زحزحة النماذج المعرفية لدى البشر(Paradigm shift): البارادايم الذي قامت عليه الحداثة تأسس في معظم أطرافه على التسليم بانتظام الطبيعة والعقل وحتمية ارتباط العلل والنتائج في العقل وفي الواقع، وعلى هذا الأساس قامت الروايات الكبيرة الحداثية مثل رواية هيجل ورواية ماركس. هذا البارادايم يحتاج لتطوير وتحسين. منطق العلم الحديث أجاب على الكثير من الأسئلة ولكن لا زال الكثير من الأسئلة بلا إجابة. لذلك يبقى الإعتماد على العلوم وحدها في تفسير الوجود اعتماد ناقص ومحفوف المخاطر، مخاطر أن يفوت علينا علم جوهري اعمتنا عنه التجارب العلمية الظاهرية. "إن من يظن أن العلم الحديث يعطي تفسيرات كاملة لكل الظواهر الطبيعية لا يدري مفهوم العلم الحديث الذي نشأ بالضبط عندما وضع محل العلل الشاملة الدائمة عللاً مؤقتة جزئية". هنالك انقلابات جذرية في مسيرة العقل البشري تقع من حين لآخر وهو ما نسميه بتغير أنماط ومناهج ومسلمات العقل العلمي، أي تغير نماذج وأنماط التفكير بتغير المُسلّمات، هذا ما نسميه بانزياح النماذج الفكرية والمسلمات الوجودية (Paradigm shift)، البارادايم شيفت. في أعماق الوعي الوجودي يلتقي الوعي الكلي بوعي كل إنسان وعلى درجات متفاوتة، وهناك تتم صياغة الحركة الكلانية للوجود الإنساني. يقول د. صلاح قنصوة إن ماكس فيبر قد لاحظ في نهاية القرن التاسع عشر أن "الإعتقاد بقيمة الحقيقة العلمية لم يستمد من الطبيعة، ولكنه نتاج ثقافات محددة". فالثقافة الغربية القائمة على فلسفة الإغريق العلمية انتجت البحث العلمي في الطبيعيات، ولكن الثقافة الشرق أوسطية فهي مهد ظهور الأديان الكبرى الثلاث وكذلك آسيا فهي ذات ثقافة باطنية روحية ثم أفريقيا فهي مهد للروحانيات البسيطة. ولذلك تكون هذه المناطق مهيأة لمشروع علمي كوني جامع يجمع بين المادية والروحانية في آن واحد. [email protected].com