من المثير للدهشة فرحة مسئولي دولتنا (بلا تهليل أو تكبير هذه المرة) بعد الرفع الجزئي للعقوبات الأمريكية عن السودان في حين هم من تسببوا فيها بسياساتهم وشعاراتهم الرعناء التي لا تتوافق مع حجم دولة فقيرة وشعبها جائع .. شعارات دينية قوية رفعوها لدغدغة مشاعر الأمة وضمان تدفق الشباب لساحات الجهاد وأخرى خاطئة بأن (أمريكاروسيا قد دنا عذابها) ومرت 25 سنة ذقنا فيها نحن مر العذاب بدلاً من الدولتين، إنها قصة الحمار والأسد التي اعتقد فيها الحمار أن تراجع الأسد عن الفتك به إنما خوف منه ففكر في مهاجمته فمات الغبي بضربة واحدة.. وكانت الضربة الأمريكية من كلمات بسيطة وأسطر قليلة هي العقوبات المستمرة حتى الآن. كشف غندور في مؤتمره الصحفي عن 23 اجتماعاً سرياً تم عقده مع أمريكا ل(تحنيسها) رفع العقوبات ، والسؤال : لماذا سرية والمعروف أن امريكا تعقد اجتماعاتها مع أي مسئول او حكومة في العالم في العلن والهواء الطلق وتنقل ال(المكرفونات) الطويلة مابين الشفاه ورمشات العيون؟ ولماذا تهرب غندور عن الإجابة على سؤال حقيقة هذه المفاوضات؟ الإجابة أن حكومتنا المفلسة سياسياً، كلما قدمت تنازلاً في اجتماع، طلب الأمريكان المزيد حتى وصلنا مرحلة عدم وجود شيء نتنازل عنه. كانت حكومتنا مثل الزوجة التي أقسمت ألا تكتسب لقب (مطلقة) وقدمت كل التنازلات والتضحيات في سبيل ألا تقع في هذا المحظور، وعندما وجدت أنها لم تعد تملك شيئاً تقدمه لزوجها الذي يذلها ليل نهار، انهارت وطلبت الطلاق.. انهارت حكومتنا و قدمت جميع التنازلات ليوافق الأمريكيون في نهاية المطاف على رفع جزئي مشروط بعد أن أكرمونا من قبل برفع حظر عن (إكسسوارات) أجهزة الكمبيوتر!!. نقول للمسئولين الذين يحتفلون في وسائل الإعلام هذه الأيام أدعياء البطولات الزائفة لتحقيق كسب سياسي رخيص الشعب لن ينخدع و ستقدمون للمحاكمة عاجلاً أو آجلاً لأنكم أنتم من تسببتم في هذه العقوبات وتجويع الشعب بأخطاء كارثية في اتفاقية نيفاشا وحرب الخليج والعلاقات مع إيران ورفع شعارات ضد أمريكاوروسيا مع العلم أن 90% من الروس والأمريكان لم يسمعوا بدولة أسمها السودان بشهادة الترابي الذي قال أن أحد الرؤساء الأمريكيين قال لوفد سوداني، أنه يعرف السودان من دول أمريكا الجنوبية!!. جمال عيسى [email protected]