حول انتخابات الرئاسة الأمريكية : الوعي الزايف أدى الى هزيمة هيلاري كلينتون و وصول دونالد ترمب للبيت الابيض!!! انتخابات الرئاسة الأمريكية تحظى كالعادة باهتمام و متابعة كبيرين على كل المستويات الرسمية و الشعبية ليس فقط داخل القارة بل في بقية بقاع العالم.السبب في ذلك يرجع إلى الإمكانات الهائلة المميزة التي تمتلكها الدولة و الدور الذي تلعبه في إطار العلاقات الدولية التي جعلت منها القائد الحقيقي الذي لا ينازع في قيادة العالم الرأسمالي .من هنا يأتي الاهتمام بانتخابات الرئاسة الأمريكية على المستوى العالمي لأن الرئيس هو الذي يمتلك القول الفصل في القضايا الكبرى المعقدة الخطيرة و في مقدمتها إعلان و إيقاف الحرب. عليه أصبحت مؤسسة الرئاسة هي الجهة التي يعول عليها في إدارة شؤون البلاد و العباد. و حفظ مكانتها الطليعية بين دول العالم.على هذا الأساس يتمتع رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية بمكانة خاصة بين رؤساء دول العالم.الرؤساء السابقون للولايات المتحدةالأمريكية جورج واشنطون ,أبراهام لينكولن,ثيودر روزفلت و هاري ترومان و البعض من الذين جاؤا من بعدهم وضعوا مفاهيم و معايير أصبحت شبه ثابتة مع إدارة شؤون الحكم و قد تم ذلك من خلال التجربة و الممارسة في بلد مترامي الإطراف المتعددة التركيبة الاثنية و الحضارية بحكم الجغرافيا و التاريخ.في ضوء ذلك يصبح وصول رئيس إلى سدة الرئاسة و الحكم و هو لا يملك الخبرة الصفات المطلوبة لقيادة البلاد أمر محفوف بالكثير من المخاطر التي تهدد حياة المواطنين كما تهدد أيضا الأمن و السلم في بقية أقطار العالم التي تربطها علاقة وثيقة بالولاياتالمتحدةالأمريكية. يكفي ذكر الدمار و الماسي التي تسبب فيها بعض الإدارات أخرها إدارة الرئيس جورج بوش الابن الذي أقتحم العراق و جعل منه ساحة حرب مفتوحة لكل الطامعين في خيراته احتلاله ليصبح جسراً يؤدي للتدخل و السيطرة على بقية بلدان المنطقة المجاورة للعراق.في ضوء كل ما أسلفنا ذكره يتضح للقارئ أن الرئيس الجديد دونالد ترمب و مستشاره نظموا حملة انتخابية جماهيرية واسعة تهدف إلى طمس الواقع الموضوعي المعاش المعترف به وفق القوانين المحلية و الدولية و الهدف من وراء ذلك هو تغبيش الروية للجماهير و إرباك مواقفها.فرض دونالد ترمب ترشيحه لرئاسة الجمهورية دون أن يعرض الموضوع إمام الحزب الذي ينتمي أليه و هو الحزب الجمهوري لكي يحظى بموافقته. ليس غائباً على دونالد ترمب أن الحزب الجمهوري يسيطر على الدوائر الحكومية الرئيسية بما فيها الدستورية و القضائية التي تصدر القوانين و تسعى و تعمل لتنفيذها.عندما ارتفعت أصوات بعض النواب الجمهوريون المعترضين على ترشيحه هدد بأنه سيخوض معركة الانتخابات كمستقل إذا لم يبقى أمام الحزب الجمهوري من خيار أخر سوى الموافقة و الانخراط في الحملة الانتخابية.تلك كانت البداية التي جعلت زمام الأمور يفلت من يد الحزب الجمهوري و أنساق وراء الشعارات و التصريحات الخطيرة التي أطلقها دونالد ترمب و التي تمس سيادة الدولة و مسؤوليتها تجاه القوانين و المشاريع التي تنظم حياة المجتمع و تؤمن وحدته و استقراره.عندها أشهر ترمب سلاح العنصرية و أساء إلى الأجانب المقيمين في الولاياتالمتحدةالأمريكية و هدد بترحيل كل من لا يملك أوراق إقامة قانونية خارج البلاد ليس هذا فحسب بل أعلن أنه سيقيم حائطا يمنع الوافدين من المكسيك الدخول إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية و الإقامة العمل فيها.في السياسة الداخلية شن دونالد ترمب هجوماً كاسحاً على المبادرات و المشاريع و القوانين التي أصدرها و تبناها الرئيس اوباما و أهمها مشروع الضمان الصحي الذي يعتبر أكبر و أهم إنجاز قام به رئيس أمريكي.ألان أعلن ترمب بأنه سيعيد النظر في هذا المشروع لأن تكلفته باهظة حسب وجه نظره في المقابل يطرح ترمب مشروع لتخفيض الضرائب خدمة لمشاريعه و أعماله التجارية.المشروع يصب أيضا في مصلحة الشركات الرأسمالية الاخطبوتية التي شبعت و ازدادت ثراء نتيجة استقلال البلاد و استنزاف طاقات القوة العاملة.الخطر الأكبر حسب تقديري هو ما يريد و يسعى لتحقيقه يكمن في محيط توجهه في السياسة الخارجية حيث أنه أعلن سيعيد النظر في علاقات أمريكا ألاقتصادية و التجارية و بالتحديد الاتفاقيات التي تحكم تلك العلاقات و البداية ستكون مع كندا و المكسيك ثم تمتد الى الصين و أوروبا.ينسحب الأمر على الاتفاقيات الخاصة بالأمن و الحد من إنتاج أسلحة الدمار الشامل الخاصة بتطوير الأسلحة النووية كذلك ألاتفاقيات الخاصة بالانبعاث الحراري و مكافحة الأوبئة التي تلحق الضرر بالبيئة و حياة الإنسان يتضح من الأحاديث و التصريحات التي أدلى بها دونالد ترمب بعد إعلان فوزه و اجتماعه بالرئيس أوباما في البيت الأبيض مقارنة مع شعارته و احاديثه أثناء الحملة ألانتخابية أنه شخص مراوغ لا يركن له و لا يتأمن له جانب و إذا ما نجح في مسعاه و تمكن من وضع مشاريعه حيز التنفيذ لا يخالجني أي شك في انه سيشعل حربا لا تبقي ولا تذر كما فعل أدولف هتلر و أتباعه النازيون ربما إذا ما شأت الأقدار أن يسمع الشعب الأمريكي من يردد هايل ترمب!! و يرى الشعار محفوراً على واجهة البيت الأبيض . السيدة هيلاري كلينتون التي ذاقت حلاوة السكن في البيت الأبيض مع زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون عاودها الحنين للعودة إلى البيت الأبيض مرة ثانية كرئيس و أول إمراة تعتلي كرسي الرئاسة في الولاياتالمتحدةالأمريكية لكنها هزمت على الرغم من الفترة الزمنية التي قضتها وزيرة للخارجية.هزمت و تجرع معها كأس الهزيمة الذين صوتوا لها.غبشت وعيهم و ساقتهم في حملة انتخابية لا علاقة لهم بأهدافها و هي بعيدة كل البعد عن القضايا التي تمس حياتهم.السكن المريح الرخيص و العلاج و توفير فرص العمل ثم الأمن و الاستقرار .زجت بهم في معركة ضد مرشح لا يعرفون عنه أي شي من الناحية السياسية غير انه يملك ثروة كثيرة من المال و العقارات و الفنادق داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية و خارجها.السيدة هيلاري بوصفها احد قادة الحزب الديمقراطي الكبار كان الواجب يحتم عليها أن تستقل فرصة الحملة الانتخابية لنشر الوعي بالمخاطر التي نهدد المواطنين و تكشف عيوب الدولة التي يعيشونها تحت كنفها.دولة الرأسمالية المتوحشة التي لا يهمها شئ سوى استقلال الإنسان و جني الإرباح.أخيراً أختم هذا المقال بالاتي:إن الجماهير الشعبية في الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تكتسب شيئا يفيدها في حياتها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية من خلال انتخابات رئاسة الجمهورية التي أوصلت خمسة و أربعون رئيساً إلى سدة الحكم سوى ازدياد الوعي الزائف و تغبيش الروية و التهميش و ليس أدل على ذلك سوئ الانتخابات الأخيرة التي اوصلت دونالد ترمب إلى البيت الأبيض لا يفوتني أن أذكر و أشيد بما قدمه أستاذ العلوم السياسية الناشط و المناضل في مجال حقوق الإنسان و الذي تعرض أثناء مسيرته للاعتقال بيرني ساندرس الذي أسهم بأداء مميز أثناء الحملة الانتخابية بهدف رفع الوعي لدى الجماهير و تبصيرها بقضاياها الأساسية التي ظلت معلقة دون أن تجد طريقها للحل الجدير بالذكر ان الأستاذ ساندرس لم يكن طامحاً في الوصول للبيت الأبيض لذلك أنسحب من الحملة الانتخابية بعد أن قدم رسالته و طرح برنامجه كما انه وجه الذين التفوا من حوله أن يصوتوا لهيلاري كلينتون بوصفها تمثل المعسكر الديمقراطي. د.محمد مراد براغ 15\11\2016