الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيدات هولنديات في السودان– مغامرات القرن التاسع عشر

Dutch Ladies (Tinne) in the Sudan. Nineteenth Century Adventures
آنا ماريا أبو شامة – ريد مايكر Anna Maria Abushama – Rademaker
عرض وتلخيص: بدر الدين حامد الهاشمي
هذا عرض وتلخيص مختصر لكتاب صدر في عام 2010م عن دار نشر ترافورد في فيكتوريا بكندا للمؤلفة آنا ماريا أبو شامة – ريد مايكر عن قصة سيدات هولنديات (من طبقة النبيلات ذوات الصلة الوثيقة بالبلاط الملكي في لاهاي) قمن بمغامرة الترحال في غالب بلاد السودان، لمدة عامين كاملين في القرن التاسع عشر. سجلت المؤلفة في مقدمة كتابها إنها بقيت بالسودان عدة سنوات قبل أن تسمع لأول مرة بقصص هؤلاء النسوة الهولنديات النبيلات المغامرات، ومضت تقارن بين حال السودان – الحالي- وحاله وأحواله فيما سجلته هؤلاء النسوة في القرن التاسع عشر، فوجدت أن كثيرا مما سجلنه أولئك الهولنديات عن الريف السوداني في تلك السنوات – خلافا لما هو حادث في المدن الكبيرة- لم يصبه كبير تغيير.
وكان الفريق الهولندي في تلك الرحلة يتكون من: هينريتي ماريا لويس فان ستينقراتش كامبلين وابنتها الوحيدة، وأختها ادريانا فان ستينقراتش، والكسندرنا بيترونيلا فرانسينا، وخادمين، وخادمتين هولنديتين. وحل ذلك الفريق بالخرطوم في الرابع من أبريل عام 1862م، وغادرها في الرحلة الأولى - بكامل أفراده - متجها لجنوب البلاد في الأول من مايو من ذات العام. وفي الرحلة الثانية التي قام بها ذلك الفريق تخلفت السيدة / ادريانا عن السفر مع الفريق إذ بقيت بمفردها في الخرطوم لمدة عام وشهرين ونصف إلى أن توفيت. وغادرت الكسندرنا الخرطوم نهائيا متجهة إلى القاهرة في يوليو من عام 1864م حيث بقيت هنالك لعدة شهور للتحضير لرحلة أخرى.
وسجلت المؤلفة فقرات مطولة عن الحياة في "لاهاي" في تلك السنوات، وعن التاريخ الشخصي لبعض النساء اللواتي قمن بتلك المغامرة، وعن البلاد الأجنبية التي زرنها، وتبين أن معظمهن كن قد زرن من قبل عواصم كل الدول الأوربية تقريبا، خاصة دول غرب أوربا والدول الاسكندنافية.
وصلت هينريتي وجماعتها إلى الإسكندرية في يوم 17/12/ 1855م حيث سجلت في كتاب مذكراتها اليومي ما رأته من "زفة الألوان" التي شاهدتها فكتبت تقول: " تخيلوا... قرابة الخمسين مركبا صغيرا تئن بحمولتها من المخلوقات السوداء التي ترتدي كل ما قد يخطر ببالك من الأزياء الملونة، وبعضهم لا يرتدي شيئا يذكر. يا للتنوع! الكل يتكلم أو يصيح محاولا فتح الطريق أمام القادمين من السفينة التي رست لتوها على الميناء. وكان في استقبالهن بالميناء القنصل العام لهولندا بمصر (وزوجه التي تجيد اللغة العربية) معبرا بذلك عن احترامه لملك وملكة بلاده. ولبت هينريتي وجماعتها دعوة نقلها لها ذلك القنصل من الأميرة زوجة سعيد باشا خديوي مصر لزيارتها في قصر المعمورة. وفي تلك الزيارة رحبت بهم الأميرة وأبدت إعجابها بشجاعتهن في زيارتهن السابقة للسويد، وطافت بهن على أجنحة القصر وأرضيته التي صنعت من خشب المهوقني والعاج المجلوبين من جنوب السودان.
وسافرت جماعة السيدات الهولنديات من الإسكندرية للقاهرة في يناير من عام 1856م بقطار السكة حديد، والذي كان قد أفتتح في العام السابق وأقاموا في أشهر فنادق القاهرة يومئذ، "فندق شبرد"، في حي الأوزبكية بوسط البلد. ومن القاهرة سافرت تلك المجموعة مع رجلين هولنديين آخرين تصادف أن كانا من نزلاء فندق شبرد إلى القدس للحج أثناء إتمام الإجراءات لرحلة السودان.
وبدأت رحلة السيدات الهولنديات على ظهر باخرة نيلية "دهبية" في يوم رائع الجو من أيام يناير من عام 1856م. وكن يرتدين شالات صوفية أحضرنها من هولندا اتقاء لبرد الصباح، إلى أن وصلت الباخرة إلى أسوان في السادس عشر من فبراير. وشاهدن بشديد الانبهار كثيرا من الآثار والمعابد الفرعونية وشواطئ النيل الخضراء التي تقف شاهدا على حضارة تليدة كان الناس فيها يؤمنون بأن ملوكهم آله. وزاروا كذلك معبد "أنس الوجود" الرائع. ورأين في منطقة أسوان مقياس ارتفاع منسوب النيل الرائع في جزيرة فيلا. كانت تلك هي رحلتهن الأولى، والتي بعدها سافرن للحج في القدس.
وبعد ذلك بدأن في التحضير لرحلتهن الكبرى ... إلى أرض السودان، وقمن بأخذ مشورة عدد من "الخبراء" الذين زاروا السودان من قبل. ورشح لهم القنصل العام لهولندا مهندسا إنجليزيا كان يعمل في خدمة محمد علي باشا اسمه لينانت باشا ديلفوند (1800 – 1883م) كان قد زار سنار بين عامي 1821 – 1822م، ثم زار السودان مرة أخرى في عام 1827م لاستكشاف حدود الشلك، وعمل بين عامي 1831 – 1832م في التنقيب عن الذهب في منطقة أبيي، وقام بمسح للمنطقة الواقعة بين وادي العلاقي (؟) وشندي. وأقترن الرجل أثناء وجوده في السودان بسيدة حبشية وفي السنوات التي تلت عام 1832م عمل موظفا بالخدمة المدنية في الحكومة المصرية، التي منحته لقب "بيه" في عام 1847م. وقدم ذلك المهندس الإنجليزي خبرته الطويلة للنساء الهولنديات فيما يتعلق بالمراكب وطاقمها، وما يجب عليهن أخذه من زاد ومؤونة في تلك الرحلة الطويلة.
وفي رحلتهن النيلية جنوبا توقفت النساء الهولنديات في "الأقصر" حيث قضين فترة للاستراحة والاستجمام، ثم مررن بأسوان حيث شاهدن سبع بواخر نيلية بالغة الفخامة تتبع للخديوي محمد سعيد (والذي تولي مقاليد الحكم بعيد اغتيال ابن عمه عباس الأول في عام 1854م). وكانت السيدات الهولنديات يرغبن في عبور الصحراء من أسوان إلى داخل السودان بيد أنهن أصبن بخيبة أمل كبيرة في "كورسكو" على الحدود السودانية عندما رغبن في شراء إبل تقلهن عبر الصحراء ولكنهن أخبرن أن الخديوي قد اشترى كل ما هو معروض من تلك الإبل، وأخبرن أيضا بأنهن قد يجدن ضالتهن من الإبل في وادي حلفا. قمن باستئجار قوارب صغيرة لعبور الشلال الأول والوصول لوادي حلفا. غير أنهن أصبن هناك بخيبة أمل جديدة، إذ لم يجدن في تلك البلدة أي حيوانات للنقل، ولم يكن أمامهن من بد غير الأوبة لمصر إذ أن مواصلة السفر جنوبا والوصول للشلال الثاني كان أمرا يشبه المستحيل. واستغرقت رحلتهن لوادي حلفا قرابة الشهرين، بينما استغرقت رحلة عودتهن من وادي حلفا للقاهرة أربعة عشر يوما فقط! وحللن بالقاهرة في يوم 27 مارس 1857م. كان هذا يعني أنهن كن قد قضين بعيدا عن وطنهن ما يزيد على تسعة عشر شهرا (إذ كن قد بدأن رحلتهن في 19 سبتمبر 1855م وسبق لهن أن وعدن أسرهن والأسرة المالكة بإتمام الرحلة والعودة في عامين فقط). بيد أن ذلك لم يفت ذلك من عضدهن للوصول لمدينة الخرطوم، فجددن العزم على السفر إليها في وقت آخر في المستقبل القريب.
وبعد ثلاثة أسابيع من عودة النساء الهولنديات من رحلتهن النيلية الثانية قررن السفر إلى بيروت في طريق عودتهن للاهاي. وغادرن بيروت في سبتمبر 1857م على ظهر سفينة صغيرة إلى قبرص ومنها إلى "نيقوسيا - رودوس – سمرانا" (تسمى الآن أزمير)، ومنها إلى "كونستانتابول" (تسمى الآن إسطنبول) للسفر بسفينة أخرى إلى براغ ودرسدن ومنها بلغن مدينتهن لاهاي بعد غيبة استمرت لعامين كاملين. وفي لاهاي بدأن على الفور في التحضير لرحلتهن النيلية الثالثة، ولكنهن في ذات الوقت قمن برحلة سريعة إلى ألمانيا وبولندا وموسكو. وفي عام 1859م قمن بزيارة سريعة أخرى إلى عائلتهن في إنجلترا، وفي العام الذي أعقبه بدأن في التحضير جديا للرحلة النيلية الثالثة.
من أشهر كتب الرحلات التي كانت شائعة في تلك السنوات كتاب البريطاني جيمس بروس المعنون: "رحلات لاستكشاف منبع النيل في الأعوام 1768 – 1773م". كان ذلك من أهم الكتب التي انكبت عليها النسوة الهولنديات بتمعن وشغف شديدين. وقبل ذلك كان الأوربيون قد بدأوا في محاولة الدخول لأفريقيا فقامت مجموعة من القساوسة البرتغاليين بالسفر لإثيوبيا حيث نجحوا في تنصير العائلة المالكة هناك في بداية القرن السادس عشر الميلادي. وبعد مائة عام من ذلك قام دكتور فرنسي في رفقة قسيس بزيارة غوندار في أثيوبيا وسنار في السودان. كتب هؤلاء الرحالة عما شاهدوه في رحلاتهم. وأثارت تلك الكتب شهية أولئك المغامرات الهولنديات للقيام برحلتهن النيلية التي طال انتظاره.
وبدأ التحضير للرحلة الثالثة للسيدات الهولنديات بقيام قنصل عام هولندا في مصر بالحصول لهن على تصريح من خديوي مصر محمد سعيد شخصيا يطلب فيه من الجميع تسهيل مهمتهن في الرحلة التي كان من المقرر أن تبدأ في يناير من عام 1862م.
وجرت أحداث كثيرة بمصر أثناء وجود السيدات الهولنديات بها كان من أهمها تولي خديوي جديد لحكم مصر هو سعيد باشا محمد علي ( 1854 – 1863م) والذي حل محل عباس باشا، الذي اغتيل اغتيالا بشعا في عام 1854م. وبلغت السيدات الهولنديات الإسكندرية في 17/12/ 1855م حين كان عهد سعيد باشا (الغربي التوجه) قد بدأ لتوه، وكان عهد ازدهار ونمو ظل يستمع فيه الخديوي لنصائح أصدقائه الغربيين، ومنهم فريدن اند – ماريا ليسبي، الذي نصحه بشق قناة السويس ومنح حق امتياز إدارتها لتسع وتسعين عاما بعد إكمال إنشائها.
وفي فصلين صغيرين سجلت المؤلفة زيارة السيدات الهولنديات لجامعة الأزهر (والتي وصفتها بأنها أقدم جامعة في العالم) وتاريخا مختصرا لتاريخ فندق شبرد والذي شيده رجل إنجليزي يحمل ذات الاسم على أرض كان مقاما عليها قصر الألفي، وأقامت فيه السيدات الهولنديات لفترة قصيرة، انتقلن بعدها (مع 36 صندوقا من الأمتعة) إلى فيلا على النيل.
ثم بدأت رحلة النسوة الهولنديات من القاهرة للسودان في يوم 14/1/ 1862على ظهر ثلاثة قوارب: الأوربيون والطاهي المصري وخادمان عربيان وخمسة كلاب وصندوقان لأدوات المائدة وزاد يكفي لعام كامل في المركب الأول، وصناديق الأمتعة الثقيلة مع الحراس في المركب الثاني، وحصان وحمار وخيمة كبيرة وبقية الأمتعة في المركب الثالث. وكانت أقسى مراحل الرحلة النيلية هي المرور عبر الشلال الأول حيث استلزم عبور المراكب تفريغها من محتوياتها تماما، وأن تحمل حملا عبر الشلال بمساعدة ما لا يقل عن 200 من الرجال الأقوياء يشدون المراكب بالحبال من على الشاطئ. وسجلت واحدة من النساء الهولنديات إعجابا ظاهرا بالرجال العرب الأقوياء وبمزاحهم وروحهم المرحة وهم يقذفون بأجسادهم الرياضية في المياه المندفعة بقوة ويقودون المراكب عبر الصخور الخطرة بيسر مدهش ومهارة فائقة (تمت إزالة هذا الشلال الأول بقيام سد أسوان الذي شيد بين عامي 1902 – 1933م. المترجم).
ووصلت النسوة الهولنديات إلى كورسيكو على الحدود السودانية، حيث أقمن معسكرهن تحت رعاية شيخ من العبدلاب اسمه شيخ أحمد. وكانت كورسيكو هي نقطة البدء لكل من يرغب في السفر جنوبا للسودان، وهي عبارة عن فضاء واسع مزدحم ببشر من مختلف الأعراق والأشكال والألوان واللهجات، وبحيوانات من كل نوع. وكانت هنالك بعض الخيام المنصوبة لمن يرغب في انتظار القوافل المتجهة نحو السودان. وشملت أصناف المنتظرين في كورسيكو تجار إبل، ومستعبدين آبقين يمنون أنفسهم بالأوبة لمواطنهم الأصلية، وعمال زراعيون يعملون في مزارع مصرية ويرغبون في العودة لقراهم في السودان. هنالك أيضا تجار حبوب وأغذية أخرى وبائعي بروش وقرب مياه وسروج وأدوات ترحال مختلفة. وكانت هنالك أيضا مجموعات نساء محليات في أطراف السوق يبعن الشاي والقهوة، ويتجمع حولهن الزبائن وهم يجلسون القرفصاء. ثم بدأت قافلة النسوة الهولنديات الرحلة لداخل السودان يوم 25/2/ 1862م (بقيادة شيخ أحمد العبدلابي) عبر الصحراء من كورسيكو إلى "أبو حمد" والتي تبعد نحو 370 كيلومتر، ولم تكن توجد في كل تلك المسافة غير نقطة واحدة (تسمى آبار مراد) يمكن فيها التزود بالمياه وإرواء عطش الناس والحيوانات. وكان من المقرر الوصول إلى "أبو حمد" في نحو 16 -18 يوما. وكانت تلك الرحلة – دون ريب - أقسى رحلة يكابدنها أولئك النسوة الهولنديات وأكثرها إجهادا، فالحر بالغ الشدة، والهواء سموم مغبرة لا تكاد تحتمل، وما من مجال للاستحمام أو نيل أي قدر من الخصوصية. وكانت قافلتهن مكونة من 102 جملا وست خيام كبيرة مع ستة من المرشدين وثلاثين رجلا مسئولين عن الإبل، كلهم يحملون البنادق للحماية من قطاع الطرق. وكان شيخ أحمد يرسل أمام القافلة عددا من العيون لاستكشاف الطريق وأمنه خشية هجوم غير متوقع من لصوص الصحراء وهم كثر. ورغم المشقة البينة فقد سجلت أحد النساء الهولنديات في مذكراتها أنها وجدت الصحراء "جميلة" و"رومانسية" وأعجبت – كفنانة- بألوان الصحراء المختلفة فصخور جبالها سوداء، وألوان حصاها فيها الأحمر والأصفر والغامق والفاتح، ورمالها الصفراء الناعمة تمتد عبر الأفق. ولم تكن الصحراء النوبية تخلو - للغرابة- من بعض الخضرة والأشجار الكثيفة التي تذكر المرء بالحدائق العامة في إنجلترا. ولا ريب أن تلك المنطقة كانت تنعم بقدر من الأمطار غير يسير. وبقي روتين الرحلة واحد لا يتغير: يسيرون من الفجر دون انقطاع حتى منتصف النهار (حين تشتد الحرارة) فيريحون جمالهم وينصبون خيامهم ويطبخون طعامهم ويشربون الشاي إلى أن يحل المساء ويبرد الجو فيعاودون السير مرة أخرى إلى منتصف الليل، حين ينصبون خيامهم تارة أخرى ويأكلون وجبتهم الثانية والأخيرة.
ومن الأشياء التي بحثوا عنها في طريقهم ووجدوها أخيرا هي قبر الأوربي أندرو ميلي والذي مات في الصحراء وهو يحاول الوصول للسودان في 1851م.
وبلغت القافلة "أبو حمد" بعد مسيرة 18 يوما حيث استقبلتهم المدينة برِيح هَبُوب أعقبتها أمطار غزيرة ذات برق ورعد. وبعد أيام قليلة مضت القافلة نحو مدينة "بربر" أهم مدينة في ذلك العهد بالمنطقة، فحلوا بها في يوم 23 مارس 1862م حيث كان في استقبالهم الحاكم (التركي) وكان رجلا في حوالي الستين من العمر. حلوا ضيوفا عليه في بيته ذي الحديقة الواسعة ولكنهن لم يقبلن مضايقته في غرف داره، فآثرن الإقامة في خيام نصبوها في حديقة البيت. ومن باب المجاملة قمن بزيارة حريمه واللواتي قدمن لهن المشروبات المحلاة والشاي، وأتين بأطفالهم الكثيرين (والشديدي الأدب) للسلام عليهن. واحتفلت السيدات الهولنديات مع أفراد عائلة الحاكم بعيد الأضحى (ذكرت الكاتبة خطأ أنه العيد الذي يعقب نهاية شهر رمضان. المترجم)، واحتفلن خفية بعد ذلك في يوم 1/4/ 1862م بعيد ميلاد هينريتي الرابع والستين بكؤوس من الخمر.
ثم غادرن "بربر" بعد أن ودعن حاكمها وشكرنه على كرمه وتركن لأطفاله بعض الهدايا. واستأجرن خمس مراكب نيلية لحمل متاعهن عبر نهر أتبرا. ومروا بالمدينة المقدسة "الدامر" حيث شاهدوا من بعيد مسجدها الضخم، وطلبوا من شيخ أحمد أن يروي لهن كل ما يعرفه عن ذلك المسجد. ذكر لهم الشيخ أن المسجد يتبع الطريقة الشاذلية وهي من الطرق الصوفية المعروفة، وتقودها في الدامر عائلة المجاذيب، وغالب أتباعها من الجعليين. بعد ذلك وصلت القافلة إلى "شندي" وكانت تتكون من 25 بيتا فقط. وكان بها سوق كبير وفيها أيضا "زريبة" كبيرة تستخدم سوقا لبيع وشراء الرقيق. وذكر شيخ أحمد للنسوة الهولنديات أن تلك "الزريبة" هي واحدة من أربع زرائب في السودان توجد في كاكا في بلاد الشلك، وغندوكورو في أقصى الجنوب، وفي ميناء سواكن في الشرق. وسبق للرحالة والمستكشف البريطاني جيمس بروس الوصول إلى شندي في عام 1772م وكتب يقول إنها المكان الذي كانت تنطلق منه كل القوافل المتجهة لمصر، وأن البضائع فيها أرخص ثمنا من تلك التي تباع في سنار إلى الجنوب.
وفي رحلة الوصول للخرطوم لاحظت النسوة الهولنديات أن التجمعات السكانية على ضفاف النيل كانت تزداد مع مرور الوقت، وكن يمرن بقرى سمعوا بها وهم في مصر، وكان حراسهم السودانيون يصيحون محيين كلما مروا بمزارعين يعملون في مناطق يعرفونها. وبعد مرورهم من شندي بلغوا شلال السبلوقة ثم جبل شيخ الطيب (جبل أم مرحي) ثم تلال كرري وجزيرة توتي وأخيرا لاحت لهم مدينة الخرطوم. وكانت القبائل التي تقطن تلك المنطقة غرب النيل هم الجعليون (حتى شلال السبلوقة) والشهيناب (حتى جبل شيخ الطيب) والسروراب (حتى الخرطوم)، أما شرق النيل فقد مررن بجبال صغيرة جرداء سوداء ثم ب "قري" عاصمة قبيلة العبدلاب (على سفح جبل يسمونه جبل الرويان) ثم بحلفاية الملوك، ثم وصلن لجزيرة توتي (والتي يفصلها عن الخرطوم النيل الأزرق). في الحدود الغربية يلتقي النيلان الأبيض والأزرق ليكونا نهر النيل.
وتحقق أخيرا حلم السيدات الهولنديات الثلاث في يوم 11/4/ 1862م حين حططن رحالهن في الخرطوم. كان منظر المدينة بحدائقها الخضراء الكثيفة وبيوتها الطينية الملونة مصدر دهشة وعجب أولئك النسوة. وعندما قربن من مكان رسو مركبهن شاهدن عددا من المراكب القادمة من الشمال والجنوب تفرغ حمولتها من البضائع المختلفة، وأعجبن أيما إعجاب بمنظر الباعة المتجولين وبالنساء اللواتي يحملن قدور المياه على رؤوسهن، وبحراس القصر في زيهم الأحمر الفاقع. وترجلن عن مركبهن على ضفة النيل الأزرق حيث نصبت لهن خيمة كبيرة، إذ لم يكن بالخرطوم أي فندق رغم وجود استراحة حكومية. وكان الجو لطيفا في النهار بيد أنه بالليل كان مشبعا بالرطوبة والحرارة (والتي كانت تتراوح بين 35 – 45 درجة مئوية). كذلك كانت العقارب والثعابين تجوس في المكان، وتعذر على الطباخين والخدم الحفاظ على الطعام والماء بعيدا عن هجوم النمل والحشرات الأخرى. وكان على الحراس "تنظيف" ما حول خيمة السيدات لتفادي هجوم أي ورل أو تمساح جائع.
ولاحظت السيدات الهولنديات أن الحياة تتوقف تماما بين الساعة الثانية والرابعة عصرا، حين يخلد الجميع لأخذ فترة راحة طويلة. وكان مما أفرح النساء الهولنديات إمكانية أخذ حمام (فهن قرب النيل) وكانت الخيمة مزودة بحوض ماء تملأه خادمتان، وأسند إليهما أيضا مهمة التحريك المستمر لمروحة مصنوعة من قطعة صغيرة من السجاد وغلي الماء ووضعه في "برم" أو "أزيار" تضمن برودته. وتمتعت السيدات الهولنديات بتناول الشاي عند مغيب الشمس مع الكيك الذي أحضرنه من هولندا قبل شهور. واحتفالا بمرور أسبوع على وصولهن للخرطوم قامت السيدات الهولنديات بارتداء مفتخر ثيابهن وتناولن عشاءهن على أطباق الصيني الفاخر الذي أحضرنها معهن، واستخدمن أدوات مائدة فضية على طاولة غطيت بدمقس (قماش حريري مشجر) وفوقها شموع مضيئة منصوبة على شمعدانات حديدية. كان ذلك عشاءا رومانسيا لا ينسى.
وقررت مؤلفة الكتاب - بناءً على ما ورد في مذكرات أولئك السيدات الهولنديات اليومية- أن الخرطوم التي شاهدنها في عام 1862م كانت تشابه إلى حد كبير بعض أحياء أمدرمان اليوم، فبيوتها مصنوعة من الطين اللبن وشوارعها غير مرصوفة. وكثيرا ما كانت بعض الشوارع في الخرطوم في تلك السنوات لا تقود إلى شيء سوى باب أحد السكان، وهو أمر محير جدا لمن يرغب من زوار المدينة في الذهاب إلى السوق مثلا فيجد نفسه أمام باب أحدهم!
وكانت الخرطوم حينها تتكون من عدة أحياء تبدأ من "مقرن النيلين" الأبيض والأزرق التي توجد فيها "المنجرة" حيث تصنع المراكب، وتنتهي على شاطئ النيل الأزرق عند "العرضي" حيث يقع الحي العسكري، وفي ما بين المنطقتين كانت تقع بيوت التجار والحدائق. لم يكن هنالك شارع يحاذي النيل الأزرق بيد أنه كان هنالك طريق مشاة أمام تلك الحدائق، وكان الشارع الرئيس (والذي تقع عليه قنصليات الدول الأجنبية) يقع خلف صف المباني التي بنيت على شاطئ النيل.
وقدم المستكشف البريطاني جرانت في عام 1863م وصفا وافيا للكنيسة القبطية بالخرطوم بقبابها الثلاث وسورها العظيم ومدفنتها التي كانت تضم 20 – 30 قبرا.
وطافت هينريتي واليكسين والعمة أيدي بأحياء الخرطوم كلها وشاهدن كل ما يمكن رؤيته (ولم يكن هنالك الكثير ليشاهدنه!). وكان قناصل الدول الأجنبية يعيشون مع زوجاتهم أو عشيقاتهم (من السراري) ويتبادلون إقامة حفلات العشاء والاستقبال لزملائهم وإقامة العروض المسرحية، وبحكم قربهن من البلاط الملكي الهولندي في لاهاي كانت السيدات الهولنديات يدعين لتلك العروض والحفلات الدبلوماسية. وكانت هنالك في الخرطوم قنصليات لعدد من الدول الأجنبية مثل دول بريطانيا وفرنسا وإيطاليا (ساردنيا) والنمسا والمانيا واليونان وبروسيا وأمريكا. وكان أول قناصل الدول الأجنبية الذين زاروا خيمة السيدات الهولنديات هو السيد/ جورج ثالبوت نائب قنصل فرنسا (والذي كان يشتغل بالتجارة أيضا ويرتدي الزي التركي) في رفقة زوجه وبنته صوفي، ورجل أغريقي اسمه ديمتري. ومن الذين زاروا أولئك النسوة أيضا تاجر فرنسي اسمه ديلفين بارثاميلي وزوجه، وإيطالي يعمل في صناعة الطوب اسمه بيترو أغاتي أتى للسودان كعضو في بعثة الكاثوليك الروم، والسيد تايرنت كبير الصيادلة الحكوميين. وللترحيب "الرسمي" بالسيدات الهولنديات أحضر نائب القنصل الفرنسي معه الحاكم الإقليمي محمد رشيق(راسخ؟) بيه (المولود في "حلة يونس" قرب بربر في حوالي 1834م والمتوفى، بحسب رواية بروفيسور محمد أبو سليم، غرقا في النيل وهو في طريقه للقاهرة في 1883م). دعاهن الرجل لزيارته في المديرية بعد نحو أسبوع من زيارته لهن حيث أتت قوة عسكرية لمرافقتهن للمديرية حيث أستقبلن بموكب عسكري وقمن بتفتيش حرس الشرف الذي اصطف لاستقبالهن. وسجلت هينريتي في مذكراتها يوم 17/4/ 1862م أنهن أدخلن في غرفة جميلة لطيفة الهواء ثم أتى محمد رشيق (راسخ؟) بيه وخاطبهن في ود بالألمانية (إذ لم يكن يجيد الفرنسية) ولم ينس أن يذكر لهن أنه بصدد بناء بيت آخر لحريمه أمام منزله الحالي!
وذكرت الكاتبة أن مجتمع الخرطوم التجاري في تلك السنوات كان يتكون من ثلاثة مجتمعات: التركي والمصري والسوداني، ولكل منهم – بحسب التقاليد التركية- قائد ومندوب عند السلطات يسمى "سر التجار". واحتكرت الدولة التجارة منذ عام 1824م ولم يفض ذلك الاحتكار إلا في عام 1840م. وشملت البضائع في الخرطوم الصمغ العربي وريش النعام والذرة والخضروات المجففة والتوابل. وكان التجار السودانيون في الخرطوم من المديرية الشمالية وكانوا يعملون في الغالب في تجارة الجملة، وهم ينتقلون من مكان لآخر ويتمتعون بسمعة طيبة لنشاطهم وأمانتهم.
وبنى أحمد باشا أبو ودان سوق الخرطوم وكان عبارة عن عدة شوارع ضيقة على جانب كل منها بنيت عدة "دكك" (جمع "دكة") وهو بناء طيني صغير يرتفع عن الأرض لمسافة قدمين، تعرض عليه البضائع للشارين. يفتتح السوق مع بزوغ الشمس ويغلق عند الغروب، وتباع فيه مختلف أنواع البضائع مثل الجبنات الفخارية (المصنوعة في "ود الفادني") والشيشة وأدوات المطبخ المجلوبة من غرب السودان والخضروات الطازجة والحبوب. وأدخل الحكم المصري – التركي (وبعض قناصل الدول الأجنبية) في السودان غالب ما هو معروف الآن فيه من الخضروات والفواكه.
من بعض طريف ما ورد في الكتاب أن اثنين من خدم السيدات الهولنديات (ساكار وهندريك) قررا الاستقالة من خدمتهن بعد أن عادا من رحلة للنيل الأبيض وهما في غاية السقم. وقبلت هينريتي الاستقالة على مضض وكتمت غضبها عليهما، بل وأعطتهما سكنا وطعاما ومكافأة بلغت 80 جنيها لكل واحد منهما. غير أن السيدة الهولندية هينريتي اكتشفت فيما بعد عدم أمانة الخادمين عندما صار كثير من الزوار يشكرونها على "الهدايا" التي يفترض أنها أمرت الخادمين بتقديمها لهم. وأتضح لها أن الخادمين كانا يتصرفان في المواد الغذائية التي جلبتها من هولندا دون استئذان.
وأوردت المؤلفة رأي السيدات الهولنديات في الحكم التركي – المصري للسودان، ولم يخفين إعجابهن بسياسات ذلك الحكم خاصة في عهد الخديوي محمد سعيد باشا، الذي زار السودان في 1865م برفقة مستشاريه الأوروبيين، وكان يأمل في تحريم الرق وتخفيف عبء الضرائب الثقيل على المواطنين السودانيين وإشراكهم في جبايتها. وكان ذلك الخديوي يؤمن بلامركزية الحكم فقام بتقسيم البلاد إداريا إلى أربعة مديريات هي مديرية التاكا (شرق السودان) ومديرية كردفان (غرب السودان) ومديرية دنقلا (والتي تشمل بربر) ومديرية الخرطوم (والتي تشمل سنار ومناطق النيل الأبيض). وحكم المديرية الأخيرة بين عامي 1861 – 1862م رجل سوداني قابلنه السيدات الهولنديات وتم تقديمه لهن على أنه "محمد أفندي المدير".
وفي فصل صغير حكت المؤلفة قصة إنشاء أول كنيسة كاثوليكية بالخرطوم في يوليو من عام 1843م بواسطة بلونديل فان كيولينبروك قنصل بلجيكا في الإسكندرية مع قسيس اسمه ليوجي مونتيوري كان ملك الحبشة قد طرده من مملكته. وكان بالخرطوم عدد كبير من المسيحيين، ولكن لم تكن لديهم كنيسة يقيمون فيها الصلاة أو مراسم الزواج، وكانوا يدفنون موتاهم في مقابر المسلمين. لكل ذلك قرر مونتيوري الاستقرار في الخرطوم وبناء كنيسة ومدرسة ومقبرة مسيحية بها. واتصل القسيس بأحمد باشا أبو ودان حكمدار السودان وطلب منه التصديق له بأرض لبناء المؤسسات المذكورة. ووافق الحكمدار على ما طلبه القسيس نظير رشوة صغيرة. ومن الطريف أن القسيس مونتيوري جهز مدرسة الكنيسة لافتتاحها في أكتوبر من عام 1843م بيد أنه فوجيء بأن أحدا من السكان لم يسجل أي تلميذ في المدرسة. ولحل المشكلة حفر القسيس مكانا معينا في حديقته لاستخراج خزانة أمواله ثم توجه من فوره لسوق الرقيق وأشترى 20 طفلا مستعبدا وابتاع لهم ملابس وأغذية وأدخلهم من فوره كأول دفعة لمدرسته الكاثوليكية في السودان.
في بقية فصول الكتاب تحكي المؤلفة عن رحلة النساء الهولنديات إلى جنوب السودان خاصة مناطق كاكا وغوندوكورو وبحر الغزال.
وأخيرا عادت السيدات إلى الخرطوم في طريقهن لموطنهن عن طريق بربر وسواكن في أغسطس من عام 1864م ومنها إلى السويس وإلى بلادهن.
-------------- ------------------ ----------
نشر هذا العرض لأول مرة في عام 2013م، وأعيد نشره بعد بعض التنقيح والإضافة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.