فى عام 1990 انتفض الجنرال الطيب سيخة وأعلن عن ثورة لاصلاح الخدمة المدنية أسماها (تثوير الخدمة) وذلك لاصلاح ما احدثته حكومة الاحزاب من خراب ودمار بها وترأس بنفسه ماسمى حينذاك بالمجلس الاعلى للاصلاح الادارى وأستجلب لها العاملين من جميع ولايات السودان وشكل منهم فرق عمل جابت جميع المصالح والمؤسسات الحكومية على مستوى السودان ومنحت لها صلاحيات تفتيش كشوفات (المرتبات) ومراجعة العمالة وذلك للوقوف على حجم فائض العمالة لاعاد ة تدريبها وتوزيعها على المواقع التى بها نقص وقد رصدت لهذا البرنامج ملايين الجنيهات فى شكل حوافز لفرق العمل واستمر هذا البرنامج لمدة ثلاثة أشهر ولم يسفر عن نتائج ملموسة تؤدى الى اصلاح الخدمة لان هذا البرنامج بدأ أسوأ بداية وهى الفصل ( للصالح العام ) وهى ابعاد كل منسوبى الاحزاب غير المؤيدة لانقلاب الجبهة القومية الاسلامية حتى لو كان هذا المنسوب لاحزاب المعارضة فى وظيفة (كاتب) وحل محلهم ما سمى (بالاقوياء الامناء ) وهم الموالون على اطلاقهم وقد ظهر لاحقا ان كثير منهم لم يكونوا أقويا ء ولا أمناء فأستقلوا نفوذهم والثقة التى وجدوها من قيادة الدولة فى الاعتداء على المال العام وممارسة الفساد بكل أنواعه وأثروا ثراء يفوق التصور وتزوجوا النساء مثنى وثلاث ورباع وتلاعبوا فى القوانين واللوائح فدمروا الخدمة المدنية بممارسة المحسوبية فى التعيين والترقى والسفر الى الخارج تحت بند التدريب دون التقيد بشروط وقواعد المجلس القومى للتدريب وأستمر التدهور فى الخدمة لمدة 26 عام لينتفض جنرال أخر فى ديسمبر 2015 وهو الجنرال بكرى حسن صالح النائب الاول للرئيس ويعلن عن ( برنامج اصلاح الدولة ) ويكون لجنة عليا ليكرر التجربة الفاشلة لزميله الطيب سيخة ويقول اهلنا الصوفية (كل تجربة لا تورث حكمة تكرر نفسها) ويقول العالم اينشتاين ( تكرار التجارب بنفس المدخلات يقود الى نفس الفشل ) وقد صممت لجنة بكرى حسن صالح (اورنيك) أحتوى على المحاور التالية :- مشروع الحكومة الالكترونية البرنامج القومى لتنمية المهارات تسهيل ادارة الاعمال البيئة التشريعية البيئة المادية يوم الخدمة العامة (وهو نفسه الذى أبتدعه الطيب سيخة وهو برنامج لمن لا يعرفه عبارة عن اجتماع لجميع العاملين مع الادارة العليا فى صيوان كبير يناقش مشاكل العمل ويقترح الحلول مع برنامج ترفيهى مصاحب تردد فيه أغانى الحماس والفروسية على شاكلة (النار ولعت) مع صيحات تكبير تهليل من الحضور ويبشر الرجال فوق النساء العاملات الجودة والتميز العامل المتميز أرسل هذا الاورنيك للمصالح والوحدات الحكومية لتقوم بملئه شهريا بما حققته فى هذه المحاور ثم أعادته للجنة العليا لبرنامج اصلاح الدولة لمناقشته والجميع يعلم كيف يتم ملء هذه التقارير بطريقة (العمل يسير حسب ما خطط له) وكل شىء تمام يا أفندم ويتوقع الجنرال بكرى انتهاء هذا البرنامج بنهاية ديسمبر ويبشرنا بنجاحه وأعادة الخدمة المدنية لسيرتها الاولى . ان ما خربته الانقاذ فى 27 عام يريد الجنرال بكرى اصلاحه فى عام واحد عن طريق التقارير !!؟؟ عصام الجزولي [email protected]