جاء في الاخبار: مقترح سعودي قطري بضم السودان لدول مجلس التعاون الخليجي. تتم تجهيزات وترتيبات حالياً لانضمام السودان لدول مجلس التعاون الخليجي. اذ ان اقتراح ضم السودان للمجلس تم بمباركة قطر والسعوديه ، وتمت الموافقة عليه من أغلب دول المجلس. ومن المتوقع أن يعلن رسمياً عن ضم السودان في غضون الأيام المقبلة .. ولماذا الان؟ الأن السودان قد ظهرت فيه للعيان إمكانياته الضخمة في المياه والأرض الخصبة، ونجاح زراعة القمع والفواكه كمثال شركة الراجحي؟ بينما الماء يتناقص في دول الخليج.. وإنتاج القمح هذا، يتم تصديره للخارج بينما القمح في السودان في أعلى أسعاره!! ويستمر الخبر.. وسبق لدول خارج منظومة دول الخليج التقدم بطلبات الانضمام وهي المغرب والأردن.. ورفض طلبها.. لماذا، وهي الأقرب نسبا وجوارا.. الإجابة واضحة.. فان دول الخليج لن تستفيد من هذه الدول، لأن إمكاناتها أقل من إمكانات دول الخليج، فليس لها من الماء الوفير، ما تحتاجه دول الخليج، التي ينضب فيها الماء وتحتاج لزراعة الغذاء الذي ارهق استيراده ميزانيتها، والزراعة في صحراء كصحراء الجزيرة العربية يحتاج إلى ماء لايتوفر لها منه لها منه الا أقل القليل.. ثم جاءت تجربة الراجحي الذي منحته حكومة السودان آلاف الأفدنة.. فزرع فيها القمح، حلم العالم الجائع.. وزرع الفاكهة بما فيها العنب، فأتت الثمار دانية القطوف.. ولكن.. لما كانت شروط الاستثمار ليست في مصلحة السودان، فقد قامت الشركة بتصدير هذا الإنتاج الغذاءي المثالي، لتجني منه الشركة الأرباح الطائلة ، بينما لم تدخل ثمرة واحدة أو حبة قمح واحدة إلى طواحين الغلال في السودان، وظل سعر الخبز في ارتفاع غريب، لا يعقله عاقل، بسبب شروط الاستثمار الجائرة.. وحتى الآن، نحن لانعرف أسرار الاتفاق بين مثل هذه الشركات المستثمرة، وبين حكومة السودان، ولكننا نرى الغلاء في سعر القمح والفاكهة يتصاعد يوميا.. بينما يبشرنا حكامنا وهم يلوحون بعصيهم في زهوا، برخاء لا يأتي وخير مسيؤوس منه.. وفي هذا المناخ، فكر حكام دول مجلس التعاون الخليجي في ضم السودان في اتحادهم.. وهم يعلمون تمام العلم ماذا سوف يجنون؟.. وقد تخلوا عن اليمن والأردن.. وشدوا الرحال نحو السودان.. فالسودان أرض الخير الوفير، أرض النيلين العظيمين.. أرض التربة الخصبة والمياه الجوفية.. وأرض الحكومات التي تنحني لأي مستثمر، وترضى بشروطه، فقد فرطوا في الخبراء من السودانيين الذين يضمنون حقوق البلد اولا، ولا يفرطون في شبر من الارض، بعد أن لفظتهم حكومة (الانقاذ)، لعدم الولاء لمشروعها الاقتصادي الاسلاموي الفاشل، بشهادة رجاله.. السودان يجب أن يعمره أبناءه ثم يصدرون الإنتاج الزاعي لدول الخليج والعالم بأسره.. وسيكون رخيصا وسنكون كرماء مع جيراننا..أليس هو سلة غذاء العالم؟ إن تقاعس حكومة السودان الطفيلية عن تشجيع الإنتاج والاكتفاء بأموال البترول والمعادن والتي لم توظف اصلا في تعمير أرضنا الاكسير، لم يدر علينا غير الخراب الاقتصادي الواضح للعيان.. والانتاج أسهل ما يكون، اذا ما وجد القرار السياسيي الاخلاقي الصحيح واعطيت الفرصة لخبراء السودان الذين احدثوا التعمير في دول الخليج وغيرها، حينما استبعدتهم حكومة (الانقاذ) ظلما وجورا.. اما الاكتفاء بايجار أراضي السودان الذي يشبه البيع، للراءح والغادي، فهو يشكل جريمة وتفريطا في أرض الوطن.. المفترض، نحن السودانيون الا نسمح بأن يتمتع الخليجيون أو غيرهم بزراعة أرضنا والاستقرار في بلادنا، وهو الذي سيحدث، إذا تم تمرير قرار كهذا، .. ولن يستفيد السودانيين من صحراء دول الخليج الجافة ورمالها الساخنة شيئا .. إن تجربة نجاح زراعة الصحراء في السودان بمياهها الجوفيه الغزيرة، يجب ان تنبهنا أن الأوان قد آن لزراعة أرضنا وإبعاد شبح الجوع والفقر الذي خيم على رقابنا طيلة هذه السنين العجاف.. لقد ظلت دول الخليج تعاملنا كوافدين وبشر من الدرجة الثانية، يواصلون الليل بالنهار في عمل مجهد، وبإجور قليلة تصل حد الكفاف.. ثم تأتي الان لتضيف بلدنا إلى مجلسها!! عفوا.. ايها الاخوة.. حكومات ومواطني دول الخليج.. هذا هو الطمع.. والاستغلال.. ولا تغرنكم موافقة حكومتنا الطفيلية الفاشلة، فإن شعب السودان قادر على رعاية ترابه وزراعة أرضه بل واكرام جيرانه، وأن طال الزمن.. ولن يستسلم لحاكم جائر.. يبيع ارضه لقاء رضاكم أو لقاء بضع ريالات او دريهمات يشيد بها الفلل والمنتجعات لحياة فانية. هناك من يقول ان هذا التكتل مفيد للسودان ودول الخلبج لانه سيكون مصدر قوة للجانبين لأنه سيتم التلاقي بين امكاناتنا وإمكانات دول الخليج!! .. وهنا اتساءل، ماهي الإمكان التي تملكها دول مجلس التعاون.. البترول؟ البترول عندنا.. المعادن؟.. المعادن عندنا.. وتحتاج فقط إلى ضبط وإدارة واعية وعادلة.. أما الإمكانات الاخرى التي عندنا وليست عندهم فهي الماء.. وأي ماء.. والأرض.. وأي أرض.. اذا تم هذا التكامل، فسوف يمتلئ السودان بمواطني دول مجلس التعاون أصحاب الأموال الطائلة.. وحتى لو رجع المغتربون باموالهم، وهم المعطلون، من حكومتهم حتى هذه اللحظة، سيجدون أن العرب قد تربعوا على أرض السودان ولم يتركوا لهم شبرا منها.. بعد أن يستعينوا بسماسرة المؤتمر الوطني الشرهين.. وسوف يزرع العرب الارض، وبعمالة اجنبية، كما فعل الراجحي، فلا يستفيد السودانيين حتى من العمل اليدوي.. وحكومتنا لم تشترط على الراجحي وغيره شرط أن تكون العمالة سودانية، ويتم تدريبها.. ولن يملك المغتربون، حتى ما يمتلكون به أقل المنازل مستوى في دول الخليج.. بينما رأينا كيف امتلك السعوديون تلك القطع جنوب سوبا وطفقوا يبيعونها قطعة قطعة.. استثمار في العقار، لم يزد البلاد إلا غلاء في اسعار الأراضي حتى صارت أغلى من لندن وواشنطن.. انظروا الى ابناء الجزيرة الخضراء يبيعون المناديل في شوارع الخرطوم، بعد أن تم تشريدهم، ببيع أرض الجزيرة التي كانت تطعم السودان، جنوبه وشماله من القمح وعائد القطن!! وانظروا الي أهلهم المزارعون يدخلون السجون، بسبب الاعسار، نتيجة سياسات بنوك المحاصيل!! ولعلم الجميع، فإن السودان هو البلد الوحيد الذي يدخل مزارعي السجن بسبب العيار الذين بفرق سعر بيع البنك للمحصول وسعر تكلفة الزراعة!! (جاء في اخبار الصحف، اليوم، إن بعض اعضاء البرلمان طالب، بسخرية، أن توسع الحكومة سجونها لاستقبال المزارعين، هذا العام)!! أن كانت هناك ضرروة لتكتل إقليمي، كما يقولون، فيجب أن يتم بعد ترتيب أوضاعنا وتنمية الحد الادني لبلادنا ووصول الحقوق إلى أهلها.. ثم ننظر إلى أي مدى يمكننا ان نتكامل مع غيرنا.. شريطة أن يكون بين شعبين متكافئين.. واحيل القاريء الى كتاب (التكامل) بين مصر والسودان الذي أصدره الجمهوريون، حينما أعلن الرئيس الاسبق نميري التكامل بين مصر والسودان.. كان رأي الاستاذ محمود محمد طه والجمهوريون أن التكامل يجب ألا يتم إلا بعد أن يتم تأهيل السودان ليكون في مستوى مصر الفني والاقتصادي والاجتماعي.. اذا تم هذا التكامل فسيأتي هؤلاء الإعراب ليستثمروا في السودان وسط مناخ السماسرة والفساد الإداري والمالي ويزيدون الطين بلة.. (راجع تقارير المراجع العام لهذا العام).. وسيذهب المحصول إلى جيوب تجار الدين من حكامنا وسماسرتهم وشركائهم العرب.. ونحن نعرف اين يذهب عائد النشاط الاقتصادي.. فلم نره منعكسا في تحسين حياة السودانيين.. خصوصا في التعليم والصحة.. يجب أن يتم تشجيع المزارع السوداني ودعمه وتشجيع المغتربين وتطمينهم ثم الرأسمالية الوطنية التي هربت إلى إثيوبيا وإلى مصر وتركيا وغيرها.. ثم بعد ذلك يمكننا ان نفكر في الانضمام إلى تكتل خليجي أو افريقي.. ولا نحتاج أن نقول أن هذا التغيير لن يتم في مثل حكومة كهذه، فإن المفسد غير مؤهل للإصلاح.. وقد شهدنا تجارب كثيرة من الفشل في الإصلاح، مما صار سمة مميزة لهذه الحكومة. خلف الله عبود.. أستاذ التربية الفنية البيئية [email protected]