بسبب إنتشار الفساد، التناحر القبلي والتنافر بين السودانيين في الخارج، تمكن بعض الأجانب الذين يجيدون اللغة العربية، من إستغلال الأزمة الإنسانية التي توفر لضحايا الابادة فرصة اعادة التوطين في بلد ثالث، بتقمص الهوية السودانية وتقديم طلبات حماية إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابع للامم المتحدة في بلدان مختلفة حول العالم، ولذلك يتعين على الدول التي تستقبل اللاجئين التدقيق في إجراءات فحص الطلبات للتأكد من هوية السودانيين. يبرز تفكك الحركات المسلحة، طغيان الولاء القبلي لقادتها على الوطنية والمصلحة العامة التي ينبغي ان تتصدر أجندة الحزب الحاكم المنهمك في إشعال الفتنة، وتحريض المواطنين على القتال فيما بينهم. ولم تتمكن المعارضة من اسقاط النظام، بسبب رفض الوحدة ماتمخص عنه تداعيات تفوق خطورتها أسباب التمرد والثورة التي تبرر للنظام قتل المدنيين بذريعة بسط هيبة الدولة. ولم يتمكن السودانيين الذين يقيمون في الغرب بفضل الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور، النوبة والنيل الازرق التي وصلت بهم إلى هناك من إستغلال الفرصة للمساهمة في تخفيف معاناة ضحاياهم، الفارين من جحيم الحرب والابادة، القابعين بالخيمات منذ عام 2003ف بسبب التقوقع القبلي والجهوي. المجتمع السوداني بطبيعته منقسم على نفسه إلى أساس قبلي وعشائري وجهوي، ولذلك نجحت سياسة فرق تسد التي استخدمها المستعمر في حكم وإدارة شؤون البلاد نتيجة لضعف الجبهة الداخلية، وعدم وعيها بمصالحها. وهكذا ظل السودانيين على اقتفاء أثر المستعمر حتي بعد خروجه وتسلمهم السلطة دون ان يستشعروا خطورة ذلك واسهامه في تدمير مستقبل بلادهم الذي أصبح على المحك. وفشلت الحركات المسلحة التي تتهم حزب المؤتمر الوطني بالاقصاء والتهميش حتى الآن في التغيير لذات الأسباب التي دفعتها للتمرد على الأخير الذي يعتمد في بقاءه واستمراره في السلطة على تدمير النسيح الإجتماعي وتفكيك الوحدة الوطنية. مصلحة السودانيين تكمن في ضرورة تجاوزهم هاجس القبيلة والتهميش بكل أشكاله الثقافية والاجتماعية والسياسية وعلى النظام انتهاج سياسة أكثر صرامة للتعاطي مع قضايا التمييز العنصري من خلال تفعيل القانون وإدراج مادة التربية الوطنية ضمن المناهج الدراسية في كل المراحل التعليمية. ولكن ولاء السودانيين المطلق للقبيلة أصبح خصما على الوحدة الوطنية، ويحول دون إنهاء الصراع الدموي المستمر منذ عقود وينذر بمستقبل مبهم للأجيال القادمة في ظل التناحر الطائفي والتطرف الديني المتصاعد. ومن سذاجة قادة الحركات المسلحة أنهم تركوا الأمر كليا للمجتمع الدولي، ولاسيما الولاياتالمتحدة الأميركية التي تتهم النظام بدعم (الإرهاب) فانتهزت الفرصة بالضغط على الأخير الذي بدوره يشترط على اميركا تجاهل، الأزمة الإنسانية بوقف التصعيد في مجلس الأمن الدولي، مقابل التعاون معه في مكافحة الإرهاب. ويواجه النازحين واللاجئين بالمخيمات مصيرهم المبهم في ظل استحالة العودة الطوعية، واستمرار اعتداءات مليشيات الجمجويت، والاستيطان فيما الأزمة تراوح مكانها، ولاحل يلوح في الأفق، في المستقبل القريب. [email protected]