٭ لم يزل الجراد الصحراوي من الأغنيات الهابطة ينتشر على بساتين أغنيتنا الجميلة فيحيلها إلى بقايا من أغصان صفراء، لم تزل أغنياتنا الجميلة المؤسسة على فضيلة الخير والحب والجمال، تنام في زوايا الأمكنة لا أحد يشعر بها، أما الأغنيات عارية الصدر، قبيحة المعاني مثل أغنية (أنا لو عجبتك..عندي زول بقطع رقبتك)، فقد سمح لها أن تتمشى على شوارعنا فتجد من التقدير ما يجعلها السيدة الأولى على الساحة الغنائية بمختلف أشكالها ومواقعها، فإلى متى يستمر هذا الجراد الصحراوي في إلتهامه لأغانينا الجميلة ،إلى متى؟. ٭ كانت تتفاخر دائما أمامنا قائلة إنها حين تنظر في المرآة تشعر أن المرآة تصفق طرباً لعيونها الناعسة، ثم تضيف قائلة إن لها من الحسن ما يجعل من الرجال ينحنون أمامها كأنها الملكة وهم حراسها، أذكر أنني التقيت بها بعد سنوات في حفل عرس فلم أجد أمامي إلا وردة تمرد عليها العبير، لم أجد إلا عودا ذابلا يبحث عن غيمة لا يجدها، فبكيتها في صمت. ٭ تقدم الشاعر أبو آمنة حامد باستقالته عن العمل بإحدى الصحف الخليجية بعد شهر واحد من التحاقه بها، وقال إن أسباب استقالته تعود إلى حنينه المستمر إلى مسقط رأسه في مدينة (جبيت) ، وأضاف قائلا : إن الأسماك في البرك الآسنة في مدينة جبيت تتراقص فرحا داخلها، أما نفس هذه الأسماك فإنها تموت اختناقا، إذا وضعت في أحواض من الكلونيا في بلد غريب. ٭ حسين بازرعة قيصر الأغنية السودانية ينام الآن داخل غرفة صغيرة في منزله وحيداً يتنقل بين أمواج الذكريات هناك على ضفة البحر الأحمر، ويصغي إلى صوت الأمواج وهي تغني له (أنا والنجم والمساء)، تهدلت أجنحة هذا الطائر الشرقي، لم يعد لها القدرة على التحليق كما كانت تفعل في أيامٍ مضت، صار هذا العملاق بكل شموخه أسيراً لإقامة جبرية من الحزن، ولا عزاء لصاحب (الوكر المهجور). ٭ لم يزل فنان (قائد الأسطول) الراحل محمد أحمد سرور قابعاً هناك بين أحضان التراب الأثيوبي، في قرية منسية اسمها (المتمة)، مدفوناً بين مجموعة من شجيرات ذابلة الألوان، أقولها ثم أقولها: نحن مطالبون بنقل رفاة هذا العملاق إلى وطنه لينام نومته الأخيرة مجاوراً لقبرين من أحبابه، العبادي وسيد عبد العزيز، ولا أعتقد أن وزير الثقافة سيسمح بأن تسدل ستائر سوداء من النسيان على فنان كان قائداً لأسطول الأغنية السودانية على مدى سنوات. ٭ هدية البستان أشهد ليك حلاتك بتنقط عسل بتعز الحبايب وبتلم الأهل اخر لحظة