«تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    المريخ يكسب تجربة البوليس بثلاثية و يتعاقد مع الملغاشي نيكولاس    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علماءُ السودان من وِجهة نظر التحليل الطبقى: تكييفُهم فى ثنائية الحاكم – المحكوم
نشر في الراكوبة يوم 04 - 06 - 2015


تقديم:
إئتلفَ عددٌ من رجالِ الدين (وما هم برجاله) فى هذا البلد المكلوم والمغلوب على أمره منذ عهد الرئيس نُميرى (وربما أبعد من ذلك)، وسموا أنفسهم علماء السودان. ولكن السودان هذا الجامع، فى معادلة الحياة الصراعية، خليطٌ ٌ من محكومين (الشرائح الضعيفة إقتصادياً) وحكام (الشرائح القوية إقتصادياً). وبإعمال الإقتصاد السياسى فى مسألة التديُّن فى السودان، نجد أنَّ أوَّل ما انحاز علماء السودان، إنحازوا للحكَّام، على حساب المحكومين، وآزروهم ونصروهم فى المكرهِ والمنشط. وبالتالى ما عادوا برجال دين، بل هم مجموعة من البورجوازية الصغيرة المتحالفة مع الشرائح الرأسمالية منذ وقت طويل حتى موعد إغتصبها للسلطة عام 1989م؛ فالمرءُ المتحقِّق بالدين صفته العدل لا الإنحياز.
والدقيق فى هذا الشأن ألاَّ نسميهم بعلماء السودان (علماء كل الشرائح، فقيرها وغنيِّها)؛ لأنَّهم فى الحقيقة صاروا علماءَ الشرائح الغنية فقط، صاروا علماءَ بلاطٍ وسلطان. فالشرائح الرأسمالية المهيمنة إقتصادياً، كما نمذجتْ الحياة الإقتصادية والسياسية والأجتماعية وفق هواها، فهى قد شرعتْ أيضاً، ومنذُ زمانٍ بعيد، فى نمذجة الدين وتفصيلِهِ وفق مصالحِها الطبقية والإقتصادية.
متن:
لقد نسىَ علماءُ السلطان أنَّ فى السودان فقراء لهم مصالح تختلف عن مصالح الشريحة التى ينتمون لها، مصالح صراعية. وإذا تحرك الفقراء أىَّ حركة تصون مصالحهم، أو تُطالب بإرجاع المزيد من المصالح المغتصبة، فَسَّرَ علماءُ السلطان تلك الحركة باللامشروعة أو اللاشرعية، بيدَ أنَّها حركة طبيعية لِإحداث التوازن/العدل فى ثُنائية الحاكم/المحكوم على جميع الأصعدة.
فتشابك مصالح علماء السلطان مع الحاكم (والشرائح المهيمنة إقتصادياً)، تجعلهم يُمَجِّدون قيامَه وقعودَه، حِلَّه و تَرْحالَه، هَزَّه وأزَّه. وبالمقابل تجعلهم فى حالة عداء سافر لتحرك الفقراء لصونِ مصالحِهِم وترى فيها زعزعةً للعروشِ التى تمنحهم الشَّطُر "كما يقول أحدهم" الذى يستمدون منه بقاءَهم، فيُقيمون الدنيا ولا يقعدونها، ويشحنوا أسماعَنا بالأحاديث التى تحض على عدم الخروج على الحاكم، المُكرِّسة لبقائه. وقد وصل بهم الأمر أنِ ابتدعتْ/جَلَبَتْ يوافيخُهُم السخيفة مفردة غريبة على المجتمع السودانى، وضارِسَة لتديُّن أهل السودان الصوفى، وتلك هى مفردة "الذات الرئاسية".
لم ينتقد أيٌّ منهم الطريقة التى أتى بها الحاكم إلى السلطة، ولا غِشَّه ولا كذبَه على النَّاس، ولا تزويرَه للإنتخابات، ولا سياساتِ دولته المؤثرةَ سلباً على الفقراء، ولا سرقاته الجارية ولا غلوله ولا فساده، ولا محاباته لأفرادِ تنظيمه فى التوظيف والتدريب، ولا تعذيبه للمخالفين السياسيين واغتصابهم وقتلهم وانتهاك حرماتِ ذويهم وهدر حقوقهم وأموالهم. بل يُمجِّدون كلَّ ذلك، ويزيِّنونه ويؤآزرونه بالفاتاوى البائسة والرخيصة، وفى أحسنِ الأحوال يغضون الطرف عنه.
وفى هذا المقام، نقول لفقهاء السلطان فى مجمع الفكر الإسلامى وما يُسمى بعلماء السودان: لن تنالوا إحترامَ أحد، وأنتم تعقدون الفتوى تلو الفتوى، والمؤتمر تلو المؤتمر، وأنتم منحازون للسلطان وبطانته الفاسدة ضد فقراء هذا الشعب المظلوم المكلوم. وفى الأصلِ لا نتوقع منكم خيراً البتَّة؛ ذلك الخير الذى يا طالما انتظرناه بانحيازكم، ولو لمرةٍ واحدة، لفقراء الأمة زُهاء الربع قرن المنصرم.
هل هناك وجوب للخروج على الحاكم ووجوب لمقاتلته:
نكايةً فيكم وأنتم تسكتون عن تزوير إنتخابات 2015، وفى مؤتمركم الغريب الأطوار الذى عقدتموه فى 11/11/2014 الذى يحض المحكوم على عدم الخروج على الحاكم والسخرية منه، سنجلب أحاديث حبيبنا محمد (صلوات ربى وسلامُهُ عليه) مُحبِّ المساكين، التى تفضحُ شأنكم وشأنَ سلطانِكم، الأحاديث التى تُبيح للمحكومين الخروج على الحاكم، وتحرِّم وتُجرِّم أفعال السلطان وسياساته القبيحة تجاههم.
(1) لم نسمع على الإطلاق إدانةً ولا رأياً ناقداً من أحد فقهاء مجمع الفكر الإسلامى، ولا من علماء السودان حول خروج وانقلاب يونيو 1989 على الحاكم الشرعى للسودان، الذى كان بعضهم جزءاً منه. جاء فى الصحيحين: أنَّ الأمارة (الحكم) لاتُعطى لِمَنْ طلبها وحرِصَ عليها، فكيف بِمَنْ جاءها بإنقلاب عسكرى؟
* عن أبي موسى رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من قومي، فقال أحد الرجلين: "أمِّرْنا يا رسول الله، وقال الآخر مثله، فقال: إنَّا لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه". وفي رواية لمسلم أنه قال: لا نستعمل على عملنا من أراده. رواه البخارى ومسلم.
(2) لم نسمع منهم يوماً نقداً أو مناصحة للحاكم حول كذبه فى تصريف شئون الدولة وأموالِها وتخصيص مواردها، وحول تزوير الإنتخابات والغش على الشعب وإشعال الفتن بين بنيه، وقتلهم بدمٍ بارد لمجرد مخالفتهم إياه فى الرأى.
*1971 حَدَّثَنَا هَنَّادٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الْعَبْدُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ وَابْنِ عُمَرَ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
* وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزَنِيَّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ مَعْقِلٌ إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ). (صحيح مسلم: بَاب فَضِيلَةِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ وَعُقُوبَةِ الْجَائِرِ وَالْحَثِّ عَلَى الرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ وَالنَّهْيِ عَنْ إِدْخَالِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ).
* عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً، فَأَوْقَدَ نَارًا، وَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَأَرَادَ نَاسٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالَ الآخَرُونَ: إِنَّا قَدْ فَرَرْنَا مِنْهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا: لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ لِلآخَرِينَ قَوْلاً حَسَنًا، وَقَالَ: لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ). (الصحيحين).
* حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ )صحيح مسلم، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية).
(3) لم نسمع من علماء السلطان فى أىِّ وقتٍ من الأوقات نقدهم أو وقوفهم ضد تعذيب، إغتصاب وقتل المعتقلين السياسيين وغيرهم المخالفين لهم فى الرأى. بل تفوَّهَ بعضهم قائلاً بأنَّه "لايجد حرجاً فى تعذيب المعتقلين من أجل تثبيت الحكم الإسلامى – إبراهيم السنوسى". فانظر عزيزى القارئ الكريم مصادمتهم للدين ولأحاديث رسول اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فى شأن الذين يُعذبون المعتقلين السياسيين وغيرهم. فقد جاء فى صحيح مسلم:
* حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ مَرَّ بِالشَّامِ عَلَى أُنَاسٍ وَقَدْ أُقِيمُوا فِي الشَّمْسِ وَصُبَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ الزَّيْتُ فَقَالَ مَا هَذَا قِيلَ يُعَذَّبُونَ فِي الْخَرَاجِ . فَقَالَ أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ "إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ فِي الدُّنْيَا".
* حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ مَرَّ هِشَامُ بْنُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَلَى أُنَاسٍ مِنَ الأَنْبَاطِ بِالشَّامِ قَدْ أُقِيمُوا فِي الشَّمْسِ فَقَالَ مَا شَأْنُهُمْ قَالُوا حُبِسُوا فِي الْجِزْيَةِ . فَقَالَ هِشَامٌ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ "إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا".
* حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ وَزَادَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ قَالَ وَأَمِيرُهُمْ يَوْمَئِذٍ عُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ عَلَى فِلَسْطِينَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَحَدَّثَهُ فَأَمَرَ بِهِمْ فَخُلُّوا.
* حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ، وَجَدَ رَجُلاً وَهُوَ عَلَى حِمْصَ يُشَمِّسُ نَاسًا مِنَ النَّبَطِ فِي أَدَاءِ الْجِزْيَةِ فَقَالَ مَا هَذَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ "إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا". (رواها مسلم).
(4) هل أشرك علماء السلطان ومناصرو الإنقاذ بالله؟
يُسَمِّى العلماءُ طاعةَ السلطانِ (...) فى أمرٍ يخالف نص الكتاب أو السنَّة الصحيحة، بشركِ الطاعة. وعليه، يجب أن ينتبه من يتبعون أيديولوجيات دينية فضفاضة كالمشروع الحضارى/الإسلامى أن يلتفتوا إلى جوهر الدين. وليعلم رجالات الأمن والشرطة والمليشيات الخاصة، أنَّ من يأمركم بتعذيب المعتقلين السياسيين، بقتل النفس، بممارسة السحر، وكل الموبقات، إنما يأمركم أنْ تخالفوا نصوص الكتاب والسنة المطهرة، إنما يأمركم بالشرك. فهل أنتم منتهون عن هذا الشرك كما انتهى عنه عُمير بن سعد (أعلاه)؟
* قال تعالى: {اتخذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً واحِداً لاَّ إله إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (التوبة:31).
* قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "وتفسيرها الذي لا إشكال فيه هو طاعة العلماء والعباد في معصية الله سبحانه، لا دعاؤهم إياهم، كما فسّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم لما سأله فقال: لسنا نعبدهم! فذكر له أن عبادتهم طاعتهم في المعصية"(1).
* عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال: ((يا عدّي، اطرح عنك هذا الوثن))، وسمعته يقرأ في سورة براءة: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مّن دُونِ اللَّهِ}، قال: ((أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه)) (2). (أنظر منتديات أحد عشر أمام).
فيا تُرى حينما تأمر الإنقاذ مناصريها لتعذيب الناس، لقتلهم فى السجون وفى المعسكرات، لضرب مخالفى الرأى فى المظاهرات، وتهكير المنابر الحرة، وإكراه المناضلين على كتابة إقرارات غير واقعية، وحينما تسرق الإنقاذ أموال البترول والذهب والزكاة وغيرها، هل تدرك أنها فى حالة شرك؟ هل يُدركُ مناصِروها أنهم مشروكون؟ أو على الأقل أنهم مصادمون لقول الله عزّ وجلّ، ولقول رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ("لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق" (صحيح، رواه الإمام أحمد)).
(5) هل هناك تطابق بين من يحكموننا وبين وصفهم فى السُّنَّةِ المُطهَّرة وصفاً يستوجب علينا إنامتهم/مقاتلتهم:
لعل سواد فقراء السودان الأعظم يحتاج إلى علماء يزنون القضايا التى تهمهم بالقسطاس المستقيم، أو ينحازون لهم إنحيازاً إيجابياً قِبالة ما وقع عليهم من مظالم على يد الإنقاذ الفاسدة؛ علماء يُحصحصون الحق ويضعون الأمور فى نصابها. فنرجو أن نجد من يخرج علينا من علماءٍ يخافون اللهَ، فيحضُّون الفقراء على الخروج على الحاكم الظالم. وما رأى الفقراء والعلماء المنحازين لهم فى الأحاديث التالية:
* جاء عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مستدرك الحاكم على شرط الشيخين أنَّه قال:
رقم الحديث: 2575: (حديث مرفوع) أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزَّاهِدُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ الْبُرِّيُّ، ثنا أَبِي، ثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن ّالنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَال: "سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي اخْتِلافٌ وَفُرْقَةٌ، وَسَيَجِئُ قَوْمٌ يُعْجِبُونَكُمْ، وَتُعْجِبُهُمْ أَنْفُسُهُمْ، الَّذِينَ يَقْتُلُونَهُمْ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْهُمْ، يُحْسِنُونَ الْقِيلَ، وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ، وَيَدْعُونَ إِلَى اللَّهِ، وَلَيْسُوا مِنَ اللَّهِ فِي شَئٍ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَأَنِيمُوهُمْ" , قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْعَتْهُمْ لَنَا، قَالَ: " آيَتُهُمُ الْحَلْقُ وَالتَّسْبِيتُ"، يَعْنِي: اسْتِئْصَالَ التَّقْصِيرِ، قَالَ: وَالتَّسْبِيتُ اسْتِئْصَالُ الشَّعْرِ". هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
* عن سويد بن غفلة، قال: قال علي رضي الله عنه: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم، فإن الحرب خدعة. سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة".
الخلاصة
بنظرة غاية فى التجرُّد، نجد أنَّ علماء السودان وما شاكلهم من أفراد مجمع الفقه الإسلامى، هم مجموعة من البورجوازية الصغيرة المنحازة إلى أعلى السلم الإقتصادى، ولن يستقيم علمُهُم ولا فقهُهُم إلاَّ إذا وقفوا على مسافة متساوية من شركاء العملية الإنتاجية (عمال + رجل أعمال = الإنتاج/العملية الإنتاجية)، أو أن ينهضَ علمٌ وفقهٌ طبقىٌّ بديل (أى منحاز إلى أسفل السُّلَّم الإقتصادى)، يُكافئُ إنحيازهم للحاكم والأغنياء، ويُجلى الحقيقةَ الدينيةَ كلَّها؛ لا سيما وأنَّ الدِّين حمالُ أوجه.
ونصيحتى للفقراء وللتقدميِّين بخاصة، أن نتعلَّم الدِّين ولا نتركه لما يُسمَّى برجال الدِّين (فلنكن كلُّنا رجالَه)، فيُساهمون فى إبعادِنا عن حقوقِنا بالطمسِ عليها، وجعلها لقمة سائغة عند مَنْ يُشايعون مِنْ غرمائنا. ولنتذكَّر أنَّ التعاليم الدينية السامية التى وصلتنا، لم يُوصِلْها لنا علماء متفرغون للدين منحازون للسلطان (هذه بدعة إخوانوية)، وإنما الدينُ النَّاصع الصحيح جلبه لنا الحدَّادُ والخبَّازُ والورَّاقُ والكيميائىُّ والنَّطاسىُّ والفلكىُّ وعالمُ الإجتماع.
حسين أحمد حسين،
باحث إقتصادى مقيم بالمملكة المتحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.