يوم امس كنت اسير في وسط الخرطوم عند الساعه الحادية عشر صباحا وفجاة دب هرج ومرج وهلع وسط بائعات الشاي والباعه الجائلون وماسحي الاورنيش الذين يتخذون من السوق العربي موقعا لهم لكسب ارزاقهم بالحلال تلفتت يمنتا ويسرا فلم ارى مصدر الرعب الذي فر منه الرجال والنساء والاطفال فاستوقفت احدى بائعات الشاي التي لم تلتقط انفاسها بعد وسألتها عن سبب الرعب الذي تعاني منه فقالت لي (عربية المحليه ماشى علينا عشان تأخذ حاجاتنا ويبيعوها في الدلاله ) فعادت بي الذاكره الي قرار الشعب البريطاني حول الخروج من الاتحاد الاوربي عبر استفتاء شعبي واستقالة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كميرون بسبب هزيمة برنامجه الداعي لبقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الاوربي الذي جعل من لندن عاصمة الاتحاد الاوربي للمال والاعمال فالذي كان يدور في خاطري ليس مقارنه الاوضاع بين لندنوالخرطوم في الحقوق والواجبات والحربات العامه وخصوصا ان العمل المشروع مهما كان تصنيفه الاقتصادي والاجتماعي حق مكتسب لايمكن الغاءه بينما تعمل سلطات الدوله على تنظيمه مسأله لايختلف عليها اثنان ولكن ان تقوم سطات الدوله بحرمان مواطنيها من الكسب الحلال وتفرض عليهم البطاله الاجباريه باساليب غير انسانيه الغرض منها الاستيلاء على اواني واكواب ومقاعد بلاستيكيه وعلب ورنيش من اجل بيعها لتوفير اموال لسد عجز ميزانيه الدوله التي انهارت قبل بدء العمل بها في بداية العام الحالي فان موضوع كشات بائعات والباعه الجائلين ومصادرة ممتلكاتهم يتطلب من المسؤليين في الدوله التأمل في قرار رئيس الحكومه البريطانيه بالموافقه على مشروع الاستفتاء الذي خسرت بموجبه بريطانيا مليارات الجنيهات الاسترلينيه من اجل رفاهية الشعب البريطاني التي اخذت تتراجع بسبب عضوية الاتحاد الاروربي فيما مواطنو ولاية الخرطوم لايفهمون شيئ عن الرفاهيه ولكن يبحثون عن توفير الحد الادني للحصول على لقمة العيش التي لاتتعدى وجبه واحده في اليوم ولذلك مصادرة اواني بائعات الشاي وماسحي الورنش وبضائع الباعه الجائلين سيؤدي الي اشاعة الجوع وسط الاطفال وامراض سوء التغذيه الذين يعتمدون بصوره كليه على دخل اسرهم من الاعمال الهامشيه المعرضه للمصادره من قبل سلطات ولاية الخرطوم فالدوله ما دامت تخلت عن واجباتها الاجتماعيه تجاه مواطنيها عليها ان تدع المواطنيين يكابدوا تدبرامور معيشتهم اليوميه فالعاصمه الحضاريه التي يلاحق الضعفاء بشعاراتها لا يتحقق مشروعها في ظل وجود الجوعى والاطفال المحرومين من التعليم وتدهور الخدمات الصحيه ولذلك ندعوا كل المسؤليين الحكوميين ومتعاطي السياسه تفتيح اعيونهم وعقولهم تجاه ارادة وعقلانية رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كمرون الذي قبل مشروع الاستفتاء مكرها لان مقترح الاستفتاء على خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الاوربي لم يقدم من مجلس العموم البريطاني او اللوردات وانما اقتراح طرح من قبل نقابات العمال والمزارعيين والرعاة والحرفيين والمهنيين البريطانيين الذين ضاقوا زرعا بمواطني دول اوربا الشرقيه الفقيره الذين هاجروا الي بريطانيا باعداد كبيره واستقروا فيها منذ ان نالت بلدانهم على عضوية الاتحاد الاروربي في بدايه القرن الحالي فالنقابات كانت تريد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي لان المهاجرين الجدد تمتعوا بالخدمات على حساب الطبقه الوسطى في بريطانيا التي حرمت من الرفاهيه فما كان امام رئيس الوزراء البريطاني خيار سوى الاستجابه الي رغبة مواطنيه الذين انتخبوه وحزبه لدوره برلمانيه جديدة رغم عدم قناعته بخروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي ولذلك سيغادر ديفد كميرون اليوم رئاسة الحزب ورئاسة الوزراء تقديرا لنسبة (2%) من المواطنيين البريطانيين الذين رجحوا كفة خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي رغم ان دورته البرلمانيه لم تنته بعد وان حزبه لا زال يملك الاغلبيه في البرلمان البريطاني لان بناء الامم والاوطان لا تتم الا باحترام ارادة الشعوب . [email protected]