كان الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" شجاعًا وهو يستعد لحزم حقائبه لمغادرة البيت الأبيض، عندما قال إنه "مسؤول عن إراقة الدماء في حلب". لم يستطع باراك أوباما وإدارته ثني روسيا والنظامَين الإيراني والسوري عن هدم بيوت السوريين على ساكنيها. أوباما" اعترف كذلك بأنه تشاور مع فريق إدارته مرارًا عن تدخل أمريكي مفترض في سوريا، وتوصلوا إلى أنه غير مقبول للأمن القومي الأمريكي على المدى الطويل، خاصة بعد التدخل الروسي في سوريا؛ إذ زادت الصعوبات عليهم. التدخل الروسي كان في 2015، والأزمة السورية بدأت في عام 2011، فماذا كانت تفعل إدارة "أوباما" قبل التدخل الروسي؟ وكان بالإمكان تجاوز هذه الصعوبات التي ذكرها "أوباما" وإيقاف حمام الدم في المحافظات السورية. يقول "ريد شايفر"، أستاذ تعقيدات العلاقات الدولية بجامعة هارفارد، في بحثه المنشور مؤخرًا: إن الولاياتالمتحدة فقدت هيبتها الدولية عندما وضعت نفسها في مستنقع يصعب الخروج منه، وذلك بتهاون إدارتها في بعض القضايا الدولية، خاصة سوريا. وركز "شايفر" في تحليله على هشاشة الإدارة الأمريكية الحالية، وفقدان حصص مؤثرة في الساحة الدولية، وأن هذه الحصص منحتها تلك الإدارة دون أن تشعر إلى قوى متصاعدة وعطشى للحصول على تلك الحصص. "أوباما" لم يسبقه أي رئيس أمريكي في الاعتراف بالفشل، وكل الرؤساء السابقين حاولوا أن يصنعوا الانتصارات في آخر أوقات حكمهم؛ لكي يسجل التاريخ دورهم الفاعل، والخروج بموقف البطل. فعلى سبيل المثال حاول "جيمي كارتر" أن تكون نهايته انتصارًا له بانتهاء أزمة الرهائن الأمريكيين في طهران. ومن بعده "ريجان" الذي سعى ليكون المنتصر بانتهاء الحرب الباردة، وتحرير أوروبا الشرقية من الشيوعية. وحتى "جورج بوش الأب" دائمًا ما يشير إلى انتصاراته في حرب الخليج، وكذلك قطع جذور تجار المخدرات في حكومة بنما، الذين غزت بضائعهم الولاياتالمتحدةالأمريكية بغزارة بحكم الجوار بين البلدَيْن. لقد دخل الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" التاريخ من أوسع أبوابه مرتين، "الأولى" عندما فاز بالانتخابات الأمريكية بوصفه أول رئيس من أصول إفريقية، و"المرة الثانية" عندما أقر صراحة بفشل إدارته في الملف السوري، واعترافه بأنه يشعر بالذنب تجاه الجرائم الممنهجة ضد الشعب السوري، وذلك في آخر فترة رئاسته؛ ليكون حفل الاعتزال مؤلمًا له، وسيلاحقه على مدى التاريخ مرتبطاً بالقضية السورية، ومختلفًا عن سابقيه من الرؤساء الأمركان. واعتبر العض أن هذا ذر الرماد في العيون؛ ليظهر للعالم العربي والإسلامي أنه محب للسلام والعدل، بينما الواقع عكس ذلك، فقط من أجل كسب التعاطف. وقد درج الؤساءالأمركان عندما يتولى أحدهم الرئاسة فإن أول بلد يزوره هو إسرائيل، وإذ إنتهت فترة رئاسته وأصبح مواطناً عادياً فإن أول مايزور الوطن العربي وكأنه لم يرتكب أي جريمة ضد العرب. [email protected]