مؤتمر البجا كيان سياسي ديموقراطي متحرر و مبادئه بجاوية في بيئتها وفي مضامينها 1 ان تعريف التاريخ بأنه علم التغيير ينبغي ان يكون الأساس الصلد الذي ترسو عليه قواعد الرؤية القومية, وضرورة توظيف تراثها وبخاصة التراث التاريخي في عملية العقلنة والتغيير, خصوصا في المرحلة الحساسة التي يمر بها الوطن السودان وكان من الطبيعي أن تبحث قيادة مؤتمر البجا التاريخية عن عناصر القوة والمناعة والتقدم في تاريخها الحافل بالاحداث ومحاولة توظيف العناصر الايجابية في تراثها الحضاري من أجل تحقيق النصر في معركتها الحضارية اليوم كأنهم يقرؤون الغيب يومئذ (1958 م) – وتزداد هذه تأكيدا وإلحاحا حين تتردي الأوضاع وتزداد خطر التجزئة والتبعية – كما هو الشأن اليوم – الإمر الذي أخذ يولد موجة يأس كبيرة ويوحي حتي بخلل ذاتي في القيادة السودانية التي سادت تحكم دون أن تعير الاهتمام لغيرها – لإننا لا ندرك في ضوء وعي علمي صحيح طبيعتها وطريقنا الي الخروج منها – وعند توفر هذا الادراك نستطيع تجميد أكثر الآثار السلبية التي تترتب علية وخصوصا الآثار النفسية الخطيرة التي تهدد بالغاء وحدة البلاد واخراجنا مع الوقت من القومية السودانية وتمزيق خارطة البلاد إلي دول ومسميات جديده وعلية من الطبيعي أن نتدارك ذلك ونعد العدة له إعتمادا علي الثقه بالنفس لأنها من أهم مقومات بناء الشخصية حتي تكون في حالة مستمرة من تحرك وتطور مستمرين وأن تساعد نفسها علي إتخاذ القرارات المصيرية وإذا افتقدتها فإنها لن تستطيع أن تتحقق أي إنجاز وستكون علي هامش الحياة بلا قيمة تذكر, وهذه الشخصية في أمس الحاجة إلي من يدفعها حتي تدرك أن بداخلها ماردا يريد أن ينطلق حتي تبدأ بالتفكير وتدرك في الحياة دروبا , قضي أن تعز من أعز نفسه – تحقق له التقدير الذاتي وتحقق له الانجازات الذاتية وغيرها مما هو وثيق الصلة بالثقة وما علي هذا الانسان أن يغادر أرض المؤثرات السلبية ويتجه إالي التركيز علي الاهداف البناءة لأنها تحقق الاعجاز وتولد الطاقة المتجمدة بسبب وأخر , تنتج الانجاز الذاتي الذي يستطيع بكل قوة إجتياز ما يعترضه من ظروف وعقبات – فتحقق التفوق والابداع , وأخري تزل من أضعف نفسه وتودي به الي الهوان والتهلكة, وتلك سنن الحياة الماضية منذ أن خلق الانسان من سلالة من طين. واعلم أن الحياة واحده وليس لها أعادة فإذا انتهت لم تعد – فمن اجتهد وعمل بسننها الايجابية كانت له معينا لحياة أفضل ومن تركها خسر كل شيء دون أن تضار الحياة شيئا فللحياة إستراتيجية واضحة . إذا أعظم الرجال من يبشر بما في الحرية من العزة والحياة ومنذرا بما في الذل من الموت والعار ويحرر وينقذ امته من ربقة الذل والعار والاستعباد ويخلقون الظروف ويصنعون الاحداث ويملون إرادتهم ويحققون تطلعات أمتهم. وهكذا قيادة مؤتمر البجا التاريخية وعلي رأسهم الشهيد الدكتور طه عثمان محمد بلية إخصائي الباطنية , أول طبيب بجاوي , رجال عظماء صنعوا التاريخ السياسي لشعب البجا – رجال لم تلدهم الظروف ولم تبعثهم المطامع وستظل ذكراهم علي تراخي الحقب وتوالي الاجيال , أنواط بالقلب وأعلق بالذاكرة – فزعامة هؤلاء أشبه بأصحاب الرسالات – زهدوا في الثراء والحكم – فعاشوا للمبدأ والفكره وماتوا للقدوة والعبر – وماتوا رضوان الله عليهم ميتة الشهداء . قال القائد الفذ محمد آدم موسي ( غاندي البجا ) , نحن بدأنا تجربتنا النضالية من تراث طويل بدأ في التأريخ القديم وقد كتب علينا الانتفاض الدائم في مواجهة آليات الاستعباد والاستبعاد منذ وقت طويل وكان يملك الدليل للوقائع كما حدثت والاحداث كما وقعت – لايضفي عليه مشاعره أو مواقفه الشخصية بقدر ما يؤكد علي أهمية الحقيقة وتوثيقها عند اذهان الناس علها تساعد في حفظ قوميتهم البجاوية أو تسهل من عمليات جبر الضرر أو تكرس مشاعر وحدتها كهوية قائمه بذاتها ارتبطت بالمكان لآلاف السنين ماقبل الميلاد وساهمت في الاحداث التي تعرض لها السودان خلال القرون الماضية والأخيرة علي أقل تقدير ومن ثم رؤيته في المكونات الاسرية والتشبيكات القبلية وارتباطها بآليات الضبط الاجتماعي من حيث العادات وفترات العبور ومدي قدراتها الكبيرة من تفعيل آليات الصمود المتينة للتكافل والتراحم الاجتماعي عندما تشتد عواصف الفتن والارتزاق لهدم صرح امتنا المتين, منوها للحاضر المرتبط بسياسات التهميش التي وظفتها النظم التي تعاقبت علي حكم البلاد منذ عقود طويله وإستمرار نضال البجا في سبيل العدالة والمشاركة في السلطة , ومات كما ولد ثائرا فذا , وهب ما يملكه لابنائه البجا دون أن يورثه , دور للنشء تمحو الجهل وتزرع الوعي ولم يستغل السياسه لكي تكون له مغنما وهكذا رفقاء دربه الباشمهندس هدلول وآخرين فليرحمهم الله جميعا رحمة واسعة لم تكن الحركة السياسية للبجا في فترة ما بعد الاستقلال إلا إمتدادا لتنامي الوعي السياسي بالبلاد, لذلك كان طبيعيا أن تبرز الحركة بعض القيادات من أبناء البجا وسط الأحزاب السياسية التي كانت تعبر خلالها عن تطلعات الجماهير وهمومها وأرائها السياسية وما ينبغي أن تكون علية صورة مستقبلها. فقد كان الاعتقاد في ما سمي بالأحزاب الوطنية آنذاك والحركة القومية السياسية أن تحمل همومها وتطلعاتها وترفع عنهم تلك المعاناة التي يعيشونها, بحيث يجدون أنفسهم جنبا الي جنب رصفائهم بالبلاد, شركاء في السلطة, يخططون ويقودون بلادهم التي ضحوا من أجلها تضحيات كبيره. لكن ذلك للأسف لم يحدث. وهكذا انتقل الغبن والاحتقانات التاريخية إلى الاجيال اللاحقة. إذن لم تكن الاحزاب السياسية قدر الطموح الذي حمله الناخبون في مناطق البجا كما كان في مناطق اخري بالبلاد. لم تبدو الأحزاب السياسية بالمركز حرصا , ولو جزئيا – علي التغيير عن واقع المنطقة والنهوض بها من معاناتها التي إزدادت مع مر السنين. لذلك كان طبيعيا في تلك الظروف الحرجة في تاريخ البلاد أن تبحث النخب السياسية المثقفة من أبناء البجا عن مواعين سياسية بديلة تستوعب قضايا المنطقة وهمومها وتخاطب وجدانهم وتكون قريبة من أحلامهم في وطن يوفر الاحترام والمساواة والانعتاق لجميع مكوناته. إن الاخفاقات لازمت حكومات ما بعد الاستقلال وفشلت جميعها في تحقيق حتي ولو جزء يسير من تطلعات البجا. وفرت تلك الظروف المحبطة مناخا وعوامل ساعدت في قيام تنظيم مؤتمر البجا في أواخر العام 1958 م, كتنظيم سياسي رائد بأهدافه وهمومه القومية المحلية الواضحة. إلا أن ذلك لم يشفع لدي الحكومة المركزية برئاسة المرحوم عبدالله خليل رئيس الوزراء وبعض القوي السياسية فوصمت مؤتمر البجا بالتكتل الجهوي والعنصري. والتاريخ يشهد أن البجا رفضت ان تكون منطقتهم ( محمية بريطانية ) تنال استقلالها الكامل كدوله ذات كيان و سيادة في العام 1947 م. والتأريخ المكتوب بقلم الاعداء قبل الاصدقاء يشهد للبجا أن لهم اليد الطولي في الدفاع عن الوطن ضد الامبراطورية العثمانية والاستعمار البريطاني, وذلك بهزيمة المربع الانجليزي الشهير وطرد الغزاة وتطهير الأرض من دنسهم – حيث أبرزوا وقوفا وإقداما نادرين وبسالة منقطعة النظير وسلوكا عسكريةجا غاية في الانضباط وأظهروا أصالة معدنهم الحقيقي في ميادين القتال وأثبتوا كفاءة نادرة واقتدارا عظيما تفوقوا به علي جيوش بريطانيا العظمي. قد حمل البجا العبء كله في حماية ارض البجا بوابة السودان الشرقية رغم تفوق العدو عددا وعتادا متقدما بمقاييس تلكم الإيام, إلا أن هذا الاخلاص والوطنية والوفاء لم يحقق لهم الحق في المواطنة المتساوية والاعتراف لهم بثقافتهم . ونحن أحفاد دقنه وصحبه سنحمي دائما هذه الحقيقة المقدسة التي لاتخبو, ولن نسمح بخيانة أو طمس سيرة هؤلاء الابطال الذين ضحوا بأنفسهم ودائما وحافظوا علي الدين وحموا العرض والأرض. نواصل ابراهيم طه بلية [email protected]