الملاحظ هذه الأيام هو تدني الخبز من حيث الحجم والجودة، على الرغم من التغير الذي طرأ علي سعره حيث تحول من 3 قطع بجنيه إلى قطعتي خبز بجنيه، تحت دعاوى ارتفاع سعر الدقيق ، لكن بعد التقصي والسؤال من أصحاب الأفران أنفسهم، اتضح لنا أن الزيادة هى 20جنيهاً فقط للجوال الواحد، إذاً هل تنسجم الزيادة في أسعار الخبز (مع نقصان وزنه) والزيادة في أسعار الدقيق؟ لا أعتقد ذلك. لكن الواضح للجميع، بمتابعة بسيطة، أن حكومة النظام الطفيلية بانتهاجها السياسة الرأسمالية لا يهمها معاش الناس، ومستوى معيشتهم على الاطلاق، وقد صرح بذلك وزير المالية أمام الملأ وبكل بجاحة. فالزيادة في أسعار الخبز وعدم وجود جهة تتابع أوزانه أو جودته ومدى انسجامها مع دخل الناس، خاصة أصحاب الدخل المحدود من الموظفين والعمال وغيرهم من الشرائح الفقيرة غير موجود، كما أن تدني الخبز يسير بالتوازي مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الأخرى التي تمس حياة الناس، مثل السكر والزيوت وغيرها من السلع بصورة خرافية، إذ ارتفع كيلو السكر في فترة أربعة أشهر من 5 جنيهات الى 12جنيهاً، دون أيّ أسباب مقنعة إلا مضاربات الرأسمالية الطفيلية ممثلة في تجار النظام، والتي تتغذى على دماء الكادحين، مضافاً إليها زيادة أسعار الادوية في كل الصيدليات بطريقة أيضاً غير مسبوقة، كل ذلك وحكومة الإنقاذ الفاسدة تبشر الناس بما يسمى برفع الدعم في موازنة 2017 للدقيق والمحروقات، وهل الحكومة في الأصل تقدم دعم لهذه السلع؟ أم تريد إضافة أسعار عليها، وفق النظام الإقتصادي الرأسمالي الذي تنتهجه الحكومة؟ الإجابة واضحة وهى أن الحكومة لا تدعم أي سلع إنما توسع دائرة الضريبة علي المواطن، وتثقل كاهله، كما أن تصريح وزير المالية بأنه ليس من واجب الحكومة دعم السلع يبشر المواطن بوضع اقتصادي جديد، بالاضافة لاهتمام الدولة بزيادة الصرف على الجانب الأمني فقط، وليس أي سلع تهم الناس ومعاشهم باعتبار أن "الأرزاق على الله!". إذا كان ليس من واجب الحكومة معاش الناس، ماهي واجباتها إذاً؟ ولماذا تبقى؟ هل لنهب الموارد وتوظيفها لخدمة الفاسدين، وزيادة المخصصات والعربات؟ أموال الشعب تذهب لتوسيع الحكومة لاستيعاب ما يعرف بمستحقات الحوار الوطني، أعداد جديدة في عضوية المجلس الوطني، ووزراء جدد بمخصصات جديدة تثقل كاهل الاقتصاد المنهار من أساسه ليتحملها المواطن من لقمة عيشه، وصرف بذخي على احتفالات ما يعرف بالحوار الوطني بطريقة مهينة للشعب. فماذا يعني الحوار إذا لم يزيل العبء المعيشي عن المواطن؟ لماذا يكون الحوار عبئاً جديداً عبر الصرف على الوافدين الجدد والمؤلفة قلوبهم لتوسيع دائرة الفساد وتبديد المال العام؟ ولماذا إضافة أعباء جديدة على المواطن والتي سوف تتصاعد يوماً بعد يوم وتضيق عليه الخناق في معاشه مما يجعله في حالة يرثى لها؟؟ إن الارتهان لسياسات البنك الدولي لن تقدم حلاً لوطن تراجعت صادراته، وزادت ايراداته من سلع كمالية ليس لها أهمية في حياة الناس، وانتشر الفساد في تبديد أمواله دون مراقبة. ولقد جرب النظام طوال هذه السنوات التعامل مع البنك الدولي، ولم يتعافى الاقتصاد بل سجل تراجعاً مخيفاً حتى وصل سعر الدولار إلى هذا الرقم المأساوي 16.5، واغرقت البلاد في قروض جديدة كعبء إضافي على الديون المتراكمة أصلاً والتي تجاوزت 40 مليار دولار. لن يتعافى إقتصادنا إلا بتغيير كامل للنظام الإقتصادي والسياسات الرأسمالية المتبعة. كما يجب إعادة دور الدولة بشكل واضح وأساسي في التنمية ومعاش الناس ومكافحة الفساد والمحسوبية والطفيلين، ممايشكل أهم مخرج لأزمتنا الاقتصادية. لن يجدي حوار الهدف الأساسي منه شراء بعض الناس لكسب الوقت وإطالة عمر النظام وزيادة معاناة الشعب. د/معتصم دونتاي [email protected]