ندوة الشيوعي    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    "قطعة أرض بمدينة دنقلا ومبلغ مالي".. تكريم النابغة إسراء أحمد حيدر الأولى في الشهادة السودانية    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النهضة الوطن: وجوب تثوير الفكر لتفعيل مخرجات الحوار الوطني
نشر في الراكوبة يوم 13 - 11 - 2016


بسم الله الرحمن الرحيم
الشاهد أنني ومنذ ديسمبر 2006 - بعد إتفاقية السلام - أخذت أعيد ضرورة الأخذ بالتخطيط الإستراتيجي وضرورة تجديد الواقع السياسي لرتابته وجموده .. وقلت: ما كانت وليست هي الآن ولن تكون مشكلة السودان في: من يحكم؟ المسألة في: ماذا يراد تنفيذه؟ وكيف ينفذ؟ ثم كيف يحكم السودان؟ .. في تقديري ليس غريبآ توافق الشعب السودان علي أسس قيام الدولة الحديثة (سيادة حكم القانون والحريات وحقوق الإنسان والهوية والتنمية الإقتصادية الإجتماعية والعلاقات الدولية ..) .. ولكن المعضلة الحقيقية في : من وكيف سيتم التنفيذ؟ هل ستنفذ الديمقراطية المأمولة بتكوينات سياسية كسيحة لتشوه تكوينها الخلقي وهلامية شكلها وأخري للوجاهة أقرب منها للحزب الفعال؟! .. إن حالة التنكر والمخاصمة للفكر هي المسؤولة عن شيوع حالة الرتابة في الواقع السياسي الحالي في تقديري .. وعليه فتثوير الفكر (لا إزالة آثار مايو) يتطلب السعي لتحريك العقول لمواجهة الواقع الرتيب وتجديده وبذر أسسه الجديدة ثقافة وسلوكآ في الأجيال القادمة .. لن يكون مستغربآ أن ترفض وتقاوم مراكز القوي السياسية الحالية ورموزها وبذهنية الوصاية وبحجة الحماية للعامة واستقرار الوطن مثل هذا التجديد .. وهذا في حد ذاته كبت للتطور الطبيعي لا تقل خطورته عن الدكتاتورية السياسية في مجتمعنا .. فمسير الديمقراطية بعد الحوار الوطني بأرجل التكوينات السياسية الحالية هو تكرار للمكرر الكسيح .. والإصرار علي إستمرار وتوالي هذا التقليد مخالف أيضآ للطبيعة السوية المتطورة .. وحتي الإكتفاء بطلاء الهياكل القديمة والظن بأن التجديد قد تم ليس من الفكر في شئ .. فالفكر تجديد .. والتجديد غير منبت عن الواقع بل يرتبط بالحاجة له ومواكبة العصر في سياقه التاريخي الإجتماعي السياسي والتكنولوجي .. وطبيعيآ تتطور الحياة بتوالي التقييم والتقويم .. وعليه فحتي مخرجات الحوار الوطني المتوافق عليها الآن يستحيل السير بها نحو التنفيذ لإحداث النهضة المأمولة لا بالأرجل الكسيحة للتكوينات السياسية الحالية ولا حتي بطلاء زخرفي لهذه التكوينات الحالية والوهم بأنها جددت وواكبت الزمن ويمكن إعادتها للملعب وتسويقها بقصد الموافقة عليها وإنتظار دعمها شعبيآ .. لا يمكن – في تقديري - لحادب علي مصلحة الوطن وأجياله القادمه حتي أن يتخيل مثل هذا الوهم؟
الشاهد ان الأسرة الدولية مرت بمراحل تطور فكري فكان لكسر الرتابة دور أساسي في نهضتها في إعتقادي .. كانت الكنيسة مختلطة بإدارة شئون الدول .. حولتها الرتابة لكهنوت سياسي ديني .. قاد لإحجام المواطن عن المشاركة .. أستطال الوضع الرتيب .. تراكم الظلم والفساد وهدر الحريات .. إمتلأ المواطن غبنأ .. ظهرت بوادر فكرية ورؤي جديدة .. أنفجر غضب المواطن .. ظهرت الثورات كالفرنسية .. أستحدثت الفكر والرؤي في شكل سيادة حكم القانون والديمقراطية والحريات .. أرتفع معدل مشاركة المواطن في الحياة العامة (الإنتخابات مثلآ) .. بمرور الزمن استطالت نفس الممارسة .. ظهرت الرتابة فظهر الظلم والفساد بظهور مراكز القوي حتي في الدول الغربية الديمقراطية .. أنخفض معدل مشاركة المواطن حتي في الإنتخابات في هذه الدول لما دون النصف تقريبآ الآن .. هل ستتجدد المشاركة وترتفع وتيرتها إذا حدث تثوير في الفكر (لا طلاء خارجي جديد للمبني القديم) والرؤي والسياسات والبرامج في هذه الدول الغربية الديمقراطية أصلآ؟؟؟ نعم.
يخصوص الواقع السوداني والرتابة .. الشاهد أن الشعب السوداني بطبعه وسطيآ .. منذ الإستقلال وحتي الآن يسود الوطن القيم الإسلامية الوسطية .. كما أن إنفصال الجنوب زاد النسبة المئوية للمسلمين من أكثر من 70% لما يقارب ال 100% .. هذا بالإضافة إلي أن ضربة نميري الموجعة للحزب الشيوعي السوداني وأنهيار أنموذج الإتحاد السوفيتي العظيم من ناحية وتشظيه (الخاتم عدلان ود. الشفيع خضر الخ) وإقتراح أخذ الحزب ببعض القيم الإسلامية من ناحية تثبت وجوب وسطيته إن بقي حيآ .... عليه فالشاهد أن القيم الإسلامية الوسطية ما زالت وستظل سائدة .. قيم المواطن السوداني الإسلامية الوسطية تجلت سياسيأ في البدء بالحزبين الصوفيين (الأمة والإتحادي) .. كان الولاء للزعامة الدينية هو المحرك الأساسي للمشاركة السياسية (في الإنتخابات مثلآ) لإرتفاع نسبة الأمية وبساطة العلم الديني بين المواطنين .. الصوفية الدينية ورموزها ظلت محافظة علي وضعها المرموق في المجتمع وستظل .. أما تفعيلها سياسيآ (الإتحادي والأمة) فهو في إضمحلال سريع قائدها للزوال بلا أدني شك في تقديري .. لأنها عمليآ هي مراكز قوي أكثر منها أحزابآ سياسية حقيقية (علاقة فرد مريد مع شيخه أم فرد يمكن أن يصبح رئيسآ للحزب) .. الشاهد أن توسع التعليم وإرتفاع الوعي بدخول أجهزة الإعلام المختلفة للريف سبب مهم في إضمحلالها وقلة الاقبال علي دعم هذه التكوينات الصوفيسياسية حتي في الإنتخابات .. وما تبقي حاليآ ربما يعود اساسآ للرموز القائدة داخلها أكثر منه إقتناعآ بالحزب .. إضافة لأن هذا الواقع قاد لإنحباسها ومع حب الزعامة عند المنتسبين – من غير أسر الرموز الصوفية – وهو مكون أساسي في الشخصية السودانية في تقديري (لاحظه حتي في الأطفال حولك) قاد طبيعيآ للتشظي داخلها بواسطة منتسبيها الذي تشهده هذه التكوينات الصوفيسياسية حاليآ .. مثلآ : حزب الأمة (الصادق) وحزب الأمة (مسار) وحزب الأمة (نهار) وحزب الأمة (مبارك) وحزب الأمة (إبن الهادي) .. والإتحادي الأصل (الآب/ الإبن/ والرافضون للتوريث السياسي - الدواعش) .. وإتحادي (جلال الدقير) وإتحادي (جلاء الأزهري) الخ .. ومازال هؤلاء جميعآ يتوهمون بأن الشعب (المالك الحقيقي) يراهم كأحزاب .. وحتي إذا تم فصل الطريقة الصوفية (الختمية أو أنصار المهدي) من الحزب السياسي يظل السؤال: هل هذا الفصل هو فصلآ تامآ أم أنها أرجوزات سياسية تحركها من يحركها الآن مستترآ؟ .. إن كانت الإجابة بأنه فصلآ تامآ فعلآ يصبخ السؤال : ما الفرق الجوهري بين ما تبقي من هذين الحزبين وبين الجبهة الإسلامية القومية (من غير حركة اسلامية) وباقي عشرات التكوينات السياسية في الساحة حاليآ؟..ولماذا لا تدمج أسسها وبشكل علمي في عدد محدود يمكن تقييمها وتقويمها علميآ؟.. الحزب ملك للشعب أساسآ لا لمنتسبيه فقط .. في المقابل - ونحن ما زلنا في حيثيات رتابة الواقع السياسي - إرتفع وجود جبهة الميثاق للجبهة الإسلامية القومية تاريخيآ – في تقديري – بهدف إنجاز إحلال طبيعي للتكوينات الصوفيسياسية (الصوفية السياسية) .. ووصلت الجبهة الإسلامية القومية قمة قوتها في إنقلابها العسكري علي الوضع القائم عام 1989 .. ساعدها في ذلك عدة عوامل منها : سيولة الوضع القائم أنذاك كنتيجة طبيعية لصراع مراكز القوي الصوفيسياسية وإهتمامها الطبيعي بمصالحها (إرجاع ما صودر منها مثلآ) وذهنية إزالة آثار مايو .. كما أن العوامل البيئية كان لها دور في إظهار وهن هذه التكوينات السياسية الهشة (ظهور المجاعة خاصة في دافور) بالإضافة للمحسوبية والفساد ووصول التردي وإنعدام الثقة في مؤسسات الدولة مرحلة إصرار مؤسسات الإغاثة الخارجية علي توزيع إغاثتها بنفسها .. الواقع يؤكد أن هذه التكوينات السياسية (أحزاب الجبهة الإسلامية القومية (وطني شعبي إلخ) وأحزاب الأمة وأحزاب الإتحادي وحتي أحزاب الشيوعي (الأصل وحق ..) هي في واقع الأمر مراكز قوي عنقودية (علي وزن القنبلة العنقودية) ينفجر الإطار الخارجي برمزه الأصل ليولد تكوينات تحمل الجينات الوراثية ذاتها فتتشظي لأصغر مخلفة مراكز قوي برموز جدد وهكذا ..وعليه فهذا واقع يستحيل – في تقديري – أن يكون أرجلآ سليمة تسير عليها الديمقراطية المأمولة لنهضة الأجيال القادمة مهما كانت نوعية وكثافة مساحيق التجميل التي من غير المستغرب أن تقوم بها مراكز القوي هذه علي أمل حفاظها علي مصالحها الذاتية الآنية...
وحتي الجبهة الإسلامية القومية نفسها قد لا تختلف كثيرآ في أصلها (حزب مضروب في حركة إسلامية دعوية) عن التكوينات الصوفية السياسية هذه (حزب مضروب في طريقة صوفية) .. فهي – في تقديري - قامت أساسآ كمركز قوي علي أمل إحلال حزبي الأمة والإتحادي .. والدليل الشاهد علي أنها ما قامت أساسآ كرجل (بكسر الراء) تسير عليها الديمقراطية المختارة في السودان أنه عندما سالت الأوضاع في 1989 لم تتصرف كرجل للديمقراطية وعملت للوصول للحكم بالإنتخابات بل وصلت لمبتغاها – كمركز قوي – عبر الإنقلاب العسكري .. وبعده كان طبيعيآ تشظيها – برمزها - عنقوديآ كسابقاتها وأنتهت كمراكز قوي برموز أصغر .. فرماة جبل أحد عندما ظهرت الغنائم تركوا مواقعهم ورؤاهم المعلنة وظهر مركز القوي العنقودي من وراء النقاب .. ظهر تسييس الخدمة المدنية و "التمكين" لإغتصاب السلطة كاملة .. وظهر الصراع داخلهم علي السلطة والغنائم للمصلحة الشخصية الذي قاد بطبيعة الحال لإستشراء الظلم والفساد وظهور فراعنة في كل موقع .. فعمليآ الجبهة الإسلامية القومية كانت وحتي الآن هي عمليآ لا تحكم ولا تدير ولا حتي تنسق بل هي مستعمرة للشعب السوداني .. فطبيعيآ أفرز صراع الأنفس البشرية داخلها مؤتمرآ وطنيآ وآخر شعبيآ وإصلاح الآن وود ابراهيم وجالسون علي الحائط الخ .. وكأي مستعمر ستهمه أمنية الدولة أساسآ لإستمراريته وسينكفي علي ذاته منتفعآ وسيحسب أنه في خير وكل شئ علي خير .. وليس مستبعدآ أن يتخيل هذا المستعمر أن عليه فقط بعض المظاهر التجميلية لإعاده لصق الشظايا وإجراء بعض الطلاء لمواصلة التمكين وربما كان من الوهم قد وصل بهم الآن لمرحلة إهتماماتهم ومنافساتهم ومنذ الآن في من سيخلف رئيس الجمهورية الحالي بعد عدة أعوام وهكذا .. متناسين أن الفرد منهم – في الوضع الديمقراطي المعلن - في أي موقع كان هو مجرد أجير للمالك الحقيقي "الشعب السوداني".. السيولة والضبابية التنفيذية المستمرة الآن يقابلها أن الكثير جدآ من الملاك الحقيقيين منشغلون هم وأسرهم بجلب ماء الشرب مثلآ علي أكتافهم أو بالحمير كهم أولي من تعليم الأبناء وصحتهم .. والواجب يفرض علي المالك الحقيقي مطالبتهم بحقهم في إدارة شأنهم وأيضآ حقهم العادل من الموارد التي وهبها لهم جميعآ رب العزة مثل البترول والذهب وبيع الأراضي والقروض واجبة السداد وغيرها والآن والآن فقط وما عند الله من حساب فله هو وحده جل وعلا .. إن كانت هنالك إنجازات – وهو أمر طبيعي – لنظام ساد أكثر من ربع قرن فإن للميزان كفتان .. كفة للإنجازات وكفة للموارد المستهلكة لإنجازها (بترول وذهب وأراضي وممتلكات بيعت وقروض واجبة السداد وغيرها) .. والشاهد أن المستعمر البريطاني أنجز مشروع الجزيرة والخدمة المدنية وغيرها ومع ذلك فيوم إخراجه يوم يتم فيه الإحتفال سنويآ كإستقلال وطني .. عليه فالأهم – في تقديري - لتنفيذ مخرجات الحوار هو الإجابة علي السؤال : هل سيتبع أعضاء المؤتمر الوطني نصيحة د. نافع علي نافع بوجوب تفعيل "النقد الذاتي" ؟ وإن كانت الإجابة بالإيجاب فلأي مدي؟ .. بإختصار أرجو أن يكون مفيدآ : الآن الجبهة الإسلامية القومية (بكل شظاياها) لا تحكم ولا تدير ولا حتي تنسق بل هي مستعمرة للشعب السوداني .. ولا مجال حتي للظن – في تقديري - بإمكانية قبول الشعب لتغيير الطلاء الخارجي (نظام خالف أو متجدد أو خالف متجدد) للإحتفاظ بوضع المستعمر .. وحتي الحزب الشيوعي السوداني بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي العظيم وأنشقاقات المرحوم الخاتم عدلان وأسباب إبتعاد آخرين مثل د. الشفيع خضر بالإضافة للدعوة داخله للأخذ بالقيم الإسلامية كلها مؤشرات تدل علي بعده عمليآ عن التشدد ووسطيته تماشيآ مع وسطية الشعب السوداني الأصيلة فيه إن مد الله في أجله .. أما ما يفوق المائة تكوينآ سياسيآ والتي لا يعرف المواطن (المالك الحقيقي) حتي أسماءها يبدو أنها عمليآ تكوينات القصد منها الوجاهة المجتمعية والتي يمكن أن توفر لرموزها مصالح شخصية لا تهم المالك ولن يوافق عليها في الأوضاع الطبيعية .. وبالنسبة للحركات المسلحة فالشاهد أنها لن توافق إن وصل منتسبوها للحكم ديمقراطيآ أن تعارض ( بضم التاء) هي بالسلاح كما تفعل الآن .. ولذلك فبضاعة منطق البندقية لن تجد من يشتريها بإقتناع في نظام ديمقراطي مأمول .. وعليه لا مجال أمام الحركات المسلحة – في تقديري - غير المساهمة مع أهل الرأي لكسر هذه الرتابة السياسية والخروج بجديد مبتكر يرتكز علي الماضي ويشع أملآ حقيقيآ في نفوس هذا الشعب الرائع... فالمحصلة – في تقديري - أن الواقع السياسي السوداني (العنقودي) وصل لمرحلة الإنحباس .. ولا مناص من أن يفعل المجتمع إرادته لمنع الإنفجار غير محسوب العواقب .. كيف ذلك؟ أعيد إقتراحي الذي ظللت أطرحه منذ حوالي العشرة أعوام:
البديل المقترح:
بإعتبار تراكم التجربة السياسية - النظرية والعملية - منذ الاستقلال كنزآ لأهل البحث العلمي والدراسات وأهل الإعتبار من الواجب الإستفادة منه لتطوير الواقع السياسي السوداني .. عليه أولآ: يكون السيد رئيس الجمهورية لجنة علمية وطنية قليلة العدد (10 – 15 شخص) كثيرة العلم والخبرة .. مثلآ: السادة: الطيب زين العابدين وحسن الساعوري وعبد اللطيف البوني والصادق المهدي ومنصور خالد وغازي صلاح الدين وعبد الله علي إبراهيم وأمثالهم .. وأقترح أ.د. الطيب زين العابدين رئيسآ مؤقتآ لها لحين توافق اللجنة علي طريقة إدارة عملها .. ويمكن لللجنة الإستعانة بمن تراه مناسبآ لمدارسات أو دراسات من داخل أو خارج الوطن .. مهمتها : التوافق علي تعريف الحزب وتقييم الأسس التي قامت عليها كل التكوينات السياسية الحالية (الفكرية والسياسات والبرامج) وإختيار ما تراه مناسبآ منها للواقع ومستقبل الأجيال .. وبناء عليه تعمل علي حزم هذه الأسس - وتسدد النواقص- في أقل عدد ممكن من التكوينات السياسية (إقتراح حزبين أو ثلاثة) تتضمن قيم المالك وتختلف إختلافآ بائنآ .. يطرح الإقتراح للحوار العام .. يتم تجويد الإقتراح بما أفرزه الحوار العام ..
ثانيآ: تقوم اللجنة العلمية القومية بالحوار مع التكوينات السياسية القائمة الآن للتخلي عن التكوينات القديمة والأخذ بما توصلت إليه اللجنة العلمية القومية .. في حالة إصرار التكوينات القديمة علي رفض التجديد المقترح يمكن أن يعرض المقترحان لللإستفتاء الشعبي ويترك للشعب الإختيار لتحمل إيجابيات وسلبيات التجربة القادمة بعد الحوار .. يضمن المقترح الفائز في الدستور .. ومن إيجابيات ذلك ضمان عدم التضارب معه مثلآ في حرية التنظيم لضمان تميز أي حزب جديد يقدم للموافقة عليه مستقبلآ عن ما هو قائم .. إذا فازت فكرة الأحزاب الجديدة فيفتح الباب للتسجيل لتفعيلها وستكون هنالك مساحات للإبداع داخل كل حزب ويترك حتي الإسم وتطوير الحزب لإبداع منتسبيه .. عندها يكون علي المالك دعم هذين الحزبين ماديآ ومراقبتها كما هو معمول به.
المحصلة النهائية المأمولة : بديلآ للتكوينات السياسية الكسيحة القائمة الآن والتي لن تسير بالوطن إلا لسيوله قد تمسحه من الوجود فالمقترح تثوير الفكر لتكون للديمقراطية المأمولة أقدام ناضجة يمكن أن تمشي عليها .. هذا التجديد سيكسر الرتابة .. وبسبب زوال التكوينات القديمة ستزول العقبات الناتجة من تراكم سلبيات الممارسة السابقة وحتي من تراكم سوء التفاهم الشخصي داخل هذه التكوينات وبين بعضها البعض .. كما أنها ستضيف لأي فكرة أو سياسة أو برنامج قائم الآن أعضاء جدد فرق بينهم كثرة التكوينات .. والنتيجة المأمولة إنعاش آمال المالك الحقيقي وتحفيزه للمشاركة السياسية بالإنضمام للأحزاب الجديدة أو علي الأقل الإهتمام بنشاطاتها (في الإنتخابات مثلآ) مما يعتبر مساهمة إيجابية في نهضه وطنه من كبوته المستمرة منذ الإستقلال وفق رؤية علمية واضحة يمكن تقييمها وتقويمها مستقبلآ..
لإستمرار مثل هذا التطور - بعد إحداثه- في هذا الجانب والجوانب الأخري أعيد مقترحي بضرورة إستحداث "بيت الحكمة" ( سمه ما شئت) .. هذا يكون في قمة جهاز التخطيط الإستراتيجي القومي .. ويتكون من المجالات المختلفة : السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والعسكرية/الأمنية .. فيه تصب زبدة نتائج البحث العلمي الرسمي والخاص والرأي العام ليكون في متناول متخذ القرار الحالي أو المقبل بغض النظر من يكون .. ويمكنهم علميآ تقييم تنفيذه وتقويمها إن دعي الحال .. بهذا الفهم فاللجنة المقترحة أعلاه ستواصل عملها – كجزء من بيت الحكمة - لمراقبة تنفيذ التجربة أعلاه لتقييمها وإنزال المقترحات البحثية لإجراء البحوث والدراسات لتقويم التجربة أن دعت الحاجة بجانب مهامها السياسية عامة .. كما أن وجود اللجنة العسكرية/الأمنية سيعني عمليآ مشاركتهم في إتخاذ القرارات كافة وعليه لا معني لمحاولات الإنقلابات العسكرية مستقبلآ .. وعليه بهذا الفهم – وبعيدآ عن المجاملات والمحاصصات والترضيات - سيبدأ التخطيط الإستراتيجي والتنفيذ العملي للسياسات والبرامج علي أسس علمية وقومية بغض النظر عمن يحكم الآن أو في مقبل الأيام.
وآخر القول: كان لأدولف هتلر خيارين : أن يحمي وطنه ويطوره ويساعد جيرانه ليستقروا ويتطوروا .. إن كان قد فعل ذلك فلربما كانت ألمانيا قائدة أولي للعالم ومنذ ذلك زمن .. لكنه - في المقابل - طور بلده ولكنه دمر جيرانه وغيرهم وتم تدمير وطنه ومات منتحرآ .. وحديثآ كان الخيارين أمام القذافي فأختار ما تصوره الأفضل ووصل للنتيجة الطبيعية المعروفة .. عليه أعتقد أنه إذا إختار أهل الحكم والمعارضة الآن إجراء تلوين زخرفي لتكويناتهم السياسية الحالية متوهمين أنه الإبداع بعينه (وهو أمر لن يكون مستغربآ من مراكز قوي ورموزها العنقودية) .. وأنهم سيجدون الموافقة والدعم الشعبي لهذه الزخرفة فليبشر أهل وطني ببؤس سيطول إن مد الله في أجل الوطن (والله يكضب الشينة) .. أما إذا استجابوا والسيد رئيس الجمهورية لهذا المقترح لإستحداث أرجل حديثة وقوية - متوافق عليها شعبيآ ومضمنة في الدستور - تسير عليها الديمقراطية المأمولة وإذا تفاعل معه أهل السياسة عامة كمصلحة وطنية عليا بالإضافة للتوافق علي أسس قيام الدولة الحديث كمخرجات للحوار فالمأمول – في تقديري - وضع الوطن في طريق ديمقراطي حقيقي يقود لنهضة حقيقية يستحقها هذا الشعب الرائع وأجياله القادمة .. واخيرآ أثق في فطنة القارئ الكريم في تسهيل مهمتي لإيصال الفكرة إليه .. وفقنا الله جميعآ لنقدم للوطن مايليق به.
لم توفق محاولة نشره بصحف الخرطوم منذ أكتوبر 25 والأمر مفهوم ومقدر
د. عادل الخضر أحمد بلة
جامعة الجزيرة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.