ما جدوى الحكي !؟... لماذا نحكي ؟... هل نحكي لأنفسنا أم للآخرين !!!؟؟... ماذا لو كففنا عن الحكي ؟. هل الحياة تصبح عديمة الطعم ؟. لماذا دوماً نستعيد أحداث الماضي أ نفعل ذلك حتى لا تتعطل ذواكرنا لعل للذكرى فعل السحر !!؟.... لذلك نلوذ بها عند الملمات الخطب الجلل منذ بدء الخليقة ..... حينما كان الإنسان عاجزاً عن الكلام عبر ذاتياً بالرسوم على جدران الكهوف ليحكي لأخيه الإنسان الأُحدوثات آلتي ألمت به و هو يجول بين الأحراش خلال عصر الجمع و الإلتقاط عقب تخطيه للعصر الحجري كان يرصد برسوماته البدائية منظومة الحركة و السكون بين الكهف و الغابة لنقل ما يسمع و يرى عبر هذه الرموز و في بعض الأحايين عبر التعبير الجسدي من خلال الحركات الراقصة الى من يتعايش معه ..... كان دوماً يبحت عن الوسيلة المثلى لمدّْ جسور الوصل بينهما ؛؛؛؛؛؛ إبتداءً أخذ يهمهم ثم يطلق صيحات ذات نبرات متباينة ليحكي ما حدث من وقائع و ما صادفه من مخاوف و أفراح و رويداً رويداً تطورت واسائل الخطاب فتحولت الرسومات و الهمهمة الى مفردات منطوقة و تشكلت من المفرات كلمات والكلمات صارت جملاً و الجمل أصبحت كلاماًً هكذا تخلقت اللغة آلية التواصل المثلى و تمكن البشر من إبتداع الخلق لصنع تاريخ ميلاد ما يمكن أن نطلق عليه (حكاية) و من هنا وعبرهذه المرحلة بدأت قصص الأولين و أساطيرهم تتناسل أساطير و حكايا و قصص و بذلك تأسس فن السرد ؛؛؛؛؛؛ * * * أتخذ الأولون الحكاية جسراً لفتح باباً لسبر غور الصدى الذي تحدثه في نفوس ذلك الكائن الذي يشاركه الحيز المكاني و يلتقيه بين الحين و الآخر و لم يمضِ طويل وقت حتى نشأت الأسرة الذرية و أعقبتها الممتدة ثم القبيلة فالعشيرة كل هذا أفضى في نهاية المطاف الى المجتمع الرعوي يقول إدوار سعيد (لم أر عقلية ساكنة عند شعب ما كما رأيت سكون العقلية الرعوية عند العرب و المسلمين) و منذ ذلك الزمن الغابر هيمنت الذهنية الرعوية على سلوك من عبرتهم رياح التحضرو إنارة العقل و ظلوا يتوارثونها جيل بعد جيل إلا خلال بعض الحقب القصيرة المدى التي تُعد طفرات باذخة لكن سرعان ما تمتد يدٌ الردة و تقف حجرعسرة في نهوضها ثمة نكسة تجتاح المجتمعات العربية و تدفعها دفعاً للتراجع !!؟.... صوب سلوكيات المجتمعات الرعوية و توسع ما بين الآفل والآتي فتنحسر ظلال الفعل المضارع و تتباطأ خطواته يل تتعطل تماماً عن المسير ويقع فريسة عناصر نظرية المؤامرة دوماً الآفل و الآتي لا يكفان عن تركه في حال سبيله ينعم بمداه الزمني العريض فيترك هناك لا حول له ولا طول فتصبح آنية اللحظة الحالية قاعاً صفصفاً تشكو العزلة و (الفراغ العريض) !!؟... لا أحد يجرؤ على إجتراح ملأها ها أنا أمسك بتلابيب الحكاية و أجعلها تتصدى لأفاعيل السكون لتفجر طاقات الحركة إبداعاً و ترسم خارطة لفن السرد * * * تراكم التجارب و الخبرات الطويلة تفضي تلقائياً الى بوابة الولوج بجرأة الى بوتقة تمازج عناصر مخرجات التفاعل الذهني مع معطيات الفطرة مع تلك الإنحرافات و إجتراح المبهم و المتوهم و يظل السؤال الملحاح يقرع أبواب الصمت إذن من أين يأتي الإبداع ؟... و كيف تتناسل مفرداته ؟... أليس إلهاماً و هبة من الموهبة المتأصلة أم لا بدَّ من المعاناة و تجشم عذابات الخلق يبدو أن كل ما يقال حول الكتابة المبدعة لا يخلو من لجاج و لغط و جدال (فنجيب محفوظ) وطن نفسه على الكتابة في وقت محدد حتى أصبحت عادة ذات سلطان أنتج عبرها ما يزيد على خمسين كتاباً و (الطيب صالح) كان يخاف مقاربة الكتابة و يبذل قصارى جهده ليباعد بين عمل و آخر لذك لم تتعدَّ أعماله أصابع اليد الواحدة و هناك من ينتظر الإلهام أن يتنزل عليه كالوحي !!؟.... و بعضهم يهيمون في وادي عبقر !!!... و آخرون يترصدون قدوم لحظة التجلي و هناك من يقيمون الطقوس و مظاهر الإحتفاء لإستقبال ميلاد وليد عصارة المعاناة لم أتخير من هذه المفازات المتباعدة ما يقيد خطوي صوب وهج لحظة الكشف بل تركت الحبل على القارب فكنت فريسة طيعة لهاجس ملحاح سكن جوانحي أن أكتب فقط دون تخطيط مسبق و لا إنتظاراً لإلهام و وحي و ليس عقب إحاطة المكان الكتابة بأجواء طقوسية و بلا سلطان عادة و دون تهيب و تباعد بل من خلال قوة دفع ناعمة مقترنة بمخزون التجربة و الخبرة منذ الوهلة الأولى تسلقت جذوع الأشجار حتى يطل من مشارف هاماتها على أدق تفاصيل صورة الحدث متناً و هامشاً و منمنمات و من يومها صار دأبي على هذا المنوال [email protected]