صحيح ،نحن ننادي بضرورة تحسين العلاقات بل تقويتها، بين" الخرطوموالقاهرة " بما ينفع الشعبين ، ويحقق المصالح المشتركة ، كون "التوترات " لا تصب في مصلحة الشعبين .. ولكن الأصح أن "حلايب سودانية " ، وهي حقيقة تشكل معضلة "كبرى" ، تعترض أي عمل دبلوماسي لامتصاص حالة الاحتقان الحالية ، مالم تعالج . وسودانية حلايب ليس قابلة للجدل في الوجدان الشعبي،فضلا عن اعتراف أممي، صدر قبل 72 ساعة ، يعزز عدم إغلاق هذا الملف مالم تعود حلايب المحتلة الى حضن الوطن. نعم قلنا ولازلنا عند مواقفنا، ان خير للبلدين معالجة بوادر التوتر ، من خلال تصحيح الاوضاع واعادة الحق المسلوب لأصحابه مرفقا باعتذار .. ودون ذلك لن تبلغ أصواتنا مسامع عموم الشعب السوداني ، الذي يرى في حلايب" معركة كرامة" لن يتوانى عن خوضها حين تسد أبواب الدبلوماسية في اعادة الامور الى طبيعتها قبل الاحتلال المصري لمثلث حلايب . ومما يزيد الطين بلة إصرار كثير من الاعلاميين المصريين على مواصلة النيل من الشخصية السودانية ، مما يوغل النفوس ، ويحفزها على ضرورة رد الصاع صاعين .. مشكلة الاعلام المصري ، ورغم أحاديث أزلية العلاقات لم يتعرف بعد على خصائص الشخصية السودانية التي تثور فوق كل التصورات حينما تمس "الكرامة" . ظل السودان يمارس سياسة "ضبط النفس " وهو يعول على أن القضية ستعالج وهي بحاجة لوقت ، كون السودان متيقن ان حلايب عائدة لامحالة من خلال التفاوض المباشر أو التحكيم الدولي ، فيما ترفض مصر التفاوض وايضا التحكيم لانها لا تملك "حجة" "ولا دليلا" على مصرية حلايب .. واذا ظلت مصر تمارس سياسة الرفض ، ربما سهلت فتح خيارات اخرى لن تصب في مصلحتها بحال، في ظل المتغيرات والتحالفات الجديدة في المنطقة . ان ارادات مصر فعلا علاقة مثمرة عليها بالخروج من مثلث حلايب ، ومن ثم لها الحق في تطبيق او تعديل او حتى الغاء اتفاقية الحريات الاربع التي جعلت المصريين يمارسون التجارة ليس في أسواق السودان بلد داخل مكاتب الدولة ومنازل المواطنين ، حتى في القرى البعيدة عن الخرطوم ، فيما لم تطبق هذه الاتفاقيات في مصر ، بل فرضت مصر رسوما جديدة على السودانيين المقيمين فيها ، ورغم مخاطبات ومطالبات الخارجية والسفارة السودانية في الخارج بمعالجة الامر وإعفاء السودانيين عملا بأحكام الاتفاقية ، لم ترد مصر حتى اللحظة الراهنة وفقا لسفارة السودان في القاهرة . نعم لانزال عند موقفنا نريد لهذه العلاقات ان تتسم بالندية والعمل على تحقيق مصالح البلدين ، وهو أمر يحتم على مصر اعادة الوعي لإعلامها ، والتخلي عن التسربل بلبوس التعالي ، التي تقدم انسان جنوب الوادي على أنه "البواب عثمان".. ولها ان تدرك ان عهد "الطيبة " التي تعد في الوقت "الراهن" سذاجة" انتهى بلا رجعة ،فالسودان الحالي غير مستعد للتضحية بمدينة اخرى كما ضحى من قبل بوادي حلفا من أجل عيون مصر وسدها العالي ، الذي لم ننتفع منه ، كما ننتظر أن ننتفع بسد النهضة الاثيوبي .. وهي حقائق يجب أن يدركها الاخوة في مصر قبل أن يفلت الامر ، وتصعب العودة الى المربعات الاولى . مصطفى محكر ." الصحافة" [email protected]