(1) العلمانية حسب تعريفها المشاع لدى الجميع تعني ------ اﻹيمان بإمكانية إصﻼح حال البشر من خﻼل الطرق المادية دون التطرق لمسألة اﻹيمان بالقبول او الرفض وأيضا تعني العالم والعلم وتنطق اما العلمانية ب(بفتح العين) لتعني العالم او الكون، او تنطق العلمانية ب(بكسر العين) وتعني العلم، وبهذا التعريف تشق العلمانية طريقها نحو إصﻼح حال البشرية بالطرق المادية، وما ينتجه العقل المتجرد الذي يهتم بالتطور الكوني ونقل المجتمع إلي حال افضل. وقد نستطيع إعطائها تعاريف آخرى مثل ----- تصورات العقل البشري المجرد من لباس اﻷديان والمؤثرات الطائفية لبناء الدولة والمجتمع علي أسس عادلة. او هي ----- نظريات سياسية واقتصادية متجددة أنتجها العقل ﻹدارة الحياة البشرية. او ---- منهج العقل والمنطق لتأسيس الدولة المتمدنة. العلمانية ومشكلة المواجهة والصدام مع اﻷديان، مسألة يجب علي المثقفين والعلماء مناقشتها بجدية، فالعلمانية بكل بساطة تحافظ علي المجتمع بإيقاف صراع اﻷديان والمذاهب من اجل السلطة او حول السلطة وذلك بفصل الدين عن السياسة، وتحافظ علي قومية الدولة بفصل الدين عن الدولة، وفي الوقت نفسه تعترف بالحريات الدينية والسياسية والثقافية، وترتب الحياة بوضع الفكر والسياسة في مكان بعيد عن مكان اﻷديان السماوية والمعتقدات اﻷرضية، وتنظم شكل العﻼقة بين المجتمع ومؤسسات الدولة والذي يقوم علي المواطنة بﻼ تمييز. (2) 000000 تعتمد الجماعات الدينية خاصة المتطرفة منها سياسات الترويج السالب لدعايات تشويه المنهج العلماني، ومحاولة وصمها ووصفها باﻹلحاد والكفر، مع ربط ذلك باﻹنحﻼل الجنسي والخمر كونها أمور منفرة، ويعتقدون أنهم علي حق مطلق، وﻻ مجال لديهم للدخول في حوار متمدن شفيف حول مفهوم الدولة العلمانية والأسس العلمية التي يجب تتبعها لإدارة الحياة البشرية وتحقيق النهضة الكونية، ﻷنهم ما إن قبلوا بذلك سقط الستار وبان ما خلف الجﻼليب، وإتضح لكل الناس أنهم يغلفون سياساتهم الخبيثة باسم الله اكبر، ويقتلون اﻹبداع البشري ويحاربون العلم ويسعون ﻹرجاع المجتمعات إلي العصور المظلمة قبل ظهور الدولة وتشكل مؤسساتها وتطورها إلي أن اصبح العالم بشكله الحالي، وفي دعاياتهم تلك اسباب لسقوطهم ومتى ما تمكن الناس من بسط التنوير ونشر الحقائق عن الدولة العلمانية، سيكون التغيير سهل وستزول تلك الجﻼليب والدقون كلها سوف ترجع إلي سكناتها الطبيعية، وقتها سوف يبدء العمل في تحرير المؤسسات وفصل السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية عن سطوة الشعارات الدينية وتعريف مهامها وخارطة عملها وبرامجها، وقتها سوف تنتج الجامعات عقول مستنيرة ومنتجة اكثر، وقتها سوف تكون الحريات والعدالة اﻹجتماعية ويكون لﻺنسان قيمة كونية، وقتها يكون اﻹنتماء للمجتمع إنتماء إنساني واﻹنتماء للدولة علي أساس الحق والواجب، وقتها ستزدهر الثقافات وتقوم النهضة اﻹقتصادية المدروسة بنظريات وخطط علمية، وإلي أن يأتي ذلك نظل في حراكنا المتواصل للمساهمة مع اﻵخرين في تعريف المجتمع بالعلمانية وضرورة تطبيقها. (3) 000000 تظل جدلية العلمانية واﻷديان مطروحة علي اوسع نطاق، ويحسب دعاة الدولة الدينية أن العلمانيون يعملون لسحب البساط منهم، ورغم أن حديثهم هذا يحمل جزء من الحقيقة، إﻻ اننا نراهم يحاولون تصدير مفاهيم آخرى تشوه العلمانية في اعتقادات المجتمعات، واخطرها تكفير الفكر الحر والزج به في مواجهة كبرى مع اﻷديان، ويؤكد المشهد الراهن استمرار معركة التحول إلي دولة مدنية بمؤسسات حرة، طبقا لتشابك الجدل الفكري بين مكونات المجتمع، مع تباعد وجهات النظر والمفاهيم بين تيار دولة العلمنة وتيار الدولة الدينية، والرد علي اﻷحاديث الضعيفة التي يرتكز عليها التيار الأخر يسوقها الواقع الكوني ومنطق العقل ولا تحتاج لمجهود فكري، فالدولة العلمانية تحترم العقل البشري وتقوم عليه، وتدعم الحريات الفردية والجماعية إذا كانت حريات سياسية او إجتماعية او ثقافية او دينية، ونﻼحظ أن العلمانية عندما ترسم الدولة بكل مؤسساتها وتنوعها ومتناقضات الفكر وسلوك المجتمع ﻻ تميل علي أي مكون من مكونات الدولة، بل تميل كل الميل إلي إدارة الدولة ومواردها الطبيعية بما ينتجه العقل البشري من نظريات وعلوم وتجارب، وتدير شؤن المجتمع بما يتواثق عليه ذلك المجتمع في دستور مدني وبالتالي تتحقق العدالة الإجتماعية، لذى علي دعاة الدولة الدينية أن يطمئنو ويعملو علي عبادة ربهم ونشر قيم السﻼم والحب، والتوقف عن إصدار الفتاوي التي تدعوا بشكل او بأخر الي تشكل محموعات إرهابية تقوم بتفخيخ السيارات وقتل الشعراء واﻷدباء وسائر المفكرين، فﻼ احد يعمل لفصل اﻷديان عن افراد المجتمع، بل نعززها ونجعلها جزء أصيل من حمﻼت السﻼم والتعايش السلمي، ولكل فرد كامل الحق في إعتناق دينه الذي يريد، وله الحق في ممارسة شعائره بحريه كاملة، وتجمعنا الدولة التي هي ملكنا جميعا بمختلف توجهاتنا السياسية والفكرية والروحانية، هي دولة مواطنة بﻼ تمييز، دولة تديرها العقول المتعلمة ﻻ المذاهب وﻻ القبائل، لذلك نسعى لتبني حوار حقيقي حول العلمانية وتغيير مفاهيم البعض عنها حتي نتمكن من صعود سلم التقدم والتطور الي مصافي الأمم، سعد محمد عبدالله القاهرة [email protected]