لقد نجح العصيان الأول من قبل أن يبدأ وسوف ينجح الثانى بصورة اقوى ويحدث صدى واثرا لا يخطر على بال الطغمة الفاسدة. ونجاح العصيان ليس بعدد من يشاركون فى تنفيذه والإلتزام بما تجمع عليه كآفة القوى السياسية والشبابية، وإن كان عددهم ليس بالقليل. وعلى من يهتم بالعدد وحده أن يخجل ويستحى على وجهه. فمن الذى لا يعلم أن النظام قد شرع فى تجريف الخدمه المدنية السودانية ومعها العسكرية منذ إغتصابه للسلطة فى يوم 30 يونيو 1989 المشئوم؟ مشهرا سيف "الصالح العام" الذى كان يطال الشرفاء دون غيرهم، وأن يبقى على غالبية الفاسدين من كوادر النظام وأرزقيته ومأجوريه. اؤلئك الشرفاء الذين ظلموا منهم من مات غبنا وحسرة ومنهم من هاجر قسريا. أعرف "مضيفا" جويا، كان يعمل فى الشركة السودانية "الناقل الوطنى" للطيران، مات بالغبن بعد أن طرد من وظيفته التى لا يعرف غيرها وهو يعول أم و 7 شقيقات! لقد نال منه النظام وقتل بسيف الصالح العام الظالم. ومعلوم كيف هيمن النظام على النقابات والإتحادات حتى يضمن ولاءها الدائم، مهما فشل وأخفق وفسد، رغم ذلك خرجت عن طوعه العديد من تلك النقابات. الغريب فى الأمر أن ذلك الصالح العام لم ينل من الفاسدين والمرتشين لذلك ضرب الفساد غالبية مؤسسات الدولة وأهدر المال العام بلا شفقة أو رحمة. عن طريق "التمكين" وعن طريق الصرف غير المرشد وغير الخاضع للرقابة والمحاسبة. فالعصابة كما قال أحدهم "مؤتمنينمن الله"! وحينما اصبح النهب عاديا ومباحا للجميع، وصل درجة يحمل فيها المال العام بالحقائب وبالعملات الصعبه بالملايين وقلبل منه الذى قبض وكشف عنه فى مطارات الدول الأجنبية. لقد نال الصالح العام من الشرفاء فى الخدمة العامة لذلك من الظلم الحكم على الإعتصام بعدد من ينفذونه وإن كان عددهم غير قليل. لكن نجاح العصيان الحقيقى فى كونه سبب للنظام صداعا وجعل قاداته والحادبين عليه "يهضربون" ويدلون بأحاديث لا ينطق بها عاقل. ونجح فى كونه ركم "الوسخ" كله الى بعضه البعض فى كوم واحد، وكما وعد الخالق. ونجح فى أنه جمع شرفاء السودان فى صعيد واحد ومن أجل تحقيق هدف محدد لأول مرة بهذا الحجم. بعد أن ظن النظام بأتباع سياسة ممهنجة لتفريق الأحزاب والحركات وتمزيقها بأن شرفاء السودان لن يجتمعوا على أمر. بشراء اصحاب النفوس الضعيفة والأرزقية والمأجورين، حتى اصبح الجزب الواحد أو الحركه لها أكثر من فرع. على سبيل المثال الأرزقى المأجور " أحمد بلال عثمان" هو مؤتمر وطنى أكثر من أى قيادى أو كادر. لكنه ينتمى "إسما" لأحد الأحزاب تنفيذا لرغبة النظام فى تمزيق الأحزاب وتقزيمها. لقد نجح الأعتصام فى أنه كسر حاجز الخوف داخل قلوب السودانيين ، حتى اصبحنا نجد إمراة تهاجم النظام فى قوة وثبات وتعلن عن مكان سكنها دون خوف أو خشية. لقد نجح العصيان فى أنه اضاف كما هائلا من السودانيين المسحوقين والمعدمين الى معسكر الثوار الذين كان لهم موقفا ثابتا من النظام منذ بداياته بإعتباره نظاما دينيا سلطويا شموليا لا يعترف بالديمقراطية ودولة المواطنة والتبادل السلمى للسلطة "لغة العصر". وكثير من الحكام الأذكياء رغم ديكتاتوريتهم، بدلوا جلودهم وأرتضوا الرحيل قبل "السونامى". أما الأغبيياء والجهلاء والفاقد التربوى والثقافى فلا يزالون متشبثين بالكراسى حتى يجرفهم الطوفان. لا يتذكرون مصير الطغاة وإرادة الشعوب وماذا حل بأولئك الطغاة. من المدهش أن طاغية السودان يحارب فى "اليمن" وكأنه ليس طاغية ولا يحكم شعبه بالحديد والنار، مضاف اليه فساد يزكم الأنوف. لا أدرى منذ زمن طويل كنت اشعر أن السودان يحكمه "كارد" الطيش والنوعية التى تجلد 60 جلدة. مع أننا وفى جميع المراحل الدراسية لم يكن من بيننا من جلد اكثر من 10 جلدات سوى الأغبياء متبلدى الحس وحدهم والى جانبهم اصحاب الخلق الذميم المنبوذ. فيا ترى ماذا فعل "الرئيس" الذى يريد أن يعيد عقوبة الجلد فى هذا الزمن المرهف الإحساس، حينما جلد 60 سوطا؟ هل كان متعود على قطع الرقاب منذ طفولته؟ نجن فى حاجه مستقبلية لأخصائيين نفسانيين يدرسوا ويشخصوا حالة من يتقدم للرئاسة فى الدولة السودانية الجديدة من جميع الجولنب خاصة عند طفولته. أما اهم معلم للنجاح هو أن العالم كله إحترم الشعب السودانى وأعترف بتحضره. وادرك أن المفهوم الذى روج له النظام والأرزقية والمأجورين وغير الواثقين فى أنفسهم. الذى يقول إما أن يحكم السودان عمر البشير ونظامه أو الفوضى ومصير مثل مصير سوريا وليبيا والعراق. مفهوم غير صحيح. فقد اثبت الشعب السودانى أنه متحضر وأنه مسالم وأنه راق ومبدع، فى كل مرة يقدم للشعوب دروسا فى المقاومة بحسب قدراته وبالطريقة التى تحفظ بلده وتجعله آمنا ومطمئنا. وأن العنف والأرهاب والفوضى متسبب فيهم النظام. يكفى دليلا على ذلك انه يتبنى خمس مليشيات أغلبها يقودها جهلاء وأميين! سقط التظام أم لم يسقط ... ومصيره السقوط. يجب أن يستمر هذا السلاح الفتاك، سلاح "العصيان" ومن وقت لآخر وبصورة منظمه ومرتبة .. وإنها لثورة حتى النصر. دولة المواطنة هى الحل .. الديمقراطية هى الحل. تاج السر حسين – [email protected]