يحتفل العالم في الثالث و العشرين من مارس كل عام باليوم العالمي للأرصاد الجوية. و لهذا التاريخ دلالته حيث تتعامد فيه الشمس على خط الإستواء فيما يعرف بالإعتدال الربيعي. مهمة الأرصاد الجوية الأسمى هي التنبؤ بأحوال الطقس في الفترات القادمة التي تتفاوت ما بين عدة ساعات إلى عدة أيام أو مواسم و ربما سنوات. الإسم الذي توافقت عليه الدول العربية لهذا العلم هو الأرصاد الجوية. و أرصاد جمع رصدة و هي عملية تحديد و تسجيل خصائص الغلاف الجوي. و جمع رصد أرصاد فصارث مؤنث أرصاد جوية. و قد كانت بعض الدول تستخدم مصطلح الأنواء. و للأرصاد الجوية جذور في الثقافات المختلفة و منها الثقافة العربية. و كانت عمليات تتبع تقلبات الطقس عند العرب تندرج تحت مفهوم الفراسة. و تحديدا تحت مسمى القيافة: من إقتفاء الأثر. و ظلت الحواس الخمسة وسائل للرصد. فبالنظر تشاهد العواصف و البرق. و بالسمع يتم تحديد الرعد و أنواع السحب و غيرها. و باللمس تحس درجات الحرارة و سرعات الرياح. و بالشم تحس نسبة الرطوبة في الجو. يعزى تطور علم الأرصاد قديما إلى النشاط الزراعي و السفر. فكل النباتات تحتاج إلى حيز بيئي تتحكم فيه درجات الحرارة و المياه و الرياح. و نفس هذه العناصر تؤثر على صحة الإنسان مباشرة أو عبر ناقلات الأمراض. أما السفر البحري فقد كان له القدح المعلى في تأسيس علم الأرصاد الجوية. ففي المنطقة العربية برز العمانيون أيام الأدميرال البحري بن ماجد. و في أوروبا كانت المدرسة النرويجية سباقة في تأطير علم الأرصاد الجوية و المزج بينه و علم البحار. و مع بداية القرن العشرين ظهر الطيران مما أسهم كثيرا في تطو الأرصاد الجوية. تعتبر الثورة العلمية في أوروبا في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر مرحلة مفصلية في تطور علم الأرصاد الجوية. فقد تم إختراع الكثير من أجهزة الرصد كالثيرموميتر لقياس الحرارة و البارومتر لقياس الضغط الجوي و الأنيمومتر لقياس سرعة و إتجاه الرياح. فأصبحت معلومات الأرصاد الجوية في صورة رقمية بدلا عن الصورة الوصفية. تزامن مع هذه المخترعات إختراع مهم جدا: التلغراف. فأصبحت معلومة الأرصاد الجوية متوفرة في وقت حدوثها تقريبا. و لأهمية الإتصالات بالنسبة للأرصاد الجوية كانت المراصد الجوية بجوار مكاتب البريد. النقطة المهمة الأخرى التي حدثت خلال الثورة العلمية هي القوانين التي تحكم حركة الغلاف الجوي مثل قوانين الديناميكا و الديناميكا الحرارية. ففي ظل توفر بيانات الرصد الجوي المتعددة ووصولها في زمن وجيز تمكن العلماء من تطبيق المعادلات الرياضية للتنبؤ بالطقس القادم. في القرن العشرين حدث تطوران مهمان في مجال الأرصاد الجوية: الأول: الكمبيوتر بما له من تطبيقات في مجالات شتى من كالإتصالات و القدرات التحليلية و الحسابية. ولما كانت بيانات الأرصاد الجوية من كبيرة الحجم فإن أكبر الكمبيوترات في العالم تعمل في إستخدام الأرصاد الجوية. الحدث الآخر هو الأقمار الصناعية. فقد وفرت الصور المأخوذة من الفضاء معرفة رقعة كبيرة من الأرض بصورة واحدة. و لأن الأقمار الصناعية تلتقط صورها بإستخدام موجات متعددة فقد أصبحت هذه الصور متوفرة ليلا و نهارا. و بتفاصيل لم تتوفر في عصر ما قبل الأقمار الصناعية. فصور الأقمار الصناعية تستخدم الضوء المرئي و الأشعة الحرارية و موجات الميكروويف و الرادار لرصد خصائص لا يمكن رؤيتها في الماضي. نتيجة لثورة الكمبيوتر و الأقمار الصناعية تحسنت وسائل الإتصال. فتغيرت تبعا لذلك أساليب الرصد الجوي. فبدلا من مقياس الضغط الجوي المملؤ بالزئبق أو الثيرمومترات المسماة بالزئبق داخل الزجاج, تغيرت كل أجهزة الرصد إلى أجهزة رقمية ترسل بيانتاتها عن بعد حيث تتم معالجتها من حيث الجودة ثم التحليل و بعد ذلك تمر على نماذج حسابية قادرة على تقدير قيمة المتغيرات الجوية في الزمن القادم. بمعنى آخر تقوم أجهزة الكمبيوتر بالتنبؤ بقيمة درجات الحارة أو مقادير الأمطار حسب المدة المقصودة. [email protected]