بعد أن أكد الحزب الحاكم أن غالبيته المطلقة في البرلمان لن تكون موجودة بعد إضافة نسبة ال15% للسلطة التشريعية من القوى السياسية المشاركة في الحوار، فهل نتوقع وجود برلمان حقيقي يمثل الشعب الذي انتخبه ويدافع عن حقوقه ومكتسباته بكل شراسة عكس البرلمان السابق الذي كانت مهمته إجازة قرارات الحكومة مهما كان وقعها على المواطن، بل هؤلاء النواب كانوا يمثلون ضغطاً كبيراً على كاهل المواطن بسبب موافقتهم على قرارات رفع الدعم عن الوقود مما أدى إلى ارتفاع الأسعار. ولم يتحدثوا يوماً عن معاناة الشعب وكفاحه من أجل لقمة العيش بل يزيدون عليه الهموم ويعمقون جراحه يوماً بعد يوم، المعروف أن البرلمان أو مجلس النواب أو مجلس الشعب هو هيئة تشريعية تمثل السلطة التشريعية في الدول الدستورية ويكون مختصاً بممارسة السلطة التشريعية. البرلمان في كل الدول الناجحة هو الرقيب والعصا الغليظة والمطرقة والتي تبرز ويلوّح بها في وجه الحكومات متى ما ظهر فشلها وفسادها وأخطاؤها ولم تقم بواجباتها كما يجب، وهو تعبير الشعب عن رغباته وطموحاته في غير شطط وهو المشرِّع واليد الأمينة التي تخط مسيرة البلدان وتراقب كل شر وانحراف وفساد، وكل ما يكدر استقرار الدول، وهو الذى يدفع الأذى عن الشعب والمواطن ويحميه من شرور وإخفاقات الحكام وليس التصفيق والتصويت لصالح القرارات الحكومية التي تزيد من العنت المعيشي الذي يواجهه المواطن السوداني، لم نرَ في هذا البرلمان إصدار قرارات قوية وشجاعة تصب في صالح المواطن، وهذا لن يتأتى إلا في ظل حكومة رشيدة تهدف في المقام الأول إلى العمل لأجل إسعاد مواطنيها ورفاهيتهم، ولهذا نتوقع من حكومة الوفاق القادمة القيام بإصلاحات حقيقية في كافة المجالات خاصة السياسية والإعلامية والاهتمام أكثر بمسألة الحريات وبسطها والتي عبرها يمكن تلافي ما يحدث في دول الجوار من فوضى ودمار حدثت بعد أن وصلت شعوب تلك الدول إلى مرحلة الانفجار بسبب التضييق وسلب الحريات الذي مورس عليها. أيضاً يجب أن يجد الاقتصاد وعلاجه الاهتمام الأكبر من الحكومة القادمة ومحاربة الفساد والمفسدين بضراوة والقيام بخطوات واضحة وملموسة للحد من ظاهرة الفساد والتي تناولها الإعلام بصورة مكثفة مما أدى إلى تعليق صدور بعض الصحف، ومحاربة التجنيب الذي يحدث في بعض المؤسسات، ولن ينصلح حال الاقتصاد إلا بمحاربة هذه الجهات ومحاربة خفافيش الظلام ووضع قوانين صارمة لكل من يعتدي على المال العام، وهذا بدوره سيؤدي إلى أن ينعكس هذا الأمرعلى المواطن خيراً بعد العنت والمشقة التي ظل يواجهها للحصول على لقمة العيش، يجب أن يُحارَب هؤلاء بدل أن تصبح المعالجات الاقتصادية على حساب المواطن المسكين والمغلوب على أمره. [email protected]