حالة من الركود واليأس قد تسللت الي مهنة الصحافة والصحافيين في وطنا الحبيب فلم تعد هذه المهنة الإنسانية والأقرب الي هموم الشعب والمواطن جاذبة لدي المشتغلين بها ناشرين وصحافيين فما كنا نسمع به من تردي في القطاعات الاقتصادية الأخرى كإغلاق المصانع أبوابها أو شركات خرجت من السوق ورؤوس أموال توارت الي الخارج وأخري انحسرت وبعضها نفد هاهي ذات الصورة الماثلة تحاصر صناعة الصحافة في السودان التقيت بالأمس زملاء وأصدقاء يعملون بالصحف اليومية بعد غيبة امتدت لعام آثرت خلالها أن أبقي في وظيفة من ذات الشاكلة بولايتي رغم حضوري للعاصمة باستمرار مكتفيا بتقديم الأخبار وأحداث الولاية من تغطيات لم أتوقع أن يصل الحال بينهم كما هو علية جميعهم يتحدثون عن الهجرة وعن البحث عن مصادر أخري أكثر احتراما في كسب الرزق والعيش مما يلاقونه من ظلم أصحاب الصحف مرتبات لا ترتقي لأبسط المهن الهامشية ورغم ذلك تجدها ثابتة عاما بأكمله لا يتم زيادنها وبعضهم لا يصرفونها في حينها وتصل متأخرات بعضهم الي شهرين وثلاثة بل للأسف بعض الناشرين يطلبون من الصحافيين الموافقة علي تخفيض مرتباتهم التي لا تفي مطلبات أسرهم بسبب الضائقة وبعضهم يتجه الي طريقة الكشف فتسمع ان عشرات الصحافيين قد تم انهاء خدمتهم أقول ذلك ومدينة الصحفيين في ام درمان الوادي الاخضر تحولت الي مدينة مواطنين عطاله . كبار القامات الصحفية تجدهم بلا عمل وتستغرب ايما استغراب حين تعرف ان مدينة الصحفيين يعمل فقط بها ثلاثة الي اربعة في صحف والبقية اما عاطلا او مهاجرا وهكذا حال هذه المهنة التي جرت في شرايين الكثير من الزملاء ومحبوها ولكنها بخلت عليهم ولم تقدم لهم من الاحترام ما يشفع لها ولملاكها يوما . ومفارقات أخري أكثر إدهاشا بعض رؤساء تحرير الصحف قد أصبحوا من الأثرياء ورجال الأعمال وتطاولوا في البناء ويتباهون بإمكاناتهم المادية مستعرضين كل ما لديهم دون حياء ونظرة إنسانية لمن شردوهم وسهروا الليالي لتحرير مواد هذه الصحف التي أوصلتهم إلي هذا المجد الزائف . والاتحاد العام للصحفيين لا أدري من أين أتناوله فهو يا سبحان الله أصبح أداة ضعف وانهزام للمهنة نفسها ناهييك عن المنضويين تحتة من الجيش الجرار أصحاب الأعمال المختلفة الذين يمتلكون بطاقات المهنة دون امتهان وهو يغفل عن عمد دورة ورسالته تجاه الزملاء لا دورات تدريبية ولا غيرها وان وجدت تتم بطرق لا تمت الي المهنية بصلة ولا وقوف أمام الناشرين لتحسين ظروف الصحفيين ومرتباتهم ولا مراعاة لقضايا انسانية عاثرة يمر بها الزملاء ممن قضوا حياتهم وقدموها خداما في بلاط صاحبة الجلالة من أمراض وظروف قاهرة جعلت من بعضهم قابعا في السجون وبعضهم يتلوي جوعا وبعضهم توسد الثري وبعضهم يهيم علي وجهه وهم للأسف قادة اتحادنا وصحفنا اليومية متنعمين متنقلين بين دولة أخري تتطاير في ايديهم الحوافز والدولارات يعجبهم من الزملاء من يتملقهم ويبرع في مدحهم زيفا ولا مكان لممتهن لا يجيد "تكسير الثلج" كما يقولون بينهم ، علاقاتهم تمتد وممتدة بالمسؤوليين وباسم المهنة وأصحابها يستمتعون بكل ما هو متاح يسافرون الي الخارج والولايات ويغتنمون ما يغتنمون بحجة انهم يطورون المهنة ويغفلون مركزها الرئيسي . أقول هذه الحديث وأمامي تجربة مريرة وأعتبرها مقياسا لفشل اتحادنا وقادة صحفنا ولهذه المهنة في بلادي وهو الاستاذ عادل حسن البلالي الذي لزم سرير المرض منذ آخر تغطية له في مفاوضات السلام قبل عام في أديس ابابا وعاد وهو يعاني المرض يوما تلو آخر أجريت لها عمليات متعددة لم تترك له ولاسرتة مليما ولم يتمكن من السفر الي الخارج الرجل برغم ما قدمة في المهنة طوال ربع قرن ونيف لم يجد مؤسسة تهتم به فهو قابع طريح الفراش يكتوي بنارة سألته ضمن برنامج اعددناه لتكريمة في رمضان لدورة كصحافي ومحلل وصاحب تجربة تستحق التقدير ماهي مجهودات اتحادنا الموقر معك ؟ فلم يرد الرجل إكتفي بالحمد لله لم نحتاج لهم والاخوان والمعارف لم يقصروا في حقي وبعدها علمت أن خيرين زاروه ووقفوا الي جانبة وابناء منطقتة في كردفان الكبري وكذلك زاره وزير الاعلام ورئيس اتحاد الصحفيين حيث لم يقدم الاخير شيئا ولو مقترح لعلاجة ومساعدتة مكتفيين بظرف صغيير للوزير وقد أعلن في ذات الزيارة تبرع بعشرة الف علي لسان أحد أعضاء وفد الاتحاد ومنذ تلك الزيارة لم يروا زميلهم المريض ولم يوفوا بما وعدوه به فهل يكون الآخرين أرأف بنا ممن هم يتولون أمر اتحادنا قمة التردي والسقوط حينما يجهل المرء قيمة تكليفه .فلا جديد في صحافتنا بل تظل كما جاءت في تقرير مراسلون بلا حدود ومؤشر الصحافة العالمي في أسفل القائمة لا يزال صحافيوها يرزحون تحت ضغوط هائلة، سياسية وأمنية واجتماعية، والكثيرون منهم تركوها وما تبقي سيتركها اذا ما استمرت كما هي علية أو سيموت فقرا وحسرة . [email protected]