كثر في هذا الزمان علماء السلطان الذين يفتون بمافيه مصلحة الحاكم فيحرمون كل مايضر به وبحكمه ويحللون مايجلب له طول الامد والبقاء في السلطة متخذين من قاعدة دفع الضرر حجة لهم ومروجين لحرمة الخروج على الحاكم حتى وان كان ظالما ويختارون من الايات الكريمة والاحاديث الشريفة مع مايتناسب واهوائهم ومصالح حكامهم ويغضون الطرف عن غيرها من الايات القرانية والاحاديث النبوية التي تحرم على حكامهم كثير من ممارساتهم التي تتعارض وتعاليم الدين الاسلامي السمحة. وعندما حذر رسولنا عليه الصلاة والسلام في معنى حديثه صلى الله عليه وسلم من ان هناك زمان يصدق فيه الكاذب ويكذب الصادق وينطق فيه الرويبضة وعندما ساله الصحابة رضي الله عنهم عن معنى الرويبضة قال الرجل السفيه او التافه يتحدث في شئون العامة. ولعل هذا الحديث لا يحصر كلام الرويبضة في الشان الديني او لم يحدد طبيعة الشان الذي يتحدث فيه من يجهلونه وهذا بكل تاكيد يشمل الدين والسياسة وغيرهما .ولعل السودان من الدول التي كثر فيها الرويبضة وهم قسمان الاول هم اهل السياسة والثاني هم رجال الدين. ولعل المتتبع للشأن السياسي في البلد من مجالس المحليات مرورا بالمعتمدين وجماعتهم وصولا الي الولاء ثم المجالس التشريعية الولائية وصولا الي المركز حيث رئاسة الجمهورية والوزراء ومن ثم المجلس الوطني فاذا تتبعنا هذا الكم الهائل من المسئولين كل منا في منطقته لوجدنا ان معظم هؤلاء المسئولين ان لم يكن جميعهم تنطبق عليهم صفات الرويبضة فهم سفهاء بكل معنى هذه الكلمة وجدوا انفسهم في هذا العهد المظلم والبائس مسئولين بين عشية وضحاها وكثرتهم تدل على انهم رويبضة فمن لم يتقلد منصبا في هذا العهد البائس فلن يتقلده اذا كان هناك نظاما محترما يحترم نفسه ويحترم شعبه ومحيطه الاقليمي والدولي لان ذلك الوقت ستكون هناك معايير دقيقة لاختيار المسئولين منتخبين او معينين ولن تكون هناك اي ترضيات او اختيار على اساس جهوي او قبلي وانما الكفاءة لاختيار المرشح ومن ثم وعي الناخب السوداني ومعرفته التامة بمعايير الاهلية والاحقية في الفوز كما ان الجهات المنوط بها تعيين اي مسئول في وظيفة تنفيذية لن يختاروا الا على اساس المقدرة والامانة والكفاءة وعليه فان كل من يجول في خاطره ان يكون مسئولا من رويبضة بلدنا ان ينتهزوا فرصة وجود هذا النظام الفاسد على سدة الحكم لتحقيق امانيهم ورغباتهم لان زوالهم قريب بحول الله وان نهايتهم سوف يكتبونها بأيديهم من خارطة العمل السياسي في السودان كما حدث لهم في منبعهم في مصر. ولعل السودان الدولة الوحيدة في العالم التي يمكن للشخص الواحد ان يتولى مناصب تنفيذية متعددة بغض النظر عن مراعاة درجة الوظيفة وتتابعها ,فمثال لذلك عبدالرحيم محمد حسين صديق الرئيس وسائقه الخاص باعترافه هو . هذا الشخص كان وزيرا للداخلية ثم تدرج حتى اصبح وزير دفاع ثم عاد وتدحرج لوالي لولاية الخرطوم وفي كل المناصب التي تقلدها لم يفعل شيئا ولن يفعل شيئا حتى وان ظل مسئولا لمائة عام. فكيف يقبل هو لنفسه ان يصبح واليا بعد ان كان وزيرا للدفاع ولماذا يصر هذا النظام البائس على ان يحكم هذا البلد عن طريق بضع عشرات من كوادرهم اثبتت التجربة عن فشلهم الذريع وعدم مقدرتهم على تحمل الامانة وادائها على احسن وجه وكان السودان مافيه رجال غير عبدالرحيم والمتعافي ومصطفى عثمان والجاز وابراهيم احمد عمر وغيرهم من الديناصورات والاسماء نفسها تكرر مع اختلاف مسمى الوظيفة والبلاد قد وصلت الي درجة من التدهور المخيف والمريع ومازال هؤلاء يتحدثون عن رغد العيش ورفع المعاناة والاهتمام بالشرائح الضعيفة وغير ذلك من الكلام الممل والمستهلك والناس في بلدي قد ضاق بهم الحال فكما قال اديبنا الراحل الطيب صالح (امازال مطار الخرطوم وغيره من منافذ البلد تعج بالمسافرين يريدون الذهاب الي اي مكان فذلك البلد الواسع لم يعد يتسع لهم) والنوع الثاني من رويبضة بلدنا هم رجال الدين. وحتى اكون منصفا فالحديث لا ينسحب على كل رجال الدين في بلدنا فهناك علماء اجلاء لهم كل التقدير والاحترام ولهم مكانة سامية ومرموقة في مجتمعنا ويحظون بالقبول من كل فئات الشعب السوداني. ونعلم ان هناك ضوابط شرعية تبيح الخروج على الحاكم اذا كان في بقائه مفسدة كبيرة وزواله فيه منفعة للناس وان الخروج عليه لا يأتي بمفسدة اكثر من بقائه وان هناك قدرة على تغيير الحاكم لان القدرة والاستطاعة في الشرع مطلوبة لاداء اي عمل. والقاعدة الفقهية التي يعتمد عليها الثقات من اهل العلم الشرعي ( دفع الضرر اوجب من جلب المنفعة). ولعل سياسة الحكومة فيها ضرر قد يصل الي درجة كارثية فهناك شريحة كبيرة من ابناء شعبنا وجبتهم واحدة في اليوم اضف الي ذلك نذر كارثة صحية بسبب ارتفاع اسعار الدواء اليس في هذا هلاك ياعلماء السلطان؟؟كما ان سياسة الحاكم تجاه شعبه واحدة من اسباب تحديد علماء الدين لموقفهم تجاه هذا الحاكم. ومعظم علماء السلطان يتحدثون بحرمة الخروج على الحاكم حتى وان كان هذا الحاكم نفسه قد خرج على حاكم قبله كما فعل البشير وجماعته عندما سرقوا السلطة والناس نيام وعندما كانت كوادرهم تتسبب في الفوضى وعدم الاستقرار في الجامعات والمستشفيات وحتى في الشارع العام فلماذا خرجتم على الحاكم واين كان علماء زواج القاصرات وختان الاناث وعلماء التكفير والسب والشتم والتجريح والتطبيل لاولياء نعمتهم و بعض علماء هذا الزمان تحسبهم خريجي معاهد مسرحية وليست معاهد علوم شرعية حيث تحولت منابرهم حتى داخل دور العبادة الي مسارح يقال فيها كل شيئ ابتداء بالضحك وانتهاء بالسب واللعن والبصق احيانا كثيرة .اللهم هذا حالنا بين يديك وهذا ضعفنا لا يخفى عليك فارحمنا برحمة من عندك وفرج عنا هذا الكابوس الجاسم على صدورنا وبارك لنا في الثقات من علمائنا واكفنا شر الرويبضة والله المستعان وعليه التكلان. مجذوب محمد عبدالرحيم منصور [email protected]