بسم الله الرحمن الرحيم من أين أبدأ؟ في ثمانينات القرن الماضي وفي العاصمة السعودية الرياض وهي تخطو نحو الحداثة بشدة في ذلك الوقت. ذهبت وصديق سعودي لزيارة مريض طريح الفراش بالمستشفى التخصصي - من أعظم مستشفياتها في ذلك الوقت – عند مدخل المستشفى وجدنا كشكا لبيع الزهور يعني من يريد ان يزور مريضا يمكنه ان يشتري بوكية زهور هدية للمريض. اشتاط صديقي السعودي غضبا من اين جاءوا لنا بهذه التقليعة؟ وقال: يستاهل الواحد يجيب تيس ويفكو في هذه الزهور. بعد ثلاثين سنة من هذه الواقعة تعالوا لنرى ماذا يحدث أمام مستشفيات ولاية الخرطوم ، لا تنتظروا احتجاجا على عادة دخيلة مثل بوكيهات الزهور الأمر أمرَّ من ذلك كثيراً جداً. قبل كل شيء من هم نزلاء المستشفيات الحكومية؟ معلوم ان كل الأجهزة الأمنية من جيش وشرطة وأمن لهم مستشفياتهم الخاصة ومن يعولون؟ وكثير من الجهات الحكومية تؤمن موظفيها في شيكان وشركات تأمين اخرى ليتعالجوا في المستشفيات الخاصة. والأغنياء يتعالجون في المستشفيات الخاصة أو خارج البلاد والدستوريون – طبعا اصبحوا شريحة عريضة من المجتمع – أيضا يتعالجون في المستشفيات الخاصة او في الخارج على حساب الخزينة العامة كمخصصات مكافأة لما عانوه من خدمة الشعب. اذا حسبت هذه الشرائح سيكون الباقي هم فقراء بلادي الذين يتعالجون في مستشفيات الحكومة. لا نريد ان نسال كيف تقدم لهم الخدمات الصحية رغم الضجيج ولكننا اليوم مع بدعة رسوم زيارة المستشفى. زيارة المريض سنة وهي عبادة (وأحيانا عادة اجتماعية عندما تخلو من النية .علشان انصار السنة ما يزعلوا) هذه الزيارة لا يتوقع منها عاقل رسوما أبداً الا في بلادنا هذه. وللأمانة دخلت على قوقل وسالته هل في الدنيا رسوم يدفعها من يريد ان يزور مريضاً ؟ قال لا يوجد هذا الا في السودان والعراق وفي العراق فرضت لفترة قليلة ثم ألغيت. تعرف يا عم قوقل في السودان كل سنة تعرض على المجالس التشريعية لا لتبحث في أصلها ومن ثم إلغاوها بل تبحث في زيادتها وكأنها دخل وايراد ثابت لا يخلو من العيب. غير ان مجلس تشريعي الخرطوم زودها حبتين وفرض رسوما على من يريد ان يتبرع بدمه مقابل الفحوصات التي تجرى له. متبرع الدم في معظم انحاء العالم تقدم له كل الماكولات والعصائر بعد تبرعه ليعوض ما شاء الله له ان يعوض وربما الحقوها بشهادة تقديرية . متبرعنا عليه ان يدفع رسوم الفحص 18 جنيه. عندما يبلغ الحد مداه ينعكس الفعل . بالأمس في مستشفى ام درمان جاء من الاقاليم 35 راكبا ليزوروا مريضاً طلب منهم المتحصل 10 جنيهات من كل واحد تفتقت عبقرية احدهم وقال ياجماعة اكتبوا اسماءكم وكتبوها وجمع منهم المبلغ ودخل على المريض وسلمه المبلغ واسماء الزائرين. (خم وصر يا تشريعي الخرطوم). أليس في القوم رجل رشيد ويقول أتركوا للفقراء ما هم فيه من آلآم الخبز والغاز؟ [email protected]