بسم الله الرحمن الرحيم في كتابه المعنون – دراسات في تاريخ الشرق الأدنى القديم، ذكر الدكتور – محمد بيومي مهران ما جاء بالقول { ولقد كان الملك المصري – طهارقا – 960/664 ق.م هو الذي ينظم المقاومة ضد الأشوريين في غرب آسيا – ص/98}. أستهل مقالي هذا بذكر الملك والقائد النوبي المصري العظيم طهراقا أو تهارقا الذي هب من السودان جنوباً { كوسي، تانهسو} لنجدة المصريين في الشمال عندما دحر عنهم الغزاة الاشوريين الذين بقسوتهم جثموا في ديار مصر. وبهزيمته لهم كما فعل اسلافه من قبل – الملك كاشتا جدده وأبيه الملك بعانخي، وهو الذي امتدحه أمير أهناسه قائلاً فيه { وعمني الظلام الذي بدده الآن النور الساطع، ولم أجد صديقاً في يوم العسر ليقف معي بصلابة في يوم المعركة، ولكن أنت أيها الملك العظيم، أنت طردت عني الظلام/ تاريخ الحضارات السودانية القديمة للمعلمين – ص/113}. وبتلك المعارك والمواقف النبيلة خط التاريخ لنا في صفحاته فيم التعاضد والمصير المشترك لشعبي نهر النيل. الجدير بالذكر ان صواب اسم الملك طهارقا هو لفظاً وكتابة { تا، اررا، كا/ بمعنى، ملك/ كا – اررا/ كيال – تا / النعم – أي، ملك كيال النعم} وهو باللغة التي كانت مشتركة وسائدة بين النوبيين السودانيين والفراعنة المصريين في زمانهم برغم تحفظ المخالفين في وقتنا من هنا وهناك. وكان قد هاتفني في هذا الصدد من أوربا ومن وطني السودان نفر كريم وهم يتحسرون ازاء المبادأة والمهاترات التي بها يتجني بعض الاشقاء المصريين على السودان والسودانيين باستخفافهم بحضارة السودان خصوصاً الاهرامات وغيرها من آثار النوبا الشاخصة في ارض البلاد الى الجنوب من مصر، وبمسلكهم هذا انما يبتدرون بتعريض العلاقات الازلية بين السودان ومصر للتردي في هوة الخلافات بأسباب لا ترقى لالتفات العاقلين اليها، علماً بأن مثل هذه المهاترات التي بها يتجني اولئك المصريين على السودان والسودانيين انما تحرك في نفوس الشعب كامن غبن الضغائن الماضية، ويبدو ان تلك المبادأة قد قام بها مصريي المهجر ومنهم انتقل العدوى الى داخل الوطن الذي يوصف باجلال { أرض الكنانة } من ثم يتمثل الخطر في نشر هذا الغسيل الاحمق عبر اجهزة التواصل الاجتماعي في فضاءات {النت} بابعاد تأثيرها على واسع النطاق في فكر وسلوك الجماعات والفئات الشعبية والتي يحلو لها تسويق الكلام على علاته في البلدين فضلاً عن العالم الذي سنظل نحن جزء منه. ان الاستخفاف بالشعوب ومآثرها لا يثمر غير القطيعة التي تفضي الى الاحتراب بين الجماعات والدول وقديماً قيل { أن الحرب أوله كلام} بينما نعيش اليوم في زمن تتكاتف فيه الدول والشعوب وتكثف فيما بينها انماط التواصل الاجتماعي والمعرفي والعلمي لمرامي تطور شعوبها واسعاد انسانها فضلاً عن التعاضد بينهم بأشكال الوحدة للدفاع عن ترابها ومكتسباتها الحضارية، خصوصاً في زماننا الذي فيه يقاس تقدم الانسان ورقيه بمدى الازدهار الذي بلغه والسلام والطمأنينة اللذان يحفان بحياة الشعب. من ثم احسب ان اولئك النفر المصريين الكتاب هم فئة تجهل كلياً ابعاد وأهمية العلاقات بين شعبي وادي، ولعلهم بتهجمهم على السودان أنما يهدفون للنيل من رئيسهم { السيسي } مما يتحينون أي سانحة للإنقضاض عليه والنيل منه ومن نظام حكمه ولسان حالهم يلهج بالمثل { اليك اعني فاسمعي يا جاره }. ان في اعتقادي ان الرئيس السيسيي هو زعيم وقائد وطني يخلف العظيم جمال عبد الناصر – مما ينبغي ان نكن له الود والوفاء من حيث مساعيه الصادقة المخلصة مثل طهراقا واسلافه لجعل بلده مصر رمزاً للتطور والحضارة الشئ الذي لا يرضى الممسوسين الساعين لتقويض جهوده وحسناً يفعل السودانيين بسكوتهم عن الرد على تلك المهاترات والتي لا تخلف لنا في وادي النيل سوى الضياع في عالم تتسابق فيه عقول العلماء من شعوبه للتصدي لقضاياه بالعلم الواثق والعمل المبدع الخلاق. ان بوسع السودانيين الاستشهاد بالعديد من المصادر والوثائق التي تنوه الى اسبقية حضارة النوبا على مصر وفي طليعتها نهري النيل الخالد الذي ظل منذ الازل يحمل الطمي من الجنوب الى الشمال وبسببه نشأ اسم مصر {مسري/أي، الفيضان، وكذلك – تامري/ أي، جم الخيرات، فضلاً عن كيمي/ أي، الطمي}. لقد استعادت ذاكرتي قصيدة لشاعر جاء فيها { ليس الفتى من يقول كان ابي – أنما الفتى من يقول ها أنا ذا } فكم من أجيال العلماء مصريين وسودانيين من بعد الأفذاذ بناة الاهرامات قد اضاف لأمجادهم صرحاً يقاس بهم عليهم، والا فما علينا غير ان نتشدق بالماضي كعادتنا افلا يحق لنا شحذ هممنا لنغترف من المعارف والعلوم المتاحة لتعيننا في زماننا ووقتنا لنبني صروحاً تتجاوز الاهرامات شموخاً، أم نظل في عتمة ليلنا نجتر الماضي لعجزنا عن استحواذ العلوم والتكنولوجيا. دعونا اذن نشدو لامتاع نفوسنا بقصيدة { عازف القيثار } إن كان في الوسع فهم مدلولات كلماتها. وشكراً للسيد وزير اعلامنا السوداني – الدكتور/ أحمد بلال عثمان – على كياسه تصريحه في صحيفة الصيحة العدد – 917 – بتاريخ 21/ مارس 2017م مؤكداً ان التهجم والمهاترات ليستتا شيم سلوك شعبه السوداني كما حكوماته. زكريا سيف الدين شمين السودان – نيالا