٭ إن الأصل في التعليم هو انارة العقل واستثارة الاحساس بالمعرفة، وذلك وفق منظومة قواعد لهذا التلقي، لقد ظل ذلك مثار نقاشات طويلة، وقامت على ذلك قواعد مدارس (فلسفة العلوم) بكل تفاصيلها ومدارسها وشطحاتها ولكنها في النهاية رحلة بحث انسانية عن أسس المعرفة وقواعد التعلم ومعرفة خصائص الأشياء وقوانينها. ٭ ولذلك لا يمكن أن نتقوقع في دائرة مغلقة ما بين احباطات الحاضر وتطلعات المستقبل والحنين إلى الماضي. إن عودة حنتوب أو بخت الرضا أو كل أساتذة العهد الماضي بكل بريقهم وألقهم وكل ثقلهم المعرفي والعلمي وقدراتهم وتأهيلهم لن يعيد للتعليم بريقه وتأثيره ويصلح الاعوجاج وعناصر النقص، وذلك ان لكل زمان ظروفا وبيئة ومتطلبات ومؤثرات، وكما قال سيدنا عمر بن الخطاب علموا أبناءكم لزمان غير زمانكم. (2) ٭ وحتى نقترب أكثر، فإننا نتفق مع الآراء التي تقول ان هناك مشكلة في التعليم والمردود التربوي، وهناك مشكلة في السلم التعليمي، وهناك مشكلة في قدرة المعلم وكفاءته وعائده، وكل ذلك معلوم. ٭ ونعترف ان السلم التعليمي الحالي (8+3) معمول به في دول كثيرة، ولاقى نجاحاً، كما أن الظرف الاقتصادي السوداني لا يسع انشاء مدارس جديدة، ثم ان الملاحظة عليه هو (اجتماع طالب في عمر السادسة، مع طالب في عمر 14 عاماً في مساحة واحدة) وهذا يتطلب ترتيبات ادارية في المدارس بفصل مجموعات معينة من الفصل الدراسي الأول إلي الرابع مثلاً في جانب والبقية في جانب آخر وتكثيف الرقابة من الأساتذة والمشرفين والخ.. ٭ ونعزز ضرورة اصلاح وضع المعلم وتأهيله وتوفير المعينات له.. ٭ كل قضايا عارضة، وليست أس القضية، وإنما الأزمة الكبيرة، كيف نوصل المادة للطالب والتلميذ ونؤثر في تفكيره. (3) ٭ إن الأمر في ظني، ومع اعترافنا بأعلاه يستند إلى ثلاثة أمور: أولاً: ضرورة تطوير مناهج وأساليب وطرق التدريس، للاعتماد على التعلم وليس التلقين والحفظ، ان طريقة الضرب في الحساب مثلاً، يمكن أن تتم بأكثر من (5 طرق مختلفة)، ولكننا في السودان نعتمد منهجاً واحداً فقط!، ويقتضي ذلك خبراء في التربية وعلم النفس وخبراء في الإدارة والمناهج المختلفة، ولندرك أن الفصل لا يمثل سوى 20% من طرق التعلم، وأين المعمل؟ وأين المكتبة؟ وأين المسرح؟ وأين الخرائط الكنتورية؟ وأين؟ وأين؟. وثانياً: ولنعترف اننا نكدس مناهج كثيرة، وموادا فوق طاقة التلاميذ، لا تتيح مجالاً للابتكار والتدبر وتشجيع الملكات والمواهب وإنما استغراق في لهث دائم للحفظ والترديد دون ادراك للمعاني والغايات.. لقد قال أحد الصحابة رضوان الله عليهم، كنا نحفظ الآية من القرآن ونطبقها على أنفسنا ثم ننتقل للأخرى.. وثالثاً: التعامل مع التقنية الجديدة، من ألواح إلكترونية ومعامل ومعينات كثيرة، فهذا مسار المستقبل.. والله المستعان. الصحافة