حدث امامي بين افراد شرطة المرور وسائق عربة المواصلات (الهايس) وهو جنوب سوداني لا غبار عليه، وظنه رجال المرور بانه اجنبي بسبب لونه الفاتح و رايت واحد من افراد شرطة المرور وهو يفل لوحات سيارة الرجل بالمفتاح، ومن باب الفضول سألته لماذا تفعل هذا؟ فقال ان هذا الرجل اوقف سيارته في طريق مزدحم وعطل بذلك الحركة المرورية، فقلت له أليس لكم خياراً آخر للعقاب غير فك اللوحات؟ ومن سيتحمل نتيجة اي حادث مروري محتمل قد يرتكبه الرجل في طريقه وهو يقود سيارة بلا لوحات وانتم اعلم مني ان معظم سائقي السيارات في مدينة جوبا يهربون بالسيارة عند ارتكابهم للحادث المروري حتى لا تطالهم المساءلة؟ ويبدو ان محدثي لا يفقه في قوانين المرور وفلسفتها الكثير غير التعليمات التي اعطيت له، ولذلك تعذر له الجواب، فقلت لصاحب السيارة ولماذا انت ايضاً توقف سيارتك في طريق مزدحم هكذا؟ فقال لي ان هذا الرجل اعتقدني اشحن الركاب في الطريق، وهذا غير صحيح، فسيارتي خالية من المقاعد فلقد خلعتها وتركتها لدي (المنجد)، فالكراسي قيد التنجيد ولا يوجد سبب يجعلني اتوقف لولا الازدحام الذي اغلق الطريق امامي، وهذا ما لا يريد ان يفهمه هذا الرجل. وفي الاثناء جاء رجل مرور آخر وطفق يحدث صاحب السيارة باللغة الانجليزية، فاعتذر وقال له (يا جنابو انا لا اتحدث الانجليزية)، وكانت الدهشة واضحة في عيني رجل الشرطة، فسأله بالعامية (انت من وين! حبشي ولا صومالي؟) فاعتذر للمرة الاخير وقال له انا جنوب سوداني وليست لي أي علاقة لي بالصومال ولا الحبشة!! اتمنى من ادارة المرور ان تعيد النظر في أمر بعض منسوبيها بالمراقبة اللصيقة لهم وبما يفعلونه في اطراف الشوارع، كما نطالبها بايقاف ما اشبه بالاستهداف الممنهج ضد السيارات التي تقودها أجانب، ولا يفوتني القول ان فك لوحات السيارات ليس بالأمر الصائب في نظري نسبة لان الأمر قد يحتمل تبعات سالبة وغير متوقعة، وقبل هذا وذاك يجب الا يعاقب افراد المرور الناس على الوان بشرتهم. سايمون دينق