في 17 نوفمبر 2014م ورد خبر بصحيفة «الإنتباهة» بصفحتها الأولى عنوانه: «السجن والغرامة لمخالفي قانون التعليم الخاص بالعاصمة» مستهل الخبر يقول: «كشفت مسودة مشروع تنظيم قانون التعليم الخاص لولاية الخرطوم عن عقوبات بالسجن والغرامة لأية مدرسة أو مدير مدرسة أو معلم يخالف أحكام هذا القانون». ومن سياق الخبر تقرأ أيضاً أن عدداً من المعلمين وأصحاب المدارس «دقوا جرس» بلغة اليوم محتجين على هذه الفقرة في المسودة وطالبوا بإلغائها، وقالوها بالحرف الواحد: «لا يعقل أن يسجن أي معلم.. نحن نربي ونعلم ونخدم وتجوا تسجنونا»؟! وفي 17 اكتوبر 2014م يمر على بخت الرضا «ثمانون عاماً» على تأسيسها .. في «17 أكتوبر 1934 وهي اول مؤسسة انشئت بالسودان للتعليم والمناهج وتأهيل المعلمين. فلو اجتمع التاريخان: «17 اكتوبر 1934» و«17 اكتوبر 1963» ب «17 نوفمبر 2014م» تاريخ نشر الخبر لالقاء الضوء على الحالة العامة التي وصل إليها التعليم والمنهج والمعلم في السودان لكفاهم فقط خبر «17 نوفمبر 2014» الذي يوصي بسجن المعلم. ولدقت بخت الرضا كل اجراسها وليس التعليم وحده!! ومن المفارقات التي يمكن أن نقرأها عن مؤسسي التعليم الأوائل: «مستر قريفث اول عميد لمعهد بخت الرضا ومساعده الاستاذ عبد الرحمن علي طه ونخبة من المربيين والمعلمين السودانيين الاوائل أن سكناهم كانت في بيوت من القش «القطاطي». ومن تحت «قبة» تلك القطاطي كانت احتفالاتهم «1963» بمرور 29 عاماً تتمثل في 1/ اندية الصبيان 1943 وهواول نادٍ للصبيان بمدينة الدويم، ثم انطلق بعدها لباقي انحاء السودان. 2/ محو الأمية 6/11/1948 حيث افتتحت اول حلقة بالدويم 3/ ارشادات المرأة. 4/ مكتب النشر وكانت منه مجلة الصبيان. 5/ الفنون الجميلة بدأت ببخت الرضا ثم افتتح بعدها المعهد الفني بالخرطوم 1951.. ومنها ولدت جامعة السودان. 6/ الرياضة وقبل ادخال التربية البدنية ببخت الرضا لم يعرف الرياضيون والاندية في الرياضة غير كرة القدم والسلة، وتم ذلك في غضون عام 1952. ودعونا نستعرض آراء وتعليقات الاوائل الذين وضعوا لبنة التربية والتعليم ببخت الرضا ثم السودان قبل ان «نتخيل» آراءهم في مشروع قانون صدر في عام 2014م، وجعل المعلمين لا يدقون الجرس ببدء حصة التربية الوطنية أو التربية الإسلامية أو أية حصة أخرى، ولكن «الجرس» يدق احتجاجاً على مشروع قانون قد يجاز فيه فقرة تنص على سجن المعلم!! وآراء الاوائل وهم فخورون بمسيرة التعليم آنذاك تقول: 1/ المستر «قريفث» اول عميد لبخت الرضا زار السودان عائداً إليه في عام 1957م، اثنى على المعهد لما وجده من تطور قياساً بما تركه. 2/ العميد الثاني المستر «هوجكن» قال عن المعهد: اذا قارنا مدارسنا الاولية باغلب المدارس في افريقيا وربما في الهند، نجد أن ان مدارسنا أعلى منها في مستوى المدرسين. 3/ العميد الثالث عثمان محجوب قال في مؤتمر جنيف الدولي للتعليم 1958م ان من الاهداف الرئيسة للتعليم هو اعداد الاطفال للاشتراك اشتراكاً فاعلاً في حياة الأسرة والمجتمع والأمة واطفال الامس هم رجال اليوم. 4/ العميد الخامس الدكتور احمد الطيب احمد قال إن المدرس يحب امكانات تلميذه ويحب فيه الرجل الذي يتمخض عنه في المستقبل. 5/ السيد عميد المعهد العالي آنذاك مندور المهدي قال: هذا الطفل الذي نهيئه للحياة هو مسؤولية ومتعة ودراسة عميقة تحتاج منا إلى فهم واسع ولا اقل من ان نأخذ قضيته مأخذ الجد. تدق الأجراس اجراس المعهد العالي ومعاهد المعلمين والمدارس.. والجامعات واجراس تاريخ بخت الرضا.. تدق والتعليم اليوم ليس كما بالأمس كان يدار من تحت قبة القطاطي بتجرد ونكران ذات. تدق وهجمة شرسة عالمية هي الأخرى تدق اجراس ثقافات وافدة ووسائل نافذة خطيرة.. فضائيات وتلفزيونات وموبايلات ولابتوبات وجلكسات وواتسبات وكل عائلة «آت» التي أتت إلينا بعد أن افتتح حفيد بسمارك تلفزيون السودان بمعداته التي اهدتها ألمانيا للسودان.. وتدق الأجراس وقد كثرت المعاهد والجامعات وانتشرت في كل الولايات وكثرت الشهادات من الدبلوم وحتى الدكتوراة في كل التخصصات.. تدق الأجراس وقد اختلط الحابل بالنابل ووصلت القضية مرحلة مشروع قانون: قد ينص على سجن المعلم. هل تستطيع عزيزي القارئ احتمال كل تلك الاجراس؟!!.. وقد تطور امر التعليم لمشروع قانون كهذا؟!