ليس للمرة الاخيرة، ان يتفآجأ الناس صباحا بزيادة سعر الغاز،بل بالأحرى، لم تعد هذه المباغتات مثار حنق و إمتعاض لدي الأغلبية، إن لم نقل الكافة ، وكأنما أضحي جسد الإحساس بالمفاجأة وردة فعله التلقائية كشاة تسلخ بعد الذبح ... فالزيادة الأخيرة في غاز الطبخ بواقع عشرين جنيها فوق كاهل السعر السابق، ودون سابق انذار او تعميم ، لامبرر لها البتة ، فهذه الخطوة لا تصب الا في جيوب الجشع الشرهة التي لا قاع لها، ولا معيار ولا ضابط اخلاقي و لا ديني يكبح وحشيتها ،فكيف صارت الانبوبة بسعر150 و 170جنيها حسب الوزننين المعروفين على التوالي . وبحسب الخبر الوارد في إحدي الصحف، بان الزيادة أتت في وقت الوفرة وتكدس السوق بالعرض ،وان الوكلاء تلقوا الزيادات الأخيرة بالهاتف وهو اجراء مخالف للطرق السائد المتمثلة في توزيع منشورات ممهورة بتوقيعات الجهات الرسمية تحدد نسبة الزيادة وتفسيراتها ،فهذا المسلك دليل واضح على الاستخفاف بالمواطن واستهتار به بالاضافة لكونها تهدر حقوقه الاساسية في معرفة الاسباب الدافعة وراء هذه الزيادات ،فضلا عن كونها تعبر عن مدى ارتياح الجهات ذات المصلحة في تجارة الغاز من استكانة المواطن وترحيبه الناعم بسلب جيبه مزيد من الأموال عبر وسائل هذه الزيادات الغير منطقية و المستفزة للمواطن المغلوب كمدا . والغريب في الامر ان هذه الهجمة السعرية المسعورة جاءت في الوقت الذي يشهد فيه سعر الصرف مقابل الدولار استقرارا نسبيا أمتدد زهاء الشهرين الماضيين و ما زال ،فهنا من غير المنطقي ربط هذه الزيادة بارتفاع الاسعار العالمية فضلا عن كونها اتت ايضا بعد الرفع الجزئي للعقوبات الإقتصادية عن البلاد الشئ الذي رفع سقف الطوحات بمراجعة الأسعار و توقع الشارع خفض اسعار السلع الاساسية كالغاز بالطبع ،خاصة بعدما بشر بعض المسئولين بوزارة المالية بمكانية مراجعة الاسعار وذلك لانتفاء التبريرات السائدة قبلا عن وقع الحصار الامريكي على البلاد ، وان رفع العقوبات الامريكة في اخر عهد اوباما خلع شماعة العقوبات التي اثقلت عاتق الاقتصاد السوداني على مدي السنوات العشرين الماضية،وانهالت اثارها على الإنسان السوداني الطيب. فلم تعد تلك الشماعة ليعلق عليها الفشل ،وكذلك النجاحات النذيرة هنا وهناك أيضا، حينما يخرج على الملأ بعض المسئول قائلين : "رغم العقوبات الامريكية الجائرة أستطعنا من إنجاز كذا و كذا ". فكل هذه المعطيات تنبأ بان زيادات مفاجئة تطبخ الآن استبقتى بهذه الحلقة الفائتة من الزيادة الاخيرة وهي كما يبدو انها مفاجئة استباقية مع اقتراب شهر رمضان الكريم وارتفاع الطلب على حزمة متنوعة من الاحتياجات الرمضانية ،فالسوداني بات على قناعة راسخة بان "كل شئ بزيد من حلول رمضان " فربما استفاد هؤلاء الجشعون من هذا التهيئو النفسي لدي المواطن لتسديد زيادة مفاجئة في سعر الغاز على ابوبا رمضان فالغاز بقي ألغاز محتاجة لفهم ! [email protected]