إن كنا صحينا فجأة مؤخراً على حقيقة غائبة عنا أو لنقل موجودة دون أن ندري أو نهتم بها وهي أننا (أصل الحضارة)، فإن حقيقة أخرى بيننا منذ سنوات و ربما قبل الاستقلال لا تزال تلازمنا إلى الآن وهي (الفساد) الذي يضرب حياتنا صباح مساء وكأننا شعب بلا حكومة، أو حكومة بلا شعب فهو من الاتجاهين، ولا غرابة في أن منظمة الشفافية الدولية في تقريرها السنوي في يناير الماضي كشفت أن السودان من بين أكثر 10 دول فساداً في العالم، ولكن السؤال:لماذا تسكت الحكومة وجهاتها العدلية ومنظمات المجتمع المدني والصحافة على هذا الفساد إن كان مستشرياًً بين الشعب؟ ولماذا لا ينتفض الشعب الجائع وينزل للشارع ويقتلع الحكومة الفاسدة من جذورها إن كان حكومياً؟؟ الإجابة باختصار أن (الكل) مستفيد من هذا الفساد ومشارك فيه شعباً وحكومة ومنظمات مجتمع مدني وصحافة وغيرها إلا من رحم ربي. فبكل بساطة يمكنك استخراج شهادة دكتوراه معتمدة وموثقة وتفتح عيادة في مدينة نائية إن لم تنجح في امتحان الطب، ويمكنك أن تستخرج شهادة محاماة بمعادلة وتفتح مكتباً إن رسبت في امتحان الجامعة ، ويمكنك أن تستخرج شهادة جامعية من أي كلية وبمزاجك حتى وإن رسبت في المتوسطة وانقطعت عن الدراسة، ويمكنك أن تزيد 3 أمتار أمام منزلك وتبني عليها ولا يسألك أحد، ويمكنك استخراج جنسية ورقم وطني لأجنبي يهمه أمرك أو لاعب حتى قبل أن تطأ قدمه السودان، ويمكنك أن تستخرج أوراق ملكية لقطعة أرض غاب عنها صاحبها سنين، ويمكنك أن تعيش بمعدل صرف شهري يفوق الألفي جنيه فيما راتبك أقل من 800 جنيه.. ويمكنك أن تبني عمارة وأنت موظف صغير في وزارة ربحية، ويمكنك أن تصبح مليونيراً وأنت مجرد سكرتير وزير في وزارة حساسة لا يدخل أي طلب بدون محطتك..ويمكنك أن تهرب من سداد الضرائب والزكاة لوجود قريب لك في الديوانين، ويمكنك أن تحصل على تصديق كوتة لو كان الوزير الفلاني من بلدياتك .. ويمكنك أن تتوظف بدون معاينة، وتحصل على رخصة قيادة وأنت نائم في سريرك حتى إن لم تتعلم السواقة، ويمكن أن تحصل على دولارات للعلاج من بنك السودان وأنت نصيح لاتشكو مرضاً ويمكنك أن تنال رتبة ضابط وانت لم تمارس العسكرية ولم تمسك بندقية على شاكلة مساعد الرئيس إبن الصادق المهدي..ووووو... هل نحن شعب ساكت لأنه شبعان فساد ومستفيد مع الحكومة، أم نحن شعب جعان لكن جبان؟؟ [email protected]