كتبت الأستاذة شمائل النور مقال تحت عنوان (هوس الفضيلة)، وقدمت نقد موضوعي للوضع السوداني في ظل حكم النظام الإنقاذي الإسلاموعسكري، والذي فرض وصايته الإجبارية علي الشعب السوداني ونصب المهوسين فقهاء يفتون بالليل والنهار متصيدين خصومهم تحت حماية السلطة ومن وراء شعار ديني كما في العصور الوسطى، وعلي الفور طالعنا رد الأستاذ الطيب مصطفى علي مقال (هوس الفضيلة)، حيث ركز علي تجريد شمائل من الحياء والأدب ووصفا إياها بالمتحررة الخارجة عن قيم المجتمع والدين. وللعقلاء فقط ننقل نص مقال الصحفية شمائل النور ونواصل التعليق؟ هوس الفضيلة - أ/ شمائل النور يتحدث الإسلامي التونسي عبد الفتاح مورو بثقة شديدة وثبات واضح حول اتجاه حركة النهضة التونسية إلى ما أعتقده البعض (علمنة) الحركة الإسلامية التي قدمت أنموذجا ناصعا في قضية التداول السلمي للسلطة. في حلقة بثتها قناة الشروق في برنامج (مقاربات) شخّص مورو بعض العلل التي تعاني منها تجارب الحركات الإسلامية، خاصة التي تحكم، أو جربت الحكم.. ثم عرّاها- تماما- في بعض المسائل المتصلة بفرض الأحكام، وإنزال أنموذج اجتماعي محدد بقوة السلطة، وعرج على شهوة الإسلاميين في قيادة الدولة بمفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أن تكون القضية السلوكية هي محور فكر الحركات الإسلامية فهذا الحديث ليس مجرد اجتهاد لرمي الخصم.. هي فعلاً قضية جوهرية، إن لم تكن الوحيدة في فكر الحركات، وتريد إنزاله بالقوة. نحن في السودان نلنا نصيبا وافرا من هذه القضية، وأوردتنا وأوردت أصحابها ما عليه الحال الآن.. على الدوام قضايا المظهر والتدين الشكلاني ظلت خطاً أحمر في فكر إسلاميي السودان. ويمكننا بالرجوع قليلاً إلى الوراء معرفة ان حجم القضايا التي تأخذ حيزها وتزيد، هي قضايا سلوكية. على مدى السنوات الطوال من حكم الإسلاميين الدولة تحوّل أكبر همومها، إلى فرض الفضيلة وتربية الأفراد، ومطاردة الحريات الشخصية بقانون النظام العام.. ولنا أن نتوقف هنا، هذا القانون الذي لم يخلق فضيلة، ولن يفعل، هو من أكثر المسائل التي لا يجامل فيها الإسلاميون.. من السهولة إسقاط الصرف على الصحة في الموازنة العامة للدولة، لكن يبقى عسيرا جدا أن نكسب معركة لمنح وزارة الصحة الحق في توزيع الواقي الذكري. انشغال عقول الدولة الدائم بقضايا الفضيلة أكثر من اهتمامها بقضايا الصحة والتعليم والمعاش، وانغماسها في تربية الأفراد بدلا عن إنتاج العقول، ينتج مثل هذا الهوس الذي يتربع على رؤوس الجميع. هل العقول التي تحمل هما كبيرا بشأن تربية الأفراد، وتعليمهم الصلاة، والحجاب وتطويل اللحى- هل بإمكانها بناء دولة عصرية كانت أو حجرية؟.. التجربة السودانية- على وجه خاص- استغرقت من السنوات ما يكفي ويزيد، وفشلت حتى في مواجهة إخفاقاتها بالحجة، هل بإمكان من لا يزال يهتف بإيمان بشعارات، مثل، أو ترق كل الدماء.. هل بإمكانه أن ينهض بنفسه دع عنك النهوض بدولة كاملة........ مواصلة التعليق: لن أحلل ما جاء في حديث شمائل فهو واضح ولا يحتاج لإضافة وتفسير، وليس دفاعا عن شمائل لأنها تمتلك الأسلحة الكافية للدفاع عن نفسها وعن حريتها فهي أنثى متحررة من الهوس الفكري الذي يسيطر علي منتقديها، هي إنسانة ذات نظرة عميقة لواقع المجتمع ولها رأي واضح لا ينكسر للريح، وقد عرفت صلابة معدنها منذ عامين تقريبا عند لقائي بها في مقر صحيفة الجريدة، وكنت اتشوق لمحادثتها أو سماعها وهي تحاور الأساتذة من حولها ويكسوها الأدب وحسن الخلق وتتخير المفردات لمخاطبة الآخرين، وكنت استمع لها وهي تدير أحاديث كثيرة حول مختلف القضايا بين الحين والآخر، ومن بين محاوريها أذكر الأستاذ اشرف عبدالعزيز والأستاذ حيدر خيرالله والأستاذ محمد فايد والأستاذ حسن إسحق وغيرهم، فالحديث عن أدب وأخلاق شمائل سيعرفه من جالسها ولو لدقيقة. وكما قلنا آنفا لا نريد تفسير ما جاء في مقال شمائل، ومن رضعت (لبن الحرية) لا خوفا عليها من ظلام المهوسين، ولكنا نقف ونبدي برأينا عندما تتطاير سهام الإسلامويين المتطرفين خاصة ذابح (الثور الأسود) عند إنفصال شعبين عاشا مرارات الحرب العنصرية لسنوات وأنشدا معا (منقو قل لا عاش من يفصلنا) ولكن عنصرية مهوسي الفضيلة أدت لفصل المنشدين الحالمين بوطن السلام والمحبة والحرية، ونذكر هذا الأمر لنذكر الناس من أي منصة ينطلق هؤلاء وإلي أي وضع يسوقون المجتمع، فبينما يصرخ هذا الرجل في وجه المتحررة ويصفها بالخروج عن قيم وفضائل المجتمع، نسي الذين يحرقون الأطفال ويشردون النساء في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق مستخدمين في حربهم شعارات دينية، ونسي أيضا من يحاكم الصحفيين والمثقفين ويجلد حرائر البلاد بقانون النظام العام، ترك كل مشاكل السودان التي شارك في صنعها ليهاجم شمائل لا وبل يشرع في الأخلاق والأدب ويوزع صكوك الغفران علي غيره ويتحدث في مسألة توحيد الشعب وبناء دولة السودان. نقول من صنع الكارثة السودانية التي نعيشها سياسيا وفكريا وإقتصاديا لا يمكنه تقديم حل مجدي لتغيير الوضع القائم، والهجوم علي الفكر الحر ومنع التنوير هو ديدن (الأخوانجية) بكل فروعهم في السودان وتونس ومصر والمغرب وأم الكوارث في تركيا، فهم لا يتستطيعون تقبل الرأي الآخر ويشوهون من يخالفهم الرأي باستخدام الدين كسلاح أو نظريات المؤامرة والعمالة للغرب العلماني، وفي السودان إنكشف ستارهم ولم يعد الوضع كما كان في الماضي. فيا شمائل إشتعلي كشمعة في ليلة مظلمة وأبعثي الضياء إلي الآفاق، فلا حدود للفكر الحر والأقلام الحرة لن تنكسر. سعد محمد عبدالله [email protected]