اخر العنقود اشعلت قناة الجزيرة نارا وقودها كثير من الاسماء والترابى فى مسلسل شاهد على العصر غير ان المسلسل لا يعرف له بطل ولا يستطيع ثاقب نظر ان يعرف ما تكون عليه النهاية رغم ما تشير اليه البداية . احيت الجزيرة نارا اماتتها الايام وتجاوزها الاهل والجيران لان البينة لم تكن بينة وان كانت لكان عفو الجار سابق فما بين ابناء الوادى نهر ماء جارى ودم فى الارحام سارى, فمنذا الذى يوقف النهر عن الجريان؟ ومنذا الذى يقوى على قطع الرحام ؟ اثارت الجزيرة عواصف وزوابع وبرق ورعد , حركت فتن سكنت واقامت قيامات فيها نار ولا اظن انها ذات جنان . دعنا عزيزى القارى نمشى سويا بلا عجل لعلنا نصل لما وراء هذا المسلسل اللجى الذى تختلط فيه الرحمة والعذاب , دعنا نتعرف سويا على البطل ولا يهمنا هنا ان نعرف من هو الخائن , فالبطل دائما حى والخائن ميت وضرب الميت لا يليق بالاحياء. مسلسل الجزيرة خرج عن الاشخاص والمسئوليات الشخصية ودخل نطاق الشخصية الاعتبارية التى قد تحول القضية من المحلية الى الاقليمية ومن ثم الى الدولية. ان ما جاء فى مسلسل الجزيرة من افادات واقوال سميناها تجاوزا شهادة على العصر بحكم اسم البرنامج " شاهد على العصر " لا نستطيع ادراجها ضمن الشهادات التى يدلى بها شاهد فى قاعة محكمة علاوة على ما بينته فى مقال سابق بعنوان " شاهد العصر ذهب " حيث ذكرت ان للشهادة قواعدها وشروطها ولوازمها , ومما اود قوله فى هذا المقال هو ضرورة البعد عن الاحكام وضرورة الالتزام بالدقة وعدم تبرئة او تجريم هذا او ذاك بقدر ما يجب ان نتناول فيه قضايا ذات حساسية بموضوعية المحلل المحايد والبعد عن اعمال القاضى والحاكم . ان ما يجب ان يهمنا هنا هو التعرف على من هو المستفيد من بث هذا المسلسل الذى يمس علاقات شعوب ولا اقول امة , كما يمس رموز دول اتفق الناس عليها او اختلفوا, كما انه يمس سمعة قناة تمثل صرحا اعلاميا هرما جعلت من الجزيرة قوة عالمية ومن قطر قارة عظمى رغم حداثتها وخضرة عودها, فهل تفجير العلائق بين الاشقة هدفا تنشده القناة حتى ولو كان بينها وبين القاهرة من شحناء وبغضاء, وهل اثارة القلق والتوتر بين ابناء الشعب السودانى الواحد مما يسر الجزيرة . لقد اثارت قناة الجزيرة كثير من القيل والقال ولكنا نقف فى اتجاه حسن الظن وان كنا نرى ان مسلسل احمد منصور يستحق 10 من 10 ونجمة من حيث المهنية والمهارة الحوارية والاستجوابية ولكن من جهة المقاصد وما تأول اليه الامور وما ينجم عنها من خراب فى علاقات الجوار واثارة للفتن بين الشعب الواحد خاصة وان كان يعانى من عدم وفاق اومصاعب فى التوصل لاتفاق بين احزابه ومكوناته الفكرية والثقافية والسياسية , ولا اعتقد ان ما نتج عن المسلسل صيدا لانه القى بالشباك فى ماء عكرليس فيه من خير البحر ما يسر الصائدين وما اراه الا اضرام النار فى امواه الانهار وفى هذا خراب ودمار لو وضعته الجزيرة فى الميزان لفضلت التروى فى نشر هذه الشرارة ولاثبتت لكثير ممن لا يحسنون فيها الظن عكس ما يظنون ولاثبتت انها قتاة الامة عربية كانت او اسلامية . وحتى لا نظن ان مسلسل الجزيرة هو بمعزل عن ما يدور حولنا وان كل ما يمس العروبة والاسلام يتبعه فعل او رد فعل من هنا او هناك فللنظر اليوم للتقارب الاسرائيلى الافريقى والذى جاء بعد الضربات الموجعة التى نالت الحركات الاسلامية بصنع ايديها او بفعل خارج , وها هو نتينياهو يقود وفود بلاده ليفتح افريقيا من جديد من بعد ان كانت اعادتها الجامعة العربية فى عصر اللاءات الثلاثة والتى انشئت على اثرها المصرف العربى للتنمية العربية فى افريقيا عوضا عن قطع عدد كثير من الدول الافريقية لعلاقاتها مع اسرائيل تعاطفا ومساندة لقاضايا العرب والعروبة والاسلام اذا اعتبرنا القضية الفلسطينية قضية ذات ابعاد ثلاثية انسانية عربية اسلامية , وها هو الان نتينياهو يجوب جوارنا الجميل من اهل النجاشى ليشكل وسيطا مائيا جديدا بين مصر شقيقة الوادى واثيوبيا اخت بلادى . وقبل ان اختم هذا المقال اتمنى ان تعرف الجزيرة وقناتها انها مصدر فخر لكثير من العرب والعجم وستظل ان ظلت رسالتها لم الشمل ورأب الصدع والتوفيق والتوليف بين المختلفين وطالما كانت بردا وسلاما بالحق وحتى تكون عونا للظالم برده عن المظالم وعونا للمظلوم بالوقوف معه حتى ينهض ويقوم , ثم رسالة اخيرة تذكرة لشعبى الوادى ان يتحد ولو اختلف وان يصمد وان مسه العسر و انه لمنصور رغم كيد الاعادى وعاشت مصر والسودان سندا للامة وبهجة للوادى . و شكرا عزيزى القارئ الكريم على الصبر الجميل. رشدي محمد الباشا [email protected]