مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد المسلمين والعرب والمهاجرين والتي كانت قد تضمنتها حملته الانتخابية جعلت الموقف الإقليمي العربي في بادئ الأمر يتخوف كثيراً من هذا الرجل.. من أحاديثه المخيفة ونواياه المعلنة، لكن وبعد أن حسم الناخب الأمريكي أمره واختار دونالد ترامب رئيساً منتخباً، اختلفت حسابات المنطقة العربية تماماً، لأسباب كثيرة ليس أهمها الحرص على مكاسب جديدة في علاقاتهم التأريخية مع الولاياتالمتحدة بقدر حرصهم على تجنب تحول موقف أمريكا إلى خانة العداء المعلن ومناصرة ودعم إيران العدو التقليدي لدول الخليج . خاصة وأن علاقات ترامب مع بوتين وروسيا حليفة إيران ستكون أفضل بحكم مغازلات الرجلين ودعم روسيا الكبير لحملة ترامب .. هذا الوضع الذي يمكن أن يتيح المجال لتمرير أجندات إيران في سوريا والعراق عبر روسيا إلى مطبخ الحليف الأمريكي باعتبار ما سيكون . ولذلك بدأ نوع من السباق الاقليمي للوصول إلى البيت الأبيض.. إيران كانت تراهن على عداء ترامب للعرب وتأمل أن تساهم روسيا في ترتيب أمورها مع صديق بوتين دونالد ترامب لكن السعودية ودول الخليج بدأت تنتبه لأهمية تحييد موقف ترامب وكسبه لقطع الطريق أمام إيران وستنجح في ذلك لأن مصالح الولاياتالمتحدة في المنطقة العربية كبيرة ولا تحتمل العبث بها. وفي اعتقادي أن أفضل ما في سياسة ترامب هو عدم رغبته في الالتزام الصارم بثوابت الولاياتالمتحدة ومواقف مؤسساتها وهو الذي وصل إلى البيت الأبيض عبر خطاب يراه الكثيرون أنه يهزم الثوابت التي قامت عليها أمريكا. وفي ظل هذه الحالة التي بدأ فيها الجميع - حلفاء وأعداء لأمريكا - علاقاتهم معها بداية جديدة ومن نقطة (الصفر)، فإن الحكومة السودانية التي يمكن وصف علاقاتها مع أمريكا بأنها خالية من الرصيد الإيجابي ومتوقفة في نقطة (الصفر) السلبي منذ أكثر من عشرين عاماً تتوفر أمامها الآن فرصة أكبر لمسح الرصيد السلبي كاملاً والانتقال إلى خانة (الصفر) الإيجابي، الذي سيضع ترامب على الأقل في خانة الحياد، برفع اسم السودان من قوائم الحظر والحصار . الفرصة الآن أكبر ودعوة حزب المؤتمر الوطني للإدارة الأمريكية الجديدة، والرئيس المنتخب دونالد ترامب، إلى إعادة النظر في سياسات واشنطن تجاه الخرطوم، تستخدم نفس الطريق الذي يستخدمه الجميع في رحلة الوصول إلى البيت الأبيض . فقط تذكروا أنه لو كانت دول الخليج وحلفاء أمريكا القدامى ينازلون إيران التي تستخدم العربة الروسية في مضمار السباق فإنكم تنازلون الجبهة الثورية وحركات دارفور التي أيضاً هي ليست واثقة في موقف ترامب تجاهها وتخوض المنافسة على نفس الطريق الى ترامب ومن نقطة (الصفر) حتى اللحظة. شوكة كرامة لا تنازل عن حلايب وشلاتين اليوم التالي