ما نراه عبر إعلامنا خسارة قانونية لترامب في مواجهة الرأي العام الامريكي في مسألة حظر دخول رعايا (6) دول لامريكا ضمنها السودان هو في حقيقته إنتصار مضاف لسلسلة إنتصارات الديمقراطية في امريكا..هكذا يجب قراءة قرار حيثيات المحكمة الأمريكية في الشأن لخصه القاضي واتسون في حكمه بأن الأمر لم يخص الإسلام بالذكر ، فان من يتابع المسألة بمنطق وموضوعية سيستنتج ان الأمر التنفيذي صدر بغرض إزدراء ديانة بعينها ، وأضاف ان المرسوم الرئاسي ينطوي على خطر مرجَّح بالتسبب بضرر لا يمكن إصلاحه، وإستند واتسون في قراره بالخصوص على تصريحات عديدة بشأن المسلمين أدلى بها ترامب أثناء حملته الإنتخابية للإستنتاج ان بأن الأمر التنفيذي ينطوي على أدلة مهمة لا يمكن تفنيدها على وجود عداء ديني ، يذكر أنها المرة الثالثة التي يحبط فيها القضاء الفيدرالي محاولة الرئيس حظر دخول مواطني دول ذات غالبية مسلمة إلى الأراضي الامريكية. من قبل جمد قاضي أمريكي قرار وقعه ترامب 27 يناير في ولاية واشنطون، ويعد قرار المحكمة الامريكية إنتصاراً للديمقراطية وسيادتها..في سياقها الصحيح ..بينما المعيب قراءة الأمر بعيون إعلامنا، الكليلة، لم يجد ترامب إزاء هذا الحكم القضائي سوى الإعلام شماعة يعلق عليه تبريراته مصوباً نحوه سهامه متهمه بأنه أي الإعلام من دفعه للجوء الى التواصل مع الشعب عبر تويتر معتبراً ان ذلك يسمح له بالتوجه مباشرة إلى الامريكيين دون الإستعانة بالإعلام الامريكي مؤكداً ان مائة مليون شخص يتابعونه على تويتر،ولعل ترامب يرى في الإعلام مؤلبا الرأي العام عليه ومؤثرا على موقف المواطن الامريكي من القرارالذي يرى فيه إنتهاكا للدستور الامريكي وتمييزا ضد المسلمين ،ثمة ملاحظة يجب الوقوف عندها وهي ان ترامب كرئيس امريكي لم يلجأ الى القوة بغية إجهاض القرار أو مصادرة ولا حتى إيقاف الإعلام كما الحال عندنا، بل تعهد بالذهاب حتى المحكمة العليا وهو العليم بديمقراطية بلاده وفي ذاكرته دور الإعلام في ووتر قيت وفضيحة كلينتون ..وان امريكا تعتمد على الإعلام كلياً حتى حروبها يتقدمها الإعلام ،مستبقاً القوات الى الخطوط الًأمامية ليسدد ضربته الدقيقة ويحسم الحرب من جولتها الأولى، ولقراءة ذلك مقارنة معدومة بإعلامنا القانع بعيشه في كنف السلطة وهو بذلك محض ببغاء يردد سجعها بل محض صدى لا غير حتى على مستوى الرأي فلا يكاد يستبين المتابع خيطاً اسود من ابيض على مستوى الأقلام الصحفية نموزجا إجماعه مؤخراً على بكري رئيساً لمجلس الوزراء فيما يفوق إجماع أعضاء الحزب الحاكم أنفسهم، فلا زالت الزوايا الراتبة تطرق على رأيها الجمعي الى يومنا هذا !.. وبالطرق وحده تتنزل سياسات البلاد ..وتلك سقطة إعلامنا الكبرى وعلى نفسها جنت وقد ولجت المجال مستثمرة ومدبرة لا مستدبرة في عهد الإنحطاط وزمان أبواق الإعلام. ولا غرابة ان يكتفي مجلس الصحافة بجوائز التفوق الصحفي وقد درج عليها دوريا بمنحه بعض الصحافيين مالا يستحقونه من جوائز على مالايجتهدون فيما ينشرون من رجع وصدى لترداد الخطاب السلطوي، غير ان التفوق محصور في تناول ماتضخه مصادر السلطة، عدا صحيفة الجريدة الحرة التي تستحق التكريم في ما تنتهج من مهنية نشاذ عن السائد وحالها كما الغفاري تمشي وحدها وتعيش وحدها وتواجه المصادرات وحدها فلها التحية والتجلة وللزملاء من أقلامها المهنية وقفة إجلال منا. ولانري إنتقاصاً من مقام أساتذتنا الأجلاء بمجلس الصحافة وهم قامات إعلامية لا نملك المساس بخبراتها بيد انا لا ترتضي لهم (وش القباحة يشيلونه) عن السلطة، ولا غرابة إذاً ان يرى إعلامنا بعينه الكليلة خسارة ترامب بينما تغض الطرف عنكون القرار إنتصار للديمقراطية الامريكية وحريتها التي يجسدها تمثالها بقلب واشنطون. وحسبنا الله ونعم الوكيل [email protected]