أرقامٌ من الصعب تصديقها، تلك التي استعرضها التحقيق الذي نُشر على حلقات في (التيّار) حول الوضع الدوائي بالبلاد.. زيادات تتراوح ما بين 50% حتى 105%، انعدام أدوية مُنقذة للحياة عن عدد من الصيدليات، إفلاس شركات، توقف أخرى.. حالة حيرى وإحباط تُسيطر على المُتردِّدين إلى الصيدليات، وحتى الذين بمقدورهم توفير سعر الدواء، ليس بإمكانهم الحُصُول عليه لأنّه منعدمٌ. الوضع الدوائي بالبلاد تعرّض لهَزّات مُتتالية منذ وقف التحاويل الخارجية قبل أكثر من سنتين، ثُمّ انتشار الأدوية المغشوشة نتيجة ذات الوضع، وعجز الإمدادات الطبية عن توفير الأدوية، وجميعها ترجع إلى نقطة واحدة، وهي انعدام النقد الأجنبي أو شُحه، لكنّ القرارات الاقتصاديّة بتحرير دولار الدواء والتي هي أُس المُشكلة، سوف تُحوِّل الدواء إلى سلعة رفاهية!! انظروا إلى هذه الأرقام التي تنشرها (التيَّار) على حلقات؛ أحد أصحاب الصيدليات يقول إنّ (حقنة) غسيل الكُلى ارتفع سعرها من (90) جنيهاً إلى (218) جنيهاً خلال 6 أشهر، وقد يصل سعرها إلى (450 - 500) جنيه.. وغير ذلك من الأدوية التي ارتبطت حياة المرضى بها وبشكل يومي ودائم، هذا فقط مجرد مثال، يُمكن تعميمه على كل أنواع الأدوية، وهذا ما يجعل الشركات المُستوردة غير راغبة في العمل، يعني إن كان بمقدورك توفير سعر الدواء، ربما لا تستطيع الحُصُول عليه إلاّ عبر المطار قادماً من العواصم العربية. الغليان الذي سوف تشهده أسعار الدواء خلال الأيام القليلة القادمة، لا يحتاج إلى اجتهادات أئمة المساجد الفقهية والفكاهية.. هو ضمن سلع استهلاكية يومية طالتها الزيادات منذ انفصال جنوب السودان وتهاوي العملة الوطنية التي تقترب من ال 20 جنيهاً أمام الدولار.. لكن إن سلمنا بأن أية سلعة تحتمل ولو إلى حين، هل الدواء يحتمل ذلك.. هل حياة الناس سوف تنتظر إلى حين انتهاء المزاج السياسي المُتحكِّم في البلاد؟! لا بُدّ من مُعالجة ذات خُصُوصية عالية لأسعار الدواء، هي ليست رفاهية ولا مكمل غذائي، هذه حياة أو موت.. ليس أخلاقياً أن تصرف الحكومة على هذا العدد الضخم من الدستوريين والتنفيذيين وببذخ، وهم لا ينفذون إلاّ ما يزيد مُعاناة المُواطن، لتأتي وتحاول أن تقنع الناس بقراراتها الكارثية في معاشهم ودوائهم، بل وتمن عليهم.. إن حياة الناس لا تنتظر، الوضع بحاجة إلى سياسات مُنقذة للحياة قبل الوصول إلى مرحلة أدوية مُنقذة للحياة. التيار