(1) أسطورة أصل عشائر الدينكتا أو أصل عشائر الدينكا: ترجمة من كتاب جاكوب أكول : سأمشي تلك المسافة حكاية طفل مفقود في الستينات. دار نشر باولين أفريقيا في نيروبي 2005م في البدء كان الناس يعيشون في النهر تحت الماء. لم تكن هنالك أمراض و لم يكن هنالك موت. زاد عدد الناس بصورة كبيرة و ازدحم المكان تحت مياه النهر لدرجة أنه استحال علي الواحد أن يهرش ظهره. ذهب صاحب الرمح لونقار جيل ليستكشف إمكانية انتقال الناس للعيش في البر. عاد باخبار غير سعيدة بأن الناس لا يستطيعون العيش في البر و قال:" في البر حيوانات مفترسة، أمراض و موت". منع صاحب الرمح لونقار جيل الناس من الخروج من تحت الماء للبر قائلاً : الهجرة نحو البر لن تكون فكرة صائبة". تعب الناس من الإزدحام و تمردوا و قالوا صائحين :" كنّا نعلم أنك لن تسمح لنا بالعيش في البر، نحن نعلم عن إنسلالك خارجاً عن تحت الماء للبرلتستمتع و ذلك هو سبب إختفاءك المتواتر، انت لا تريد لنا أن نشاركك خيرات البر. و صاحوا عالياً: أليس هذا صحيحاً" ثبّت لونقار جيل أقدامه في الأرض تحت الماء و قال: "لن تغادروا للبر قبل أن تقتلوني، البرُ متوحشٌ و ستموتوا هناك". ترجّاهم و ألحّ عليهم لكنهم لم يسمعوا، لا بل مشوا علي جسده خارجين. أنبت صاحب الرمح لونقار جيل القصب في مخرج النهر و انتظرهم علي ضفة النهر ممسكاً رمحه المقدس و مستعد للطِعان، طعن أول الخارجين من تحت الماء بالرمح المقدس في رأسه ثم سحب جسده و أطمعه لوحوش البر. واصل لونقار جيل قتله للمحاولين الخروج للبر برمحه المقدس طوال اليوم إلي أن تمكن اقوث كيثيك ابن أخته من خداعه بالمفراكة التي استخدمها لتفريق القصب عند مخرج النهر، تمكن لونقار جيل من شق المفراكة برمحه إلي جزئين و قبل أن يدرك لونقار جيل أنه قد انخدع كان أقوث قد خرج من النهر و صرع خاله و ألقاه علي الأرض و ثبته عليها و في تلك الأثناء تدفق الناس افواجاً خارجين من تحت الماء لينتشروا في البر. هنا حوّل لوونقار نفسه إلي كوبرا (الثعبان أب درق) و لدغ اقوث في وجهه، لم تمنع اللدغة تلك اقوث من ثبيت خاله علي الأرض فظل ممسكاً به علي الارض.حوّل لونقار نفسه إلي أسد و عضّ اقوث في عنقه ممسكاً حنجرته، لكن اقوث ظلّ مثبتاً خاله علي الأرض. حوّل لونقار نفسه في كل مرة لحيوان مفترس جديد من وحوش البر و لم يستطع أيٍ منها إيذاء اقوث و جَعْلِه يفلت خاله. كان اقوث يعلم أنه مكتوب منذ الأزل أن صاحب الرمح المقدسة لن يضر بنت أو ابن أخته بفعل أو قول لذلكلم يهتم. عندما خرج جميع الناس من تحت ماء النهر اقتنع لونقار بأن الناس لن يستطيعوا العيش تحت الماء من جديد، و علم أنهم لُعِنوا و صار عليهم أن يتحملوا تبعات فعلتهم بالخروج من تحت الماء للعيش في البر. ترك اقوث كيثيك خاله في ضفة النهر فمات خاله من التعب و الجفاف. عاد لونقار من الموت، عندما عاد كان القنفذ يلعق وجهه بحنان، فأمسكه لونقار وقال للقنفذ: "ستكون حارساً لي و لأولادي و أولادهم للأبد في البر". ثم اطعم لونقار القنفذ باللبن و الزبدة و طلب منه العودة لعائلته. تعليقات من المؤلف: اولاً: و من ثمّ صار ابناء لونقار جيل يسمون رجال القنفذ و هم عشيرة ( باقونق) و ما زالو إلي اليوم يطعمون القنفذ باللبن و الزبدة قبل أن يتركوك يذهب إلي الغابة. ثانياً: تماماً كما فعل لونقار مع القنفذ تصرف زعامات العشائر الأخري في مواجهة الحياة في البر بمعاناتها و في مواجهة الموت و بحثوا عن الحماية بالارتباط بحيوانا أخري من وحوش البر مثل عشيرة البييي أو رجال الحدأة ( الصقر) حيث لايقتلون الحدأة أبداً و هم عشيرة اكويل ثالثاً: عشيرة مير (عشيرة الزرافة) لا يقتلون الزرافة و لا يأكلون لحمها رابعاَ: بادولموت أو عشيرة كور و هم رجال الأسد. لا يقتلون الأسد بل يطعمونه بحيوان أليف من ممتلكاتهم. و يقال أن الاسد حتي إذا عضّ واحداً منهم فلا يمس عظمه او يكسره و لا يقتله. (2) الحكاية الشعبية. نفس المصدر صفحة 164-165 كان للضبع و الأسد صديق مشترك يسكن في طرف بعيد من الغابة. زار الضبع و الأسد صديقهما في وقتين مختلفين. أهدي الصديقُ المشترك للضبع بقرةً حُبلَي و للأسد ثوراً كبيراً. إلتقي الأسد و الضبع في الطريق إلي الغابة. لطول الطريق و بإغراء منظر مكان فسيحٍ و خالٍ من الأشجار بالغابة صادفهما، أقترح الأسد علي الضبع أن يمضيا الليلة هناك ليرتاحا و ترتاح ابقارهما.اقتنع الضبع.نام الأسد، نام الضبع ، نام الثور و نامت البقرة. في صباح رأي الضبع عجلاً حديث الولادة جوار ثور الأسد. فسأل الأسد أليس هذا عجلي؟ و قد ولدته بقرتي. قال الأسد محاججاً أيها الجاهل أنت لا تعرف قدرة الله و معجزاته فلقد ولِد الثور هذا العجل. خاف الضبع من تبعات الإحتجاج، خاف من أن يفتك الأسد به، لكنه غضب و أحسّ بالغبن و عزم علي أخذ الموضوع لمحكمة الغابة ليحكم بينهما الفيل بعدالته المعروفة. اشتكي الضبع للفيل. دعا الفيل جميع الحيوانات. جاءت الحيوانات لمكان المحكمة.نظر الأسد في عيني أي حيوان فأرعبه، خافت الحيوانات و عندها عرف الأسد أن الشهادة ثمّ في المحكمة ستكونا لصالحه. بالفعل قالت جميع الحيوانات أن ثور الأسد قد وَلِد ذلك العجل. نعم ولد الثور العجل و لم تلده البقرة. فرح الأسد و ارتاحت الحيوانات من التفكير في غضبة الأسد و تبعاتها. أصرّ الفيل علي سماع رأي الثعلب الذي غاب عن مجلس المحكمة خوفاً من الأسد. أُرسِلت الحيوانات للبحث عن الثعلب و الإتيان به. راوغهم الثعلب وقال لهم أنه مشغول جداَ و ليس عنده وقت لهذه الأمور. عادت الحيوانات لمجلس المحكمة خائبة حيث لم يأت معهم الثعلب وكانت خائفةً من الأسد. بعد قليل مرّ الثعلب بالطريق ليس بعيداً من مجلس المحكمة. و كان يحمل وعاء به ماءٌ يغلي علي ظهره بين كتفيه و يجهد نفسه في المشي بأتزان للحفاظ علي الماء في مكانه دون أن يندلق فيؤذيه. أنتهر الأسدُ الثلعبَ و انتهر الفيلُ الثعلب أيضاً للتوفق الإدلاء برأيه. لم يتوقف الثعلب بل أبطأ سرعته ليقول: "يا سادتي هذا أمر حياة أو موت. عليّ الإستعجال! سيموت أبي فهو في أمسّ الحاجة للإستحمام بالماء الدافيء " قال الفيل غاضباً: ما هذه السخافات يا ثعلب. ما الذي يجعل أباك في حاجة للحمّام أصلاً و بالماء الدافيء كمان!!!؟؟ هنا قال الأسد بصوت غاضب، زاجر و آمر: لا أري منطقاً فيما تقول يا ثعلب. ثم همس للفيل قائلاً: لا بدّ أن لهذا الوغد ما يفكر فيه. هنا قال الثعلب، يا سادتي، انظروا، لقد ولِدَ أبي مولوداً ليلة أمس. اندهشت الحيوانات و تهامست و قالت ساخرة مرددة كلام الثعلب ولِدَ أبي مولوداً ليلة أمس!؟ ولِدَ أبي مولوداً ليلة أمس!؟ ضحك الأسد عالياً و زمجر قائلاً للثعلب أيها الغبي كيف لأباك الذكر أن يلد مولودا كما تفعل الإناث. و ضحك الأسد ها..ها... ها.... ها.... كانت ضحكته عاليةً و بدأت في الإنخفاض و انخفضت... و انخفضت... و تلاشت ثمّ ران الصمت. بعد أن انقطع الضحك تماماً. تلفت الأسد ليجد جميع الحيوانات تنظر إليه باستغراب و سخرية. هنا انتبه الأسد لأنه قد أدان نفسه في مجلس محكمة الغابة دون أن يدري. فوقف من جلسته و أخذ الثور تاركاً العجل للضبع. هكذا تنتصر الحكمة علي القوة الغاشمة في نهاية الأمر. ترجمة. طه جعفر الخليفة [email protected]