الأخ الأستاذ أحمد موسى.. قولك أن الرئيس البشير يجب أن يقرأ التاريخ وأن السودان كان ولاية مصرية، هذا تجاهل لحقائق التاريخ وقراءة سطحية له، رجائى أن تقرأ التاريخ قراءة صحيحة ، لقد كنا نحن وأنتم تحت حكم الأتراك بعد أن حكم محمد على باشا مصر، وبعد فتحه للحجاز ثم السودان بإرسال ابنه اسماعيل باشا ليوسع امبراطوريته ويستفيد من وجود الذهب والجنود فى السودان، ولأننا اعتبرنا هذا غزوا لبلادنا فقد تم إحراق اسماعيل باشا وجنوده فى شندى بواسطة الملك نمر وأعوانه فى حركة مقاومة لجيش (السيد) التركى محمد على باشا (مؤسس مصر الحديثة) !!! والذى جمع حجج ووثائق أراضى المصريين المساكين بحجة تجديدها وأحرقها، ثم أعاد توزيع الأراضى على أقاربه من شرازم العسكر الألبان والأرناؤوط والذين تحولوا إلى باشوات بقدرة قادر، واستعمروا الشعب المصرى وسخروهم للعمل فى أراضيهم بالسخرة من أجل لقمة العيش. إلى أن جاء عبد الناصر وأعاد الأرض لأصحابها الشرعيين. وبعد حرق اسماعيل باشا وجنوده فى شندى، سير الأتراك الحاكمين حملة تسمى حملة الدفتردار الانتقامية التى أوسعت القتل والذبح فى شعبنا فى مذابح قل مثيلها فى التاريخ. واستمر الحكم التركى للسودان ومصر معا، وفى عام 1882م أصبحت مصر مستعمرة انجليزية بعد هزيمة أحمد عرابى فى موقعة التل الكبير والحكم عليه بالإعدام ثم النفى إلى جزيرة سيلان. وطمع الانجليز فى خيرات السودان فسيرت بريطانيا حملة هكس باشا لاحتلال السودان والتى أبيدت بالمقاومة السودانية عن آخرها، وقتل هكس باشا، مما جعل بريطانيا ترسل الجنرال غوردون الذى أدب الصينيين لإخضاع المقاومة السودانية الشرسة، وجاء غوردون بجيش جرار ومعه ضباط وعسكر مصريون (للأسف) واحتل السودان وأمعن القتل فى شعبه (بمساعدة إخواننا وجيراننا) ، مما دعا الثورة السودانية للانفجار بقيادة الزعيم السودانى التاريخى الإمام محمد أحمد المهدى، والذى جمع السودانيين حوله وأخذ يهاجم المديريات المحتلة بالإنجليز ومساعديهم (الضباط والعسكر المصريين والذين تم أخذهم جبرا) حتى حررها جميعها، وأسر من أسر وقتل من قتل، ثم حاصر الخرطوم من كل الجهات، وأرسل رسالة إلى الجنرال غوردون يأمره فيها بمغادرة السودان هو وضباطه الإنجليز، وأن يبقى اخواننا المصريين معنا إن أرادوا البقاء كمواطنين. ورفض غوردون الإنذار مما جعل الإمام المهدى يأمر بمهاجمة الخرطوم وتم دحر الجيش الانجليزى وعساكركم المساكين، وقتل غوردون على سلم القصر الجمهورى الحالى، وعاد السودان إلى أهله مستقلا عزيزا مكرما. وبعدها بسنوات سيرت بريطانيا حملة ضخمة بقيادة القائد البريطانى (كتشنر)، والذى أمعن القتل فى شعبنا حتى تم له احتلال السودان نظرا لتفوق الجيش الانجليزى فى السلاح. وكانت الموضة فى ذلك العصر أن تلحق المستعمرات (بتاج) الدول المستعمرة أى (بالملك) حتى لا تطالب شعوب تلك الدول بخيرات المستعمرات، وكانت الهند (درة التاج البريطانى)، والكونغو ملحقة بالتاج البلجيكى (الملك ليويولد)، وكانت الأحزاب البريطانية (متنمرة) لاستغلال خيرات السودان حيث جرت الدراسات وأثبتت نجاح زراعة القطن طويل التيلة فيه لمد مصانع المنسوجات ببريطانيا بالمواد الخام المطلوبة ولذا نصحت المخابرات البريطانية رئيس وزراء بريطانيا حينئذ (وليم غلادستون)، أن يلحق السودان بالتاج المصرى لأن لعبة إلحاقه بالتاج البريطانى أصبحت مكشوفة، (هذه هى القصة الحقيقية لعبارة السودان بتاعنا الذى يرددها الإعلام المصرى بسطحية وبعدم فهم حقيقى للتاريخ) حيث كنا (معا) تحت الاحتلال البريطانى، (وقد عفونا كشعب سودانى) عن عسكر الجيش المصرى الذين شاركوا فى قتل أبناء شعبنا (مجبرة وبالأمر العسكرى). والغريب (فى سابقة نادرة تماما) ، (أن يبرىء شعب قاتليه من تهمة القتل لأنه كان مجبورا)، ورغم ذلك يصر القاتل على موقفه بأنه قاتل وساعد المستعمر فى القتل، (وأن السودان طبقا لذلك الدور- وهو خدمة المستعمر - من حقه) !!!! وإذا سلمنا ، مع وضوح هذا التاريخ، (بأننا كنا دولة واحدة) بالرغم من أن السودان لم يكن ملكا لأحد، وحاولت الدول الاستعمارية احتلاله بالقوة وقد قاومها الشعب السودانى مقاومة شديدة ولم يستسلم وهزم جيش بريطانيا العظمى فى موقعتين، وقد اخترنا الانفصال عن مصر برغبتنا (بعد مفاوضات مع بريطانيا وليس مع مصر)، فيجب أن يكون هنالك احترام متبادل بيننا كدول مستقلة، نتفق معكم فى أشياء ونختلف عنكم فى أشياء أخرى، ولكل رأيه المستقل. وبدلا من التهجم على السودان والتهديد المبطن الذى نرفضه شعبا وحكومة، كان يجب أن تلجم أو تنصح أصحاب الألسنة الطويلة، والإساءات الرزيلة، والذين بدأوا بالإساءات القبيحة التى يعف اللسان القويم عن ذكرها، والسخرية بشعبنا وبآثارنا، أن يكفوا ألسنتهم عنا....ولك تحياتى القلبية. د. محمد عطا مدنى [email protected]