الدولة المدنية التي نتحدث عنها تقوم على المجتمع المسلم الحر الملتزم بالفضيلة والحكم الديمقراطي والرأسمالية (مقلمة الأظافر) الموجهة للمصلحة العامة والصحافة الحرة. وهذا هو "الشكل العلمي العقلاني للحياة في وجوهها المختلفة". ولكن د. ترابي يتحدث عن دولة توافق أمة المؤمنين: "ومهما كان كل واحد منهم يسعى لذاته ولمصلحته في الآخرة فإنه يلتقي تلقائياً مع موكب السائرين إلى الله على الصراط المستقيم. لذلك تصبح الجماعة حاصلاً تلقائياً من التدين الفردي" وهو قول لا يتحقق إلا إذا وثقنا من نوعية التدين الفردي هذا. لأنه في الغالب التدين الفردي لا يعصم الجماعة في كلياتها من الإنحراف خصوصاً عندما تذوق طعم السلطة والمال. ثم ماذا لو طبقنا هذا على المتدينين من ملة إبراهيم، ألا يمكننا أن نولد فقهاً وفاقياً جمعياً توحيدياً بين السنة والشيعة نثلا، أو بين المسلمين وأهل الكتاب؟ وبذا نوسع من دائرة أمة المؤمنين. وأظن هذا بعض ما يسعى له د. الترابي مما سمعته عنه شفاهة. واقع تجربة د. ترابي في السودان يؤكد ما ذهبنا إليه من أن السلطة مفسدة لا علاج لفسادها الا بالمزيد من الحرية والديمقراطية. كان د. ترابي يقول: "فالخروج بالديمقراطية من الإطار الديني إلى إطار سياسي بحت ردة وضرب من الإشراك.. . والذي يمرق في السياسة من الدين في الإسلام مشرك وكافر لهذا المدى السياسي في حياته"!!! ها هو بنفسه يرفع راية السلطة الدينية الشرعية ليرهب بها من له رأي مخالف له. ويوزع شهادات التكفير يمنة ويسارا. والترابي قبل مفاصلة الإنقاذ ذو نزعة شمولية مخيفة وليته خرج لنا بفقه جديد بعد التجربة القاسية التي قادته إليها مناهج تفكيره السابقة، ونعلم انه قد كان للشافعي فقهان. [email protected]