* حسين بازرعة قيصر الأغنية السودانية ينام الآن داخل غرفة صغيرة في منزله وحيداً يتنقل بين أمواج الذكريات هناك على ضفة البحر الأحمر، ويصغي الى صوت الأمواج وهي تغني له (أنا والنجم والمساء)، تهدلت أجنحة هذا الطائر الشرقي، لم يعد لها القدرة على التحليق كما كانت تفعل في أيامٍ مضت، صار هذا العملاق بكل شموخه أسيراً لإقامة جبرية من الحزن، ولا عزاء لصاحب (الوكر المهجور). * وجهت الفنانة الراحلة أم كلثوم أن يُخصص مقعد أمامي في كل حفلاتها للشاعر أحمد رامي، وقالت إنها حين تراه جالساً أمامها، تشعر وكأنها تحلق وهي تغني على المسرح، ويقال إنها أثناء تغنيها بأغنية (للصبر حدود) إرتعش صوتها، فسألها رامي: لِم كل هذا الإرتعاش؟ فردت عليه: (مش عارفة ليه)، كان رامي يعلم أنها كانت تودعه بالأغنية بعد أن علمت أنه سيغادر إلى فرنسا. * لم يزل فنان (قائد الاسطول) الراحل محمد أحمد سرور قابعاً هناك بين أحضان التراب الأثيوبي، في قرية منسية اسمها (المتمة)، مدفوناً بين مجموعة من شجيرات ذابلة الألوان، أقولها ثم أقولها: نحن مطالبون بنقل رفاة هذا العملاق إلى وطنه لينام نومته الأخيرة مجاوراً لقبرين من أحبابه، العبادي وسيد عبد العزيز، ولا أعتقد أن وزير الثقافة والإعلام والسياحة بولاية الخرطوم سيسمح بأن تسدل ستائر سوداء من النسيان على فنان كان قائداً لاسطول الأغنية السودانية على مدى سنوات. * حين أعلن التلفزيون السوري عن وفاة الشاعر نزار قباني تم تنكيس الأعلام في كل المؤسسات الحكومية في سوريا، تحولت حدائق الأعناب في دمشق إلى مجرد دمعة كبيرة على العيون، أما عذارى الشام فقد تعطرن بالحزن حداداً على رحيل بستان من البرتقال، ويموت مصطفى سند شاعر (البحر القديم)، فلا يجد أحداً يمشي في جنازته غير الصمت والظلال، ترى هل سيأتي زمان يجد فيه الشعراء في بلادي الحق في تكريم يليق بمقامهم، هي مجرد أمنية ولو كانت مستحيلة، فليُكتب لنا أجرها. * تعرض مواطن سوداني يعمل في إحدى الدول الخليجية إلى إنتكاسة صحية ألزمته المستشفي، تفاجأ هذا الرجل بأن الوصفة الطبية المقررة له من الطبيب أنه لا يملك ربع ثمنها، فنظر حواليه فرأى أحد العاملين بالمستشفى فطلب منه أن يأخذ وصفته الطبية إلى أول سوداني يصادفه في الطريق، بعد لحظات عاد الممرض وهو يحمل الأدوية بين يديه، وهو يخاطب نفسه: ما أعظم الشعب السوداني!!.