ما الذي جعل حي واحد الذي اشتهر في بداية تكوينه وهو حي يرقد غرب السوق ويمد المدينة بالذبيح.. ومع ذلك نجد ان هذا الحي اصبح واحة او دوحة للغناء الامدرماني وذلك منذ بداية فترة الغناء بشقيه القديم والحديث بل يرفد مجتمع الغناء السوداني بالعديد من فحول الشعراء والمغنين .. ويكفي هذا الحي انه ضم بين جنبيه عملاق الاغنية السودانية الشاعرالمخضرم عبد الرحمن الريح والثلاثي المبدع الطاهر ابراهيم ومحجوب سراج وصديقه ابراهيم الرشيد.ومن هناك ظهر المبدع احمد الجابري والشاعرالأنصاري احمد محمد زين ومن نفس هذا الحي نشأ وترعرع غيثارة زعيم الرومانسية المعاصرة الموسيقار الفذ عبد اللطيف خضر ود الحاوي والذي شكل مع الشاعر ابراهيم الرشيد والفنان ابراهيم عوض ثلاثي استطاع ان يعلي بشأن الغناء الحديث ليواكب العصر..ومن حي العرب أطل شاعر الواقعية الرومانسية الاستاذ سيف الدين الدسوقي والذي تغنى له ابراهيم عوض والجابري وغيرهم وكذلك الفنان الشعبي المجدد محمد احمد عوض والذي يعود له الفضل في وضع اللبنة الاولى لهذا الفن مع الشاعر والملحن محمود فلاح..اليس في هذا الحي سحر؟ لقد تغنى عديد من الفانين بكلمات محجوب سراج والتي كانت تشبع روح المتلقي بالحانها المنتقاة رغم وقد تلاحظ ان في أشعاره يكمن اللحن ولكن يغلب عليها التأسي فتأمل مثلا أغنيته التي لحنها صلاح مصطفى مابغيرني صدودك عني والتي اتخيل انها اليازة في كلماتها واختار لها صلاح لحنا اوبرالي ولو املينا النظر في اغنية (بعد الغياب ) وهي احد الاخرى احد ايقونات هذا الشاعر المبدع للاسف الذي سافرت روحه عن الوعي ولم تتحمل كل هذا الكم الهائل من الإبداع الفني الراقي الذي صاغه بروحه وكتبه بمداد من دم والذي ارتبط معظمه بالفنان صلاح مصطفي ومن اشهر الاعمال التي خلدتها هذه الثنائية تلك الاغنية والتي تمثل عندي احد اروع الأغنيات الرومانسية في السودان على الأطلاق ومن منا من لم تأخذه كلمات هذه الأغنية ولحنها الاثر ومن منا لم تهتز عرصات قلبه لاداء صلاح مصطفى خاصة لجيلنا الذي تورمت اكباده وهو يلهث خلف السراب عله يسمع ولو بحة من حبيبة كتب عليها ان تعتقل عواطفها داخل ارخبيل من سطوة الاب والاخ وكل والمجتمع..وقد ابدع الشاعر محجوب سراج في هذا المشهد في تلك الاغنية اوليس الموت اهون من الإحساس بالسجن واي سجن..انه سجن الروح فنظر اليه يشبه نفسه وكانه اصبح كالسجين: اصبحت اشعر كالسجين: ولم يقل صرت كالسجين، وهذا هو محجوب سراج يعرف صنعته وكيف يختار كلماته وماذا يريد ولكن هذه النفس الابية والروح الشاعرية الرقيقة ابت إلاّ ان تتمرد على صاحبهالتوصله الي هذه الحالة التي ظل يعيشها هذا المبدع ولقد شاهدته عدة مرات كان يزور فيها المجلس القومي لرعاية للاداب والفنون وكان شديد الزهول ويهزا بكلام غير معروف اما الطامة الكبرى فقد علمنا ضياع معظم اعماله وفي ظروف غامضة..الم يأن لمسؤلي الثقافة في بلادنا ان يصلوا لهذا الشاعر ويبثوا في قلبه بعض من النغم وتتولي امر اسرته قبل ان يضيع كل شئ.. انه واحد من اولئك المبدعين الذين زينوا دنياواتنا بالجمال. اليس فينا من تحدثه نفسه ان يعمل ولو القليل لهذا الزول القمة.. .... عثمان يوسف خليل المملكة المتحدة [email protected]