أيما علاقة سياسية بين دولتين تنبني على أسس المصلحة التي تتراوح بين الأمن و التبادل على كافة الأصعدة. لم تكن ثمة دولة وقفت معها السعودية مثلما وقفت مع مصر خاصة بعد انقلاب السيسي الذي فتح النار على الإخوان و زج بالدكتور محمد مرسي السجون و شرد جماعته و لا يزال على أعقابهم. تمثلت المساعدات السعودية لمصر قروضا بالمليارات بأقل الفوائد و مرونة عالية في السداد بالإضافة الرز و تزويدها بالوقود شهريا على مدى خمس سنوات و لكن الحكومة المصرية قلبت كل التوقعات عندما صوت مندوبها بمجلس الأمن لصالح القرار الروسي بشن الحرب على سوريا الأمر الذي أغضب السعودية و دول الخليج و انطلقت موجة من التراشقات الإعلامية لما تخمد نارها بعد. السؤال الجوهري: ما هو موقفنا مما يجري و بشكل أدق أين مصلحتنا الفعلية؟ أقول إن مصر التي دخلت في نفق من التخبط بدءا بذهاب مبارك مرورا بانتخاب مروسي و إنتهاء بإنقلاب السيسي لا تزال داخل ذلك النفق و لا يكاد أن يكون لها ذلك الوزن الريادي الذي طالما تشدقت به بل عكفت طوال الفترة السابقة تمد يد الاستجداء و في ظل تلك التخبطات تلقت ضربة قاضية في صادراتها الزراعية عندما تبين أنها مروية بمياه الصرف الأمر الذي دعى أكثر من دولة إلى إيقاف تلك المنتجات. لم يعد لمصر غير لسانها الإعلامي الطويل و قرع طبول فارغة بمكانتها و دورها المتلاشي يوما بعد آخر. لم يعد للسودان أيما مصلحة مع مصر لا على الصعيد الأمني ولا الاقتصادي. بالجانب الآخر يمكن للسودان فتح آفاق جديدة مع السعودية و كافة دول الخيلج خاصة في مجال الصادر الزراعي و الحيواني و الاستثماري لعامل القرب و توفر كل المصادر الطبيعية المشجعة للانتاج. كل ما على الجانب السوداني الإيفاء به، شبكة طرق .. كهرباء و استقرار في القرار السياسي و لكن كما فشل سياسيو السودان إبان حرب الخليج في دبلوماسية التكتل أو حتى الحياد، يتخبطون اليوم في ذات وحل الأمس .. زيارة البشير للقاهرة و زيارة السيسي للخرطوم في هذا التوقيت لهما من الدلالة أكثر من مجرد زيارات ودية و الخاسر الأكبر فيها سيكون البشير بلا شك. مصر تعدم ما تقدمه للسودان و برغم ذلك نجد أن البشير لا يعي الدرس بممارسة الضغط عليها لتغليب كفته على الأقل من أجل حلايب و شلاتين و تقوية العلاقة أكثر مع السعودية بالتعامل ببرود مع مصر. يكفي أن الآلاف من السودانيين أتيحت لهم فرص العمل بالمملكة و تمكنوا بذلك من مد يد العون لأهلهم بالسودان. و طالما أن الحكومة السودانية لا ترتقي بتطلعات الشعب السوداني في الشأن الخارجي فعلى الشعب أن يعي دوره بمقاطعة كاملة لأيما وارد مصري لأجل السلامة الصحية و ليعرف المصرييون أن السودان و شعبه ليس كما يصوره إعلامهم المتفلت و أن الشعب السوداني فوق أعز و أكرم مما تعكسه الحكومة من خنوع و خضوع مع الكيان المصري. شريفة شرف الدين [email protected]