تتحدث الدوائر المعنية هذه الأيام عن السياسات الاقتصادية التي بموجبها تتوقع الدولة بحسب د. كرار التهامي الأمين العام لجهاز شئون السودانيين العاملين بالخارج جذب " 6" مليارات دولار وفقا لسياسة الحافز التي تعلن من قبل البنك المركزي ، غير ان هذه التوقعات لن تتحقق مالم تسارع الدولة بحزمة من القرارات والاجراءات المصاحبة ،ودون ذلك لن يغامر أي مغترب بتحويل دولاراته عبر القنوات الرسمية ، في ظل زيادة سعر السوق الموازي عن السعر المعلن رسميا. إذاً ما هو الواجب عمله حتى يكون السبيل سالكا الى دولارات المغتربين؟. بداية، وقبل الشروع في مسألة المزيد من الحوافز الحقيقية التي بموجبها يمكن ان يتم التحويل عبر المصارف على الدولة معالجة قضية التحويل عبر البنوك الخارجية ، فحتى اللحظة لا توجد عملية تحويل رسمية عبر البنوك ، فاذا ذهب أي مغترب مثلا في السعودية الى أي من البنوك سيفيده الموظف بكل "هدوء" غير مسموح بالتحويل ، وهذه بحاجة لعمل "سياسي واقتصادي" ، وبالتالي ينبغي ان يكون هناك حل سياسي ، وتحركات اقتصادية لمحافظ بنك السودان تنقله الى دول الخليج وفي مقدمتها "السعودية" ،لمعالجة قضية التحويلات البنكية.وبعد معالجة قضية التحويلات المالية تبقى هناك عدة امور إن لم تتحقق ، سيكون دولار المغتربين عصي على البنك المركزي وفي مقدمة ذلك تأتي ضرورة توفير قدر كبير من الثقة المفقودة بين المغتربين والمصارف السودانية ، فكثير من هؤلاء يحكي لك بمرارة انه وخلال سنوات ماضية حول دولارات الى السودان ، وحينما ذهب الى البنك ،لم يصرف له بالدولار بل تصر المصارف على العملة المحلية، مع الفارق الكبير بين السعر الرسمي والموازي ،فمثل هذه التجارب اصبحت خلفيات تستدعى حين الحديث عن تحويلات المغتربين. ثمة امر اخر، معشر المغتربين ينظرون الى الدولة ممثلة في جهاز شئون السودانيين العاملين بالخارج ،على انه لم يفلح في تبني قضاياهم والدفاع عنها بقوة امام وزارة المالية والجمارك والضرائب، حتى اصبحت العلاقة مجرد تأشيرة خروج تمنح عند استيفاء قائمة من المطالب ، فيما ظلت قضية اعفاء سيارة العودة النهائية من الجمارك مجرد حلم مستحيل، والدولة تزيد الضريبة لتصبح 130 % . اذا ارادت الدولة ان تسلك اقصر الطرق الى دولارات المغتربين عبر حوالات راتبة ، عليها بإعلان حزمة حوافز حقيقة تتعلق بتسهيلات "معلومة" لجهة دراسة ابناء المغتربين بالجامعات السودانية، واعفاءات بنسب محددة وفقا لسنوات الاغتراب للسيارات بمختلف انواعها ،والتي من بينها ما قد تشكل مصدر دخل لمغترب عائد، اضف الى ذلك ان تشمل الاعفاءات او هي التسهيلات تخصيص اراضي ، و شقق سكنية، أو حتى تسهيلات للبناء على ان تكون البنوك شريكة في عمليات التمويل ، وان تصحب هذه الاجراءات اشاعة روح الثقة بين المغترب واجهزته الرسمية التي غالبا ما ينظر اليها بعين الشك والريبة..مع ضرورة احداث الموازنة اللازمة بين السعر الرسمي و" السوق السوداء"ويمكن ان تربط هذه العمليات بالرقم الوطني. د. التهامي الذي أمضى سنوات طويلة في الاغتراب قادر على وضع مطالب المغتربين امام الجهات المعنية ، على ان تغير نظرتها الى "البقرة الحلوب" ،وتؤسس لعلاقات شراكة تستفيد منها جميع الاطراف..ودون ذلك لن يحول أي مغترب دولارا واحدا، حتى ولو كان يحلم بمنصب وزير اتحادي او نائب برلماني. مصطفى محكر. [email protected]