أحاديث كثيرة دارت ولاتزال تتواصل حول الظلم البيَن ، الذي يقع على أبناء المغتربين ، وبطبيعة الحال على ذويهم ،لجهة قبولهم بالجامعات والكليات السودانية ، حينما يُرهقون بتقليل النسب التي حصلوا عليها في المدارس العربية ، ومقاربتها بالشهادة السودانية ، باعتبار أن الشهادة السودانية" أعلى كعبا "، وقد يكون هذا الحديث صحيحا قبل سنوات خلت . هذا ليس" موضوعنا" . بل هناك قضية خطيرة ملازمة لهذا الظلم البيًن ، تتمثل في سداد رسوم أبناء المغتربين ب" الدولار" ، وإن هم قد قبلوا هذا الظلم مرغمين ، وفي سبيل ذلك أجلوا الكثير من مشاريعهم "الصغيرة" التي لا تتعدى في غالب الأحيان بناء "بيت يأوي الأسرة" حين العودة النهائية . نقول هم قبلوا ذلك ليس بطيب خاطر بل لأنهم لا يملكون من سبيل أخر ، ومضوا يلتزمون بسداد الرسوم الجامعية التي تتفاوت بين " 30 و40 و50 " الف جنيه لتصل 100"ألف جنيه ، بحسب الجامعة ونوع التخصص ، أيضا ليس هناك "مشكلة" طالما تم الأمر بموافقة الطرفين، غير أن أمور كثيرة حدثت لهؤلاء بدول الاغتراب ، حيث فقد كثير منهم وظائفهم في الأشهر الماضية وخاصة في المملكة العربية السعودية التي تقود سعودة الوظائف بوتيرة متسارعة ، بحيث يمكن لأي موظف أن يتفاجأ ذات صباح بخطاب على مكتبه أو بريده الشخصي بخطاب ممهور بتوقيع المدير المباشر يكيل فيه آيات الشكر والعرفان ، كونه "الموظف المعني" سيغادر المؤسسة أو الشركة خلال شهر . ترى كيف يدبر من يفقد وظيفته بين ليلة وضحاها ، الرسوم الجامعية لابنه أو ابنته، وقد يكون للشخص الواحد ثلاثة من الأبناء والبنات في الجامعات ، كيف له توفير رسوم الجامعة ، وهو بطبيعة الحال سيكون أحد المواطنين الذين لا يملكون دخلا يمهد لهم سبل الجامعات "الدولارية" بعد أن فقد صفة "مغترب" ، كيف ستتعامل الجامعة مع واقعه الجديد ، نعم كان سيكون هذا المغترب ملتزما بسداد الرسوم "الباهظة" رغم قناعته بالظلم الذي لحق به في عملية القبول غير العادلة لأبناء المغتربين ،كحال السعودية التي تحسب مجمل نتيجتها بواقع 80% تحصيلي من مواد مناهج ثلاث سنوات دراسية، و20% فقط هي نتيجة المدرسة للسنة النهائية ، فيما تبقى القدرات "للمفاضلة" ، أما وقد فقد وظيفته وأصبح مواطنا صالحا يردد مع الفنان حمد الريح "بلادك حلوة أرجع ليها بلاد الغربة ما بترحم "،فالأمر بحاجة لمعالجة مختلفة . ولأن القضية كبيرة وتتعلق بمستقبل أعداد كبيرة من أبناء المغتربين ، لأبد لجهاز شئون السودانيين العاملين بالخارج برئاسة أمينه العام العائد د. كرار التهامي أن يتدبر الإمور بشكل "عقلاني" ، ويتبنى قضية أعداد كبيرة ممن أصبحوا عاجزين عن سداد رسوم فرضت عليهم بالدولار ، وقد أجبرتهم ظروف الدول المضيفة على العودة "القسرية" ، نعم ينبغي أن تجد هذه القضية العلاج الناجع بشكل عاجل ، وفق دراسة عملية ، فتناسي مثل هذه القضية كما نسيت من قبلها قضايا ووئدت أحلام سيكون بمثابة "الكارثة". مصطفى محكر [email protected]