انهزم الهلال في مباراته الأخيرة أمام مريخ الفاشر ولم أشأ أن أعلق على ذلك لاعتبارين اثنين. أول هذين الاعتبارين هو أن الحالة الفنية للفريق قد وضحت لي من خلال مباريات سابقة وأوضحت وجهة نظري حولها كاملة. وثانيهما أن الهزيمة لا تعني الكثير في جدول ترتيب منافسة هذا العام، بعد أن تعرض الغريم لهزائم متكررة أبعدته كثيراً عن المنافسة على اللقب. ثم بعد ذلك قرأت خبر إقالة المدرب بلاتشي وطلب مني صديق عزيز التعليق على الأمر، فكان ردي أنه ليس في الأمر جديد ولا داعي للتعليق. لكن ما حركني لكتابة هذا المقال هو تصريح رئيس النادي أشرف الكاردينال. قال الكاردينال أن أرض الهلال لا تسمح بالخرف التدريبي وأنهم صبروا كثيراً على بلاتشي الذي كانوا قد اتفقوا معه منذ البداية على بناء (فريق المستقبل), ولك يا عزيزي القاريء أن تضع خطين تحت عبارة ( فريق المستقبل) هذه. كل ما حققه رئيس الهلال بمثل هذا الكلام هو أنه أضاف تصريحاً فارغ المحتوى لتصريحاته الشبيهة في السابق. فلو كان هناك (مُخرف) حقيقي فهو أنت يا عزيزي الكاردينال. وعليك أن تتذكر وتحصي عدد المدربين الذين أتيتم بهم خلال العامين الماضيين، قبل أن نسمع منك شخصياً كلاماً شبيهاً لما قلته في حق بلاتشي عند إقالة كل واحد منهم. "ذاك لا يفهم في التدريب" وهذا " مخرف" وما بينهما " غير جدير بتدريب الهلال" .. فمن الذي أتى بكل هؤلاء يا رئيس الهلال؟! هل هبطوا عليكم هكذا فجأة من السماء ووجدتم أنفسكم أمام حكم القدر الذي فرضهم كمدربين لنادي الهلال، أم اخترتم كل واحد منهم بمحض ارادتكم واشتغلت الهالة الإعلامية الكثيفة مشيدة بسيرهم الذاتية وجهودكم الكبيرة في دعم الأزرق؟! أليس بلاتشي هو نفسه (صائد البطولات) الذي فرحتم كثيراً يوم التعاقد معه، أم أنك تتحدث عن مدرب آخر؟! الخرف التدريبي مقدور عليه يا كاردينال بس المشكلة الحقيقية تكمن في خرف وعشوائية الإداريين. فالإدارة هي أساس تطور أي عمل. ولو كنتم إداريين جيدين لعرفتم كيف تأتون باللاعب الواعد والمدرب الكفء ولتعاملتم مع الإعلام بطريقة أفضل ولبدا كلامكم مقنعاً على الأقل. لكن طالما أن أنديتنا تتحكم فيها مثل عقلياتكم فثق أنه سيظل محلنا سر ولن نتقدم شبراً. أنتم تستقدمون مدرباً كل ستة أشهر أو أقل أو أكثر بقليل. وفي المريخ يغيرون مدرباً كل ثلاثة أو أربعة أشهر ورغماً عن ذلك تتحدثون جميعاً عن بناء فرق للمستقبل. ولكي تعرف درجة ( الخرف) و( العشوائية) التي تعانون منها كإداريين نريدك أن تقف قليلاً مع كلمة (مستقبل) هذه التي يبدو أنها جزء من اكليشيهات حفظكم لها البعض لكي تشنفون بها آذاننا بين الفينة والأخرى. أسألوا أنفسكم كم من الوقت يحتاج اللاعب صغير السن لصقل موهبته واشتداد عوده، وأربطوا ذلك بحالة تغيير المدربين المتكررة وقولوا لنا هل أنتم بذلك تساعدون في صقل مواهب هؤلاء الصغار، أم أنكم تربكونهم بهذه التحولات المتكررة بين مختلف المدارس التدريبية؟! ودعك من المدارس التدريبية، فهذا كلام أدرك أنك لا تفهم فيه كثيراً، ولنقف فقط مع اختيارات كل مدرب ممن تأتون بهم. هذا يختار وليد علاء الدين مثلاً كلاعب أساسي ويبدأ اللاعب في التأقلم على المباريات التنافسية، وفجأة ربما خلال أشهر قصيرة تقومون بتغييره بمدرب آخر. فيأتي المدرب الجديد بفكرة مختلفة ويعيد وليد علاء الدين لدكة البدلاء ليظهر مكانه الثعلب مثلاً. وقبل أن يجد الثعلب الفرصة الكافية للاحتكاك المفيد، يقوم مجلسكم باستبدال المدرب ليأتي آخر ربما لا يكون الثعلب ضمن خياراته فيرمي به في دكة البدلاء. وفي هذه المرة قد يقع اختيار المدرب الجديد على ولاء الدين أو أطهر أو غيرهما كلاعبين أساسيين. لكنهما لن يجدا الفرصة الكافية أيضاً لأنكم ستعيدون كرة تغيير المدرب قبل أن يحفظ أسماء لاعبيه جيداً. فأي مستقبل للهلال يمكن أن يُبنى في ظل مثل هذه العشوائية والتخبط؟! ما لا تريدون الاعتراف به جميعكم هو أن بعض السماسرة عندما يحتاجون لشيء من المال يبدأون في التحريض ضد مدرب الهلال أو المريخ فتتم الإقالة من أجل التعاقد مع مدرب جديد حتى يحصلوا على عمولاتهم وبعد ذلك فليذهب النادي وجماهيره للجحيم. وبالطبع لن تكون هناك أي مشكلة بعد أن يؤكدون لكم أن الجمهور سوف ينسى بعد أسابيع أو أشهر قليلة. وما دام هناك بعض الأقلام الجاهزة للتهليل للمدرب الجديد الذي سيعدون الأنصار بأنه سوف يحقق الطفرة المأمولة، فليس هناك مخاطرة كبيرة في تغيير المدرب، أو هكذا يقولون لكم. هذا مجرد هراء لا طائل من ورائه ومن يراهن عليكم في تحقيق أي طفرة إما أنه مخبول أو مخبول. تأتون بغارزيتو أو غيره.. ويأتي مجلس المريخ بألماني أو إيطالي فهذا لن يغير شيئاً وتأكدوا أننا سوف ندور في نفس الحلقة المفرغة. وليعلم المدرب الجديد القادم هنا أو هناك أنه سوف يغادر بعد هزيمتين أو ثلاث على الأكثر ليحل مكانه آخر. نعم لابد من تغيير المدرب بعد أقل هزائم يتعرض لها النادي مش نحن نملك ميسي ورونالدو وإنيستا في كشوفاتنا؟ ألا يدير أنديتنا فطاحلة أصحاب مؤهلات عليا في الإدارة ( دكاترة عديييل)، فكيف تنهزم أنديتنا أيها المدرب الأجنبي؟! لن نقبل اطلاقاً بالهزيمة ويوم أن يحدث ذلك سنعرف إما أنك ( مخرف) (قليل خبرة) ( ضعيف شخصية) أو ( لا تفهم في الكرة) كما يفهمها الكاردينال والوالي وأفراد حاشيتيهما، لذلك لابد أن تجهز يا عزيزي المدرب الأجنبي القادم حقيبة ملابسك بعد أول هزيمة وتنتظر العربة التي ستحملك إلى مطار الخرطوم. [email protected]