سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    "الآلاف يفرون من السودان يومياً".. الأمم المتحدة تؤكد    انتفاضة الجامعات الأمريكية .. انتصار للإنسان أم معاداة للسامية؟    بوتين يحضر قداس عيد القيامة بموسكو    أول اعتراف إسرائيلي بشن "هجوم أصفهان"    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    وداعاً «مهندس الكلمة»    النائب الأول لرئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات يدلي بالمثيرأسامة عطا المنان: سنكون على قدر التحديات التي تنتظر جميع المنتخبات    السعودية أكثر الدول حرصا على استقرار السودان    الفاشر.. هل تعبد الطريق الى جدة؟!!    الخارجيةترد على انكار وزير خارجية تشاد دعم بلاده للمليشيا الارهابية    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد بالفيديو.. محامي مصري يقدم نصيحة وطريقة سهلة للسودانيين في مصر للحصول على إقامة متعددة (خروج وعودة) بمبلغ بسيط ومسترد دون الحوجة لشهادة مدرسية وشراء عقار    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    غوارديولا يكشف عن "مرشحه" للفوز ببطولة أوروبا 2024    كباشي والحلو يتفقان على إيصال المساعدات لمستحقيها بشكل فوري وتوقيع وثيقة    ريال مدريد ثالثا في تصنيف يويفا.. وبرشلونة خارج ال10 الأوائل    تمندل المليشيا بطلبة العلم    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر البجا .. الذكري الثامنة والخمسون
نشر في الراكوبة يوم 20 - 10 - 2016


أكتوبر – 1958 م
آفاق خطاب مؤتمر البجا – حقوق وواجبات
ابراهيم طه بليه
ونحن نستشرف الذكري الثامنة والخمسون (58) لمؤتمر البجا – هذه الذكري الخالدة في تاريخنا السياسي - وخلفنا جذورراسخة قوية وأصيلة ضاربة في باطن الأرض واعماق التاريخ ، وفي خط مواز تاريخ حافل بالإنتصارات والإنتكاسات – وكذلك سنظل في الحاضر والمستقبل أمام تحديات ضخمة لانهاية لها – وأكثرها تعقيدا دائرة التناوب المغلقة علي تناوب السلطة التي لا تهدأ - فنخضع لسطوة من لا أمان لهم ولا ثقة فيهم ولا رجاء منهم وإن إختلفت طرق الوصول إليها ، بدلا من التداول السلمي للسلطة وإلهام قيم التعايش الخضاري والإحترام المتبادل ويمضي الاستهداف الممنهج لإرادة الشعب لايخشي ولايضل - يهمل قدرات الكفاءة والأمانة وهما الوسيلة الوحيدة لصعود الأفراد لا القوة والعرق والمحسوبيات لأنها المؤاهلات اللازمة لقيادة المجتمع فتعلو بذلك ، ويحلق المجتمع عاليا في سماء المجد والعظمة ، فالكفاءة والأمانة هما كجناحي طائر لأي مجتمع متقدم يخفقان بالسعادة والفلاح ، وبضعف خفقانها غابت حقوق الإنسان كالعدل والقانون وإوصدت منافذ توصيل صوت الرأي حتي بزرالعنف كأحد الأدوات السياسية ، تعبيرا عن الرفض للسياسة القائمة وبرزت الهوية كعامل مثير للجدل ولكن تثار بهدف أنها تستبطن أخري تعجز سلطة النخب مدنية أوعسكرية عن إثارتها بشكل مباشر، لذلك تلجأ لقضية الهوية حتي تستطيع من خلالها أثارة جميع التظلمات ، ولكن بعد الوصول إلي تفاهمات سياسية بدلا من ديمقراطية الإشارة إلي إنقلابات عسكرية باطشة إلي أيديولوجية شمولية فاشية ، فالإستقرار والأمن لن يركعا ويسجدا حتي تدور بإرادة حرة ، تطرح وتقبل القضايا بأريحية ، عندئذ تتراجع قضية التهميش والهوية ، لأنها مرتبطة بالحقوق السياسية والثقافية ، لا قوة باطشة لا محسوبية لا إستعلاء عرقي لاتمييز ثقافي، ويصبح الوطن حق مباح يتمتع به للجميع تظلله رايات الحرية والعدالة .
إن المرجعية التاريخية لأنظمة الحكم خلال الحقب الماضية وحتي تاريخه ، فترة قاسية - جعلت الكبير هرما والصغير أشيب والجاهل أكثر جهلا والمريض أكثر مرضا والفقير أكثر فقرا والمعارض خائنا وانتهكت الحرمات وإرتكبت جرائم وشيدت بيوت الأشباح حتي ضعفت قدرات العباد من الإبداع والخلق لحضارة تؤمن الإستقرار الأمن ، وتجاهلت أيديولوجية المجمتع الناصح الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر المتكافل في ذلك ، لأن نخبنا رغم تفوقهم الحضاري – فهم أغبياء – ففي تكوينهم الروحي بقعة سوداء تزداد إتساعا مع رحيل الأيام والسنين ، لذلك فإنهم بددوا أنبل طاقة يمنحها الله سبحانه وتعالي للناس ... طاقة الإخاء و طاقة الألفة والمحبة والتعاون والمصلحة العامة في وطن بحجم القارة ، خيراتة وفيرة علي ظاهره وباطنه وسمائه ممطرة بالماء البرد ، ورغم ذلك يقولون – أنظروا كم نحن متسامحون ومتحررون ، كما كان حال الرجل الأبيض متسامحا في جنوب إفريقيا والولايات الجنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية رغم تفوقه ، إلا فما معني أن تستبدل آلياتهم - ديناميات تتعارض وتتناقض جذريا مع قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان وإستحقاقات التعددية الثقافية من حقوق الإنسان المتساوية في السلطة والثروة في الوطن الواحد ، وبعد هذا فلم يكن مستغربا أن يكون مصير هذه السياسات هو الفشل ، ومصير السودان هو هذه الحالة التي تدهور إليها ، تجربة قاسية صعبة لأن الخطأ في الماضي أسس علي قواعد للعمل السياسي خاطئة ، أسبابا حاضرة في أخطاء الحاضر ومن الصعب أن تنشأ عملية سياسية جديدة ذات فعل ومصداقية ونتائج مرجوة وواضحة في المستقبل طالما إستمر مخطط أن تبقي ثقافات الوطن الناطقة بالأعجمية ضعيفة الإرادة مستسلمة لغيرها ، غارقة في صراعات داخلية وهمية مختلقة منكفئة علي نفسها ، مشغولة بقضايا يجب أن تكون مزمنة ، قضايا الفقر والجهل والمرض ، والقهر والظلم والفساد – اذا لا يمكن أن تطرح الحلول من خلال القوة والإستبداد وتجاهل العوامل التي أدت إالي بروزها لأن الأيديولوجيا الفوقية طالما تهاوت ، لأنها تتجاهل كل ميهم الإنسان والحيوان والأرض مع سبق الإصرار والتحدي والترصد ، الأمر الذي زاد الهوية قوة لأنها تستكمل وجودها الثقافي بالوجود السياسي وتبقي الحقوق السياسة سيدة الموقف ، رضيت النخب أم أبت وتمادت في غيها .
بلاشك النضال من أجل قيم العدالة والحرية – وترسيخ الفهم يتطلب عملا دؤوبا صادقا ومن الواضح لن يتأتي عبر التمني فالرياح السياسية القادمة لا تنذر بالخير ويجب الإستعداد لها - وإلا ضاع الوقت وفات الأوان حيث لا ينفع الندم والتباكي علي خارطة طبوغرافية متناحرة وجغرافية ممزقة . وإلا لماذا لم تستطع حتي يومنا هذا أن تفكك جدلية الثقافة والجنس والعرق واللون واللغة والدين في واقعنا المتأزم بالجمود ؟ ونحن اليوم بعد ثلاثة وستين عاما من الإستقلال لازلنا مجبرين التعايش مع ذات الواقع ، واقع كبت الحرية وزرع الطغيان وإنبات الفساد بدلا من زرع إنبات وحصاد ثمار العدل والمحبة وجني ثمار المساواة وبناء صروح التعايش الحضاري ، ولكنهم إستسلموا لبريق السلطة وأنكبواعلي نعيم الدنيا وكنزوا الذهب والفضة ، وشيدوا القصور والسرايات ، وطغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد ، وأفقروا العباد من أبسط مقومات الحياة ، وغيبوا مفردات التقدم والنهضة وتناسوا يوم لا ينفع مال ولاينون.
الكثيرون ساعدوني فيما أكتب عن مؤتمر البجا ، منذ أن كان نطفة فكرية تتخلق داخل أروقة حركة المثقفين من أبنائها و هم كثر ، ربما يفوقون الحصر ، لعبوا أدوارا عديدة في بلورة الفكرة في عمومها وبعض تفاصيلها الحاسمة ، وذلك في سياق المناقشات التي مجالسهم تعمرفي مدن وقري أرض البجا من بئر الشلاتين شمالا إلي كبري الخياري جنوبا ومن البحر الأحمر شرقا إلي نهر النيل غربا في العام 1937 م، خاصة بعد قيام نادي الخريجين عام 1918 م . وجمعية الإتحاد السوداني عام 1920 م . وجمعية اللواءالأبيض عام 1923 م . إلي قيام المؤتمر الجامع للبجا وإعلان تنظيمها السياسي (( مؤتمر البجا )) في بداية النصف الثاني من اكتوبر 1958 م . ولجميع هؤلاء أزجي أسمي آيات الشكر والتقدير والعرفان ورحم الله رحمة واسعة من مضي منهم وأطال عمر الأحياء وأمدهم بالصحة والعافية - فلهم يعود فضل تشكيلي فكريا وسياسيا كما هناك آخرون ساعدوني في وضع النقاط فوق الحروف خاصة فكر الإستقلالية نحو الصراع بين الثقافات الإفريقية التي خلقت بإرادة الخالق سبحانه وتعالي من سواد تراب السودان ، والعربية المهاجرة المتباهية بإنتمائها العربي و بيت الرسول صلي الله عليه وسلم وعلي آله وصحبه أجمعين وآل أبي لهب وامرأته حمالة الحطب وآل مسيلمة الكذاب - وهجرتها المباركة نحو السودان ، فضا للإشتباك بينمها لبلوغ هوية سودانية جدلية.
لابد في كل مشروع طموح ، يسعي إلي تحقيق النهضة والتنمية ، تلمس الأسس المنهجية والفكرية التي تنهض بإحيائه ، وترسم خطاه ، وترشد مساره ، وتهيئة القوة والحصانة ومعالجة من أي تخبط وتعثر يحصلان ، ليبقي الهدف الرئيسي للمشروع هو المساهمة في إعادة تأسيس فكرنا السياسي وثقافتنا علي قواعد تعتمد العلم والعقل والتجربة الواعية وتأخذ بنتائجها وتعزز وتحقق التنمية المتوازنة والعدالة الإجتماعية وتحفز للنهضة والتقدم .
لقد إجتمعت كلمة الأوفياء علي أن البجاوي يعيش في دياجير ظلام الظلم من ظلمات الهيمنة والتهميش ، تتنازعه النخب السودانية ، فالأحوال متردية ، حيث الفساد في كل جوانب الحياة السياسية منها كالإقتصادية والإجتماعية وكالدينيه الكل سواء .
وهذه نظرة خاطفة نلقيها علي البجاوي وكلمة عابرة نقولها علي تلك الأوضاع المتدهورة والمتهالكة ، ليعرف مدي الحاجة الملحة إلي التغيير الإجتماعي والإقتصادي لتبديد تلك الظلم المتراكمة ، وإبعاد تلك الويلات الملازمة لحياتة الخاصة والعامة ، إذ لافرق بين من يعيش في الحضر أو البادية إلا من رحم الله .
لاشك في أن الحجر الأساس والبيئة التحتية لأي مشروع تكمن في قوة أساساته وصلابة الأرضية التي يقف عليها ، وتحديد الهدف الذي يسير بإتجاهه ووضوح الرؤية في المسير وخلال معالم واضحة يهتدي بها العاملين ، ذلك ، أن الأسس الواضحة والمتطلبات الراشدة هي صمام الأمان للحفاظ علي قوتها ، ومنع عوامل الإهتراء والضعف البروز في بناياتها ، وكلما كانت الأسس واضحة والمتطلبات منسجمة ، تمكنت هذه القيم والمبادئ من الإستمرار والبقاء وتحدي عوامل الإستهداف المضاده لأنها تعبر عن المرحلة التاريخية واحتياجات المجتمع والجماهير .
وقد كان مشروع مؤتمر البجا في أكتوبر 1958 م شاملا ، ومناسبا للزمان والمكان وموافقا للحال ، يوعي الأمة ويسدد خطاها ويستنفر قواها الفردية والجماعية ويعبئ قدراتها وطاقاتها للفعل ، من أجل دفع الأمة بحيث يستجيب للتحديات العظيمة ، يرقي نهضة راشدة ، تستعيد بها موقعها الحضاري بين الأمم ، نظريا بالحجة والإقناع ، وعمليا بتحقيق المشروع ( الحضاري ) والحقائق في واقع الناس المعيش من أجل حاضر أفضل وغد أرحب لهذا الطموح ، راجين بذلك النهوض بالأمة وفق أسس واقعية مشرعة ، تؤسس الأمن والإستقلال بإستقلال ما لها من إمكانيات متاحة.
مما لاريب فيه أن مشروع ( مبادئ ) مؤتمر البجا ( اكتوبر 1958 م ) ينطلق من منطلقات راسخة تتميز بالبنيات من جهة ومن جهة أخري إلي إجتهاداتها النظرية والعملية ، كما تؤكد التصدي للتحديات - التي تعترض سبيلها وتحوول بينها وبين قلوب الناس وعقولهم ، وأي تجاوز في استصحاب هذه المبادئ يعني بالضرورة إنحراف المبادئ عن رسالتها والضلال عن مقاصدها وإنفلات عن مسارها المرسوم وأهدافها المعلوم .
بلا شك – مشروع ( مبادئ ) مؤتمر البجا ( اكتوبر 1958 م ) – قدمت تصورا مقبولا ومتوازنا لقضايا الأمة الكلية ، بحيث لا يحارالعقل فيها ولايضل الفهم سبيلها – مبادئ تدفع تجاه الحياة إعمارا ، وتري في هذه الأمة سيدة نفسها ، لا سيد عليها مخرجة العقل من الضيق إلي السعة ، ومن الجهل والظلمات إلي نور الوعي ، لأنها ترتقي بمستوي إدراكها لتدرك أنها صاحبة حق وليست منة ، وفي نفس الوقت وحدة الأمة في تواصلها الثقافي ، سياقا مقبولا ورقيا عليه لتنظيم الحياة ، بلا عقلية مغيبة أو منقادة بفتح الآفاق وجمع القلوب وشحذ العقول لرقي ونهضة شاملة ، بحيث يزيل الفهم المغلوط ويصحح الرؤيا الخاطئة ويزيل الغشاوة عن المخدوع بظلال الدعاوي الخادعة ، وينطلق من رؤيا قوية في الوفاء والصدق حتي لا تختلط بيضاء المبادئ بوعثاء الثقافة الجامدة ، لأن الإنسان خلق ليفعل ويبدع ويورث الإبداع والتغيير الحضاري ، بدلا من أن يورث الجمود وآلية الدونية بطريقة خادعة والرضوخ للإنكفاء علي الذات والفرارللفراغ الذهني ومذهب الإنقياد للثقافة التقليدية علي أنها حالة دائمة وصراع وهمي لا ينتهي ، يهدم ولا يبني يجرجر الهزيمة الذاتية .
مبادئ راشدة تنير الطريق وتهدي للتي هي أقوم ، تحارب بكل قوة الإنكفاء العدائي نحو التغيير الإجتماعي لهذه الأمة التي تستحق كل خير ، بالعدم ستدفع كل يوم ثمنا غاليا من إستقرارها وأمنها ، فالتخلف والضعف عناصر مؤذية ، تحجب الرؤية في دائرة مغلقة لا فكاك منها ، وهذا مايسمي بالتفكير السلبي الذي يضع عقبات كثيرة في مسيرة حياتنا ، لانجد لها حلا سوي الاستسلام والإحباط مما يؤثر علي حياتنا الشخصية أو العملية .
وإذا تأملنا قليلا في أنفسنا وسلوكياتنا عرفنا أن هذه المشاكل وجدت بأيدينا لأنها نابعة من أفكارنا السلبية حتي أصبحت تضع عقبات تهدم في الإنسان الأفكار الإيجابية تجاه الأفضل ، رغم أن العقبات ليس لها علي الإنسان من قوة ما لم يمنحها هذه القوة الوهمية .
إن السلبية أو الامبالاه من العقبات التي تعيق الإنسان عن التغير الإجتماعي بالأحري من الجمود نحو الحركة المقيدة حيال نفسه ، رغم أن التجربة الإنسانية أثببت أن العجز والفشل لا محل لها من الإعراب في حياة الأنسان إذا أخذنا في الإعتيار نجاحات الآخرين من حولنا الذين إستبدلوا الأفكار السلبية بالأفكار الإيجابية البناءة ، فتجاربهم أثبتت السلبي التفكير مثل الشعور بالقصور أو الإحباط أو اللامبالاه ، عوامل هدامة ، لأن القدرة علي التفكير خلقت من هؤلاء أمم راقية تنعم بيومها وتطلع لغد أفضل.
إذا الإخفاق سببه الإنسان بتفكيره السلبي وهو راجع إلي أسباب عديدة ومن بينها – ربما وأكثرها أهمية – الإعتقاد الغير مبرر أن الفشل لايمكن تجنيه.
إن من سنن الله سبحانه وتعالي في الكون ، أن الإنفراج يكون بعد الشدة ، والضياء بعد الظلام ، واليسر بعد العسر ، وفي هذا الظرف بالذات أخذت تباشير تؤذن بقرب نضوج الرؤية السياسة المرجوة تلوح هنا وهناك فلم تكن الظروف السياسية المظلمة المحيطة بهذه الأمة محتملة.
من أبرز أهداف مشروع مؤتمر البجا :-
آ/ التعليم
في البلدان ذات الحكومات التي يتوفر فيها ولو قدر يسير من الإحترام تضع خارطة طريق واضحة المعالم – بحيث يكون المواطن هو المستهدف بالفائدة منها عبر الخدمات المختلفة وتوضع تلك الخارطة وفق مفهوم إقتصادي ومحاسبي يلتزم بمعايير ترتب وتصنف أوجه الانفاذ بأولوياتها وتوفر لها التمويل اللازم من المصادر المختلفة اعتمادا علي عائدات الإنتاج المحلي والعائد من المصادر الأخري مثل التجارة الخارجية والضرائب بأنواعها .
من المعروف أن التعليم منذ أقدم العصور هو آداة التقدم لكل الأمم المزدهرة ونقلها إلي آفاق أوسع من تعايش حضاري تسوده قيم عظيمه من الإحترام المتبادل .
وفقا لذلك فإن التعليم يعتبر من أهم أسبقيات أوجه الإنفاق بجانب الصحة والخدمات الأخري ، لأن عنوان الرقي والتطور وهو الذي يحدد مستوي مواكبة الدولة للتقدم والذي يعكس ثراثها الثقافي والإجتماعي الأمر يسهم في تقدم الدولة .
في ظل سنوات حكم الحقب السودانية – إختلط حابل الإنفاق العام بحابل مصادر التمويل للدولة وتحول التعليم إلي خصوصية عرقية بعينها بالتدريب والتأهيل لغرض لا يخفي عنه خافية.
ي/ الحكم اللامركزي
علي خلفية هذا الواقع المرير فإن مشروع مؤتمر البجا يري أن مركزية الحكم أصابت التعليم في مقتل حتي نبت الجهل ونمي وتفرع كأن الدولة لايعنيها من كل ذلك شئ ولا يحرك ساكنها – حتي حصدت البجا جفاف العقول والتبعبة ، فكان علي قيادة مؤنمر البجا أن تحمل علي عاتقها مسئولية التغيير وبناء هذه الأمة بالوعي .
ب/ تقصير الظل الإداري والوصول إلي المواطن وتقريب الفجوة بين المواطن والسلطة – لتحقيق ألاهداف العامة للمواطن المتمثلة في الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وبنيات تحتية .
ج/ مشاركة المواطن في السلطة والمساهمة في الحكم وفي تقديم الخدمات الأساسية وإستقلال الموارد المتوفرة إستقلالا أمثل لتتحول وخصوصا الأرياف إلي بؤر منتجة وأن توفر الدولة عبر دراسات الجدوي التمويل اللازم والدراسات المستفيضة لإستقلال تلك الموارد وتفجير الطاقات الكامنة – إستراتيجية عامة للدولة بوضع أهداف وصياغتها والعمل علي تنفيذها وفق خطط آمنة ومستقبلية تستهدف النهوض بالإنسان خصوصا إنسان الريف ليتحول الريف إلي منتج وإحداث طفرة إقتصادية تعيد للأرياف ألقاها وتحدث هجرة عكسية من المدن إلي الأرياف فالحكم اللامركزي يوفر الحاجات الأساسية للمواطن بإعتباره الهدف المنشود بدلا من أن يكون شأنا مركزيا.
د/ التنوع
عرقيا وثقافيا في قطر بمساحة قارة ، وهو تنوع حاضر وسيبقي كذلك ، يمكن أن يشكل عامل قوة وثراء راق إذا ما إستخدمنا إستخدامه بالتركيز علي ايجايباته والإنطلاق به نحو غد أفضل فيبقي مدرسة تزرع الوطنية في وجدان النشئ والأجيال القادمة ، ويبقي الوطن للجميع لا تمييز فيه لأحد بسب هذا التنوع ، وطن تتفاعل فيه كافة الإنتماءات وتتبلور الرؤي والمآلات ، مصدرا من مصادر الثراء وليس سرطانا ينخر في عظم الأمة ويفت عضدها وتخرج الأطر الضيقة إلي الرحاب الفسيحة من الحقوق والواجبات ، تزال الشكوك من عقل وصدر كل سوداني من أن هويته هي السودانية ، فالأفعال تصنع الأمة أو تفسدها وفي سياق التمييز ليس هناك خط للنهاية . وفي الختام مالم نتصدي نحن البجا بالدراسة لتراثنا وتقاليدنا بوحدة الصف – بالهدوء والمعايير العلمية – فما من أمل يبقي في قدرتنا علي مواجهة التحديات المعاصرة – كما أنه مالم نول إهتماما لقدراتنا بما يمكن أن نحققه لخير هذه الأمة الإجتماعي والإقتصادي فما من أمل يبقي في قدرة غيرنا علي حل معضلاتها ، فإزدواجية المعايير الحالية – تنحاز بلا أدني شك لغير الإنسان المهمش وتهدد بذات المعايير بإضعاف قدراتنا وطمس هويتنا :
نحن لا نعمل عداء لغيرنا رغم أن إزدواجية المعايير يعمل علي إحكام قبضته علي كل شاردة وواردة حفاظا علي مصالحه بالإنتقال من حكم إلي آخر بمسمي جديد إلا أنها تتفق جميعها علي مقاومة رؤية التحرر ومنعها من المشاركة العادلة ولو بالطرق الشرعية - فهو يشعر بالخطر إذا امتلك هؤلاء من خلاك رؤيتهم التحررية أي مصدر من مصادر ( إجتماعية أوسياسية أو علمية أو إقتصادية ) - لذلك يعمل بكل ما أوتي من قوة للحيلولة دون إكتساب القوة ويعمل علي إضعاف أي تجمع يهدف التحرر بل ويعمل علي تأجيج الصراعات الداخلية حتي لاتؤكد شرعيتها وتقق أهدافها ويعمل علي إضعاف رؤيتها التحررية – بتقوية مركزيته بإقصاء وجود أي مراكز مهما كانت رؤيتها حضارية وتقدمية ، رغم أن مركزية الحكم زادت البلاد سوءا بإستراتيحية تعتمد الإقصاء والإبادة والتهميش والتوظيف بنخب الإسترزاق التي تنفذ ما يملي عليها من تعليمات وتوجيهات فلا ضرر إن غادرت القيم السماوية والحقوق الإنسانية إلي غير رجعة . عاش كفاح مؤتمر البجا
والتحية والتقدير والإعزاز لشهدائنا ولقيادتنا التاريخية
إ براهيم طه بليه
مؤتمر البجا
اكتتوبر – 2016 م
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.