بعيون دامعة وقلوب حزينة فجع الكثيرون عبر وسائط الإعلام المختلفة بنبأ وفاة الدكتور/ الطيب حاج عطية صباح الخميس الموافق 24/7/2016م، ذلك العالم والمتعلم الجليل والمعروف في مجالاته المتعددة. الراحل المقيم عرفته اللقاءات والندوات وورش العمل المختلفة. عندما تختلط الدروب وتتشابك الخيوط وتتعقد الأمور كانت آراء دكتور الطيب الثاقبة هي المخرج. ولد الفقيد د. الطيب في مدينة الدويم عام 1949. درس المرحلة الأولية بمدرسة بخت الرضا الأولية، والمرحلة الوسطى بمدرسة الدويم الريفية، والتحق في المرحلة الثانوية بمدرسة خور طقت الشهيرة. تأهل الراحل دكتور/ الطيب تأهيلاً مزدوجاً ومتنوعاً، حيث تحصل أولاً على درجة البكالاريوس والدبلوم العالي من كلية القانون – جامعة الخرطوم، ثم حصل على درجة الماجستير في الإعلام من جامعة سيراكيوز بالولايات المتحدةالأمريكية. لم يتوقف ضموحه عند هذا الحد حيث واصل مسيرة التعليم العالي ونال درجة الدكتوراة من جامعة السوربون - أشهر جامعات فرنسا بالعاصمة باريس. كان الراحل دكتور/ الطيب حاج عطية ذو طموح واسع لا تحده حدود، وكان يحب العلم والتعمق فيه. نال دبلوم الدعاية السياسية من معهد الدعاية بموسكو، ثم بعد ذلك دبلوم الإعلام العالي من جامعة جنيف في سويسرا، وزمالة الإعلام من جامعة أوكلاهوما الأمريكية. تدرب في مجال تخصصه عملياً في عدة مؤسسات عالمية ذات شهرة ومصداقية: وكالة الأنباء الفرنسية وهي إحدى الوكالات الأنباء العالمية المشهورة، إدارة إعلام الأممالمتحدة في نيو يورك، صحيفة الواشنطن بوست، صحيفة لوموند الفرنسية، راديو سي بي سي في مدينة قراند رايترز الأمريكية، راديو آي بي إس بمدينة سانفرانسيسكو الأمريكية. كل هذه الشهادات والخبرات العلمية والعملية المتراكمة والمتنوعة جعلت من دكتور / الطيب خبيراً في مجال تخصصه ومرجعاً من مراجعه الهامة ومنبعاً من منابع المعرفة وكنزاً من كنوزها. أما خبرته العملية فشملت: مدير الإدارة السياسية بتلفزيون السودان، مدير المطبوعات والنشر بوزارة الإعلام، مدير وكالة لسودان للأنباء، رئيس تحرير مجلة آداب-جامعة الخرطوم، رئيس مجلة فنون إذاعية، رئيس تحرير مجلة الخرطوم، رئيس إدارة مجلس صحيفة الأحداث. أما في المجال الأكاديمي بجامعة الخرطوم فقد تقل المناصب التالية: رئيس مركز الإعلام، عميد كلية الدراسات الإضافية، عميد شؤون الطلاب، عميد المكتبات، مدير معهد أبحاث السلام، ، مؤسس ورئيس قسم الإعلام. كان دكتور/ الطيب حاج عطية يجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية تخاطباً وكتابةً بجانب العربية. خلال إدارته لمعهد أبحاث السلام بجامعة الخرطوم ترأس وأشرف على العديد من المؤتمرات وورش العمل والسمنارات الخاصة بقضايا والسلام والتحول الديموقراطي والنزاع في جنوب السودان والشرق ودارفور وأهمها مؤتمر برلين الذي أفضى إلى توقيع إتفاقية نيفاشا. كما شارك في مؤتمر بكين الدولي ومؤتمر موسكو الخاصين بنزاع دارفور بدعوة من الحكومة الصينية والروسية. شارك أيضاً في مؤتمرات أخرى بالقاهرة، أديس أبابا، كمبالا، نيروبي، دار السلام، بروكسل، لندن، باريس، نيويورك واستكهولم. يتضح من السيرة للذاتية للراحل المقيم دكتور/ الطيب حاج عطية أنه كان موسوعة. كان هو نجم كل الندوات وورش العمل والفعاليات وكانت له مقدرة فائقة في تجميع الأفكار المشتتة وصياغتها بصورة تقنع الجميع. كان خبيراً قومياً سخر خبراته لخدمة الوطن من خلال مشاركاته القومية المتعددة، حيث كان رئيساً للجنة الخبراء التي أعدت مشروع الإنتخابات، كما ترأس لجنة الخبراء لإعداد دليل البرلمانيين ولجنة أخرى لإعداد قانون الأحزاب، كما أنه كان المقرر العام لمبادرة أهل السودان لحل أزمة دارفور. كما لاحظنا فقد كان دكتور/ الطيب مثابراً في منقشة القضايا السياسية ومقداماً حول قضايا دارفور ومشاركاً دائماً في كثير من أنشطة منظمات المجتمع المدني. تعرض دكتور الطيب حاج عطية قبل عدة سنوات لجلطة أثرت في حركته اليومية ولكنها لم تمنعه، كان يقود سيارته بنفسه وكان يصر على صعود السلالم للمشاركة في أي منشط دعي له وما كان يرضى أن يغير موقع المنشط تقديراً لظروفه لأنه كان يعتبر صعود السلالم تمريناً رياضياً مفيداً بالنسبة له.، من أجل العمل الوطني كان ينسى نفسه وأسرته وكان يقضي جل وقته في مكتبه مستقبلاً لزواره الأجانب والمحليين وطلابه ومريديه والكل يريد أن يأخذ منه النصح والمشورة والرأي وما كا يبخل على أحد في تقديم اللازم. كان دكتور/ الطيب في مكتبه حتى آخر ليلة قبل وفاته، ولذلك فاجأت وفاته الكثيرين الذين شاهدوه عشية وفاته منهمكاً في العمل بمكتبه. كان الفقيد الراحل إسم على مسمى فقد كان طيباً في كل تعاملاته وفي مسافة واحدة مع الجميع ويعتبر أحد القامات السامقة في بلادي، صاحب مواقف مبدئية ثابتة ولم يكن يغريه المال أو المنصب، في زمن صار فيه اللهث وراء المناصب والوجاهات ديدن الكثيرين. كان دكتور/ الطيب حاج عطية يتمتع بشخصية سمحة توافقية سعى بإخلاص إلى تجسير الهوة بين أبناء الوطن ونشر ثقافة السلام وقبول الآخر. طبت ميتاً كما طبت حياً فقيد البلاد عامة، سلام عليك في الأولين وسلام عليك في الآخرين وسلام عليك في الملأ الأعلى إلى يوم الدين. سلام عليك يوم ولدت وسلام عليك يوم مت وسلام عليك يوم تبعث حيا. تقبلك الله قبولاً حسناً وجعلك من النبيين والصديقين والشهداء. [email protected]