يعلم الجميع أن دولة إسرائيل قامت علي أرض فلسطينية مغتصبة وقد ساهم العالم الغربي بصورة أساسية في توطيد أركان هذه الدولة ، أما أمريكا فهي حامية هذا الكيان الغاصب ليس حباً في إسرائيل ولكن خوفاً من النفوذ اليهودي في أمريكا فيهود أمريكا يسيطرون علي الإقتصاد والإعلام والإنتاج السينمائي...الخ وينسحب هذا الأمر علي الكيان الغربي عموماً ولكن بصورة أخف ، هذا الوضع جعل دولة إسرائيل مهابة الجانب وذو تأثير في السياسة العالمية خاصة في نظر العالم العربي هذا العالم الذي تضعضع كثيرا وأصابه الضعف والهوان إلي درجة أنه يحتاج إلي من يحميه ليس من إسرائيل ولكن من بعضها البعض , الدول العربية تُضمر العداء فيما بينها أو مع جيرانها من الدول الإسلامية وهكذا إنصرفت معظم الدول العربية من العداء لإسرائيل إلي طلب ودها والتغني بتقدمها العلمي وبقوتها العسكرية الضاربة هذا الوهم يعشعش في عقول حُكام العرب مع إن الواقع يشير إلي أن هذه الدولة ليست بالعظمة والقوة المتوهمة وإلاّ فأنظر إلي حروبها مع الفلسطينين ألم تري فشل ألتها العسكرية في إجتثاث المقاومة الفلسطينية خاصة الاسلامية منها ، ألم تري عزلتها الدبلوماسية تبعاً لممارساتها غير الإنسانية فكثير من الدول الاوربية بدأت تبتعد في مواقفها بعيداً عن السياسة الإسرائيلية وكذلك دول أمريكا اللاتينية تشهد علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي توتراً وتراجعاً وذات الأمر مع الدول الأسيوية , ومن بؤس السياسة في العالم الإسلامي والعربي نجد أن حُكامنا وقادتنا يهرولون نحو إسرائيل طمعاً في رضائها وهم يتجاهلون ماذا كسبت الدول العربية التي وقعت إتفاقيات صلح مع إسرائيل أنظروا إلي مصر اليوم!! هل هي مصر أم الدنيا كما كنا نعرفها؟؟؟!! تضعضعت مصر وفقدت قوتها ومكانتها، أصبحت أثراً بعد عين , لم تنفعها صلحها مع إسرائيل ولا التودد إليها بل تنسيقها العسكري معها ضد المقاومة الفلسطينية ، ألا تكفي هذه عبرة لمن ينظرون إلي إسرائيل وكأنها المنقذ من كل المشاكل التي تحيط بالدول والحكومات العربية ، فيما يلينا نحن في السودان فقد ظلت الدولة السودانية في خندق واحد مع الفلسطينين دفاعاً عن حقوقهم المشروعة وبالمقابل موقف واضح من هذا الكيان الغاصب , هذه المواقف أصبحت جزء من نبض الشارع السوداني وأصبح السوداني أياً كان إنتماءه الفكري أو السياسي أو العرقي أو الديني له موقف عدائي وأضح من هذا الكيان!! وبطبيعة الحال لم تمنع هذا المواقف من بعض العلاقات المشبوهة بين قادة سياسيين والكيان الإسرائيلي وحتي هذه لم يتجاوز لقاءات سرية محدودة أو لقاءات عابرة غير مرتبة... أما في ظل نظام الإنقاذ فقد تصاعدت وتيرة العداء لإسرائيل كموقف ديني مبدئي ويقابل ذلك تقارب مع المقاومة الفلسطينية خاصة الإسلامية منها حماس نموذجا ، هذا الموقف ربما جر البلاد إلي مصائب فاللوبي الإسرائيلي جند كل قوته ومكره ضد السودان إعلامياً وإقتصادياًو دبلوماسياً و عسكرياً ولكن ذلك لم يغير من الموقف شيء وكطبع حُكامنا ضعفت العزيمة وخارت قواهم وبعدت عليهم الشقة وإرتعدت فرائصهم خوفاً من فقدان السلطة فضربوا أخماس في أسداس وبعد أخذ المشورة من الذين لا يزيدونهم إلا خبالا فأشاروا إليهم بأن مفاتيح ومغاليق الأمر بيد إسرائيل فإن رضيت إسرائيل إنفتحت أبواب العالم الغربي والأمريكي علي مصراعيها وأن المشاكل التي تنغص وتقص مضاجعهم سوف تحل بجرة قلم!! هذه الأوهام ظهرت همساً إختباراً وتحريكاً للمياه الراكدة ولكن الشعب في مجمله لا يمكن أن يقبل إي علاقة مع إسرائيل الا في أطار أسترداد الحقوق الفلسطينية ، ، فهذا وزير خارجيتنا الهمام الإسلامي صاحب المشروع الحضاري يلقي بالقول الثقيل هكذا ليست فلتة لسان وسوء تعبير ولكن القول له ما بعده لا مانع في إقامة علاقات مع إسرائيل فكل شيء وارد في السياسة وعلي عظم هذا القول وتقاطعه علي القواعد السياسية لهذه البلاد لم نسمع قول فصل يردع أمثال هؤلاء الساسة لا من رئيس الجمهورية ولا من غيره....مرّ الأمر مرور الكرام... رغم خطورته ، مما شجع آخرين من داخل حظيرة الإسلاميين للخوض في الأمر بغير هدى أو كتاب مُنير، يوسف الكودة والذي يوصف بالداعية الإسلامي ورئيس حزب الوسط برفع عقيرته داعياً إلي إقامة علاقات مع دولة إسرائيل بل تطبيع العلاقات معها والحجة في ذلك أن بعض الدول العربية أقامت علاقات معها وأن السودان خسر كثيراً جراء شعارات المقاطعة والعداء مع إسرائيل وإن المقاطعة الإقتصادية والعقوبات التي فرضت علي الخرطوم من الولاياتالمتحدةالأمريكية كانت بسبب موقف السودان من الإحتلال الاسرائلي وأن تجاوز كل ذلك يكمن في علاقة طبيعية مع إسرائيل . كل الحجج التي ساقها الكودة واهية ولا تكاد تقف علي ساقين سليمتين ونحن لا نتهم كودة بالعمالة ولا الارتزاق ولكنه يحتاج إلي مراجعة قناعاته التي دعته إلي ما صرح به... نحن ندرك أن كثير من الإسلاميين فقدوا الوجهة وأصابهم اليأس خاصة الذين هم في السلطة إلي درجة أن فقدت البلاد أي قيمة مبدئية فدولتنا لا طعم لها ولا رائحة فهي عاجزة تماما عن الدفاع عن أي قيمة أنسانية!! وأنها عاجزة عن إيجاد ملاذ آمن للمضطهدين في بلادنهم بما فيهم الأخوان المسلمون فضلا عن الاستنصار لهم فذلك بعيد المنال!! أليس عيباً وخوارا أن لا تستطيع البلاد حتى معاملة الدول الجارة معاملة بالمثل فمصر السيسى تأوي المعارضة السودانية السلمية والعسكرية جهاراً نهاراً وبالمقابل لا تستطيع حُكومتنا ايواء الهاربين من اضطهاد نظام السيسى وقبولهم كلأجئين سياسيين فقط , بل ربما أقدمت علي تسليم من إستجار بنا.. أي هوان وذل هذا ، فحكومة السيسى لا تملك شيئاً وهي أضعف من أن تزعزعنا قيد أنملة ,أذن فلما الخوار والسكوت علي أفعال النظام المصري إحتلال حلايب وإختطاف المعدنين ومصادرة معداتهم وحرماننا من مياه النيل أمثال السيسى لا يصلح معهم إلاّ المعاملة بالمثل حتى يرتدع وترتدع إعلامه البأئس الاصفر، أما الهرولة نحو دولة إسرائيل فلا تزيدنا إلاّ خبالا علي خبال ، الأمر كله يكمن في حلحلة مشاكلنا الداخلية وتقوية جبهتنا الداخلية فنحن أن أحسنا السياسة وترتيب أوضاعنا فلسنا في حاجة لإسرائيل ولا لغير إسرائيل[ ولو أن أهل القري آمنوا وأتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ] فليدخر الشيخ الكودة وساطته بين إسرائيل والسودان لما ينفع أهل السودان ويزيل عنهم الشقاق والاقتتال ولا يكلف الله نفسا الا وسعها , بارود صندل رجب المحامي [email protected]