الحديث هنا ليس عن مجمل المصريين فمنهم كثيرون أصلاء وأشقاء يحبون أهل السودان ويقدرون دورهم في مساندة مصر في كل أزماتها وظروفها الصعبة والسودانيون يبادلونهم حبا بحب ، لكن للأسف فإن هناك بعض الشرائح والقطاعات المتنفذة في الأجهزة المخابراتية والأمنية وفي بعض دوائر صنع القرار ومنابر ومؤسسات الإعلام من النخبويين المستلبين من غير المؤهلين علميا وثقافيا و أخلاقيا يرون في السودان والسودانيين تابعا لهم بزعمهم أن فاروق كان ملك مصر والسودان وبوهم تاريخي لم يستوعب حتى الآن أن مصر نفسها وطوال تاريخها كانت تابعا للدولة العثمانية والإدارة البريطانية ولم تنل استقلالها إلا في ثورة عام 52 ولو كان من حق مصر مثلما يعتقد بعض الجهلاء المطالبة بمجمل أراضي السودان كما يروجون في إعلامهم ردا على مطالب السودان بحلايب فمن حق أردوغان الآن أن يطالب بضم مجمل أراضي مصر وإعادتها إلى أملاك الدولة العثمانية بذات المنطق الساذج الذي يتبنونه في جهالة مجيدة. ولم يجف مداد ما حمله وزير خارجية مصر سامح شكري من توقيعات في زيارته للخرطوم لتهدئة العلاقات بيم البلدين حتى تحركت شرائح الاستعلاء في القاهرة مجددا لنسف نتائج زيارة وزير خارجيتهم عبر محاولات الإذلال المتعمدة للصحافيين السودانيين في مطار القاهرة والتي جاءت استكمالا لما يعانية السودانيين في مطار القاهرة من محاولات الإساءة المتعمدة للمواطنين السودانيين طوال عقود وحتى اليوم وبأشكال متعددة ومقصودة . لكن هؤلاء قد لا يدركون الآن أن مصر ستكون الخاسر الأكبر من مثل هذه المحاولات الاستفزازية على كافة المجالات في علاقاتها مع السودان . فالسودان اليوم ليس هو سودان الأمس الذي تحب القاهرة أن تراه ظلا لها وصدى لصوتها وأن جيل اليوم من السودانيين وطلائعهم المستنيرة لن يسمحوا للعقلية الاستعلائية المتخلفة التي تسيطر على القرار في القاهرة بالتمادي في مثل هذه الممارسات غير الحضارية ولن يتوانوا في التصدي لمثل هذه العقلية الجاهلة لمصلحة مصر وشعبها ولمصلحة العلاقات بين الشعبين . والسودان لن يحتاج مصر في شيء بل ان مصر هي التي تحتاج السودان الآن وغدا وهو قادر على صنع بدائله في شتى المجالات الاقتصادية وفي المجالات الإقليمية والدولية وقد اصبح الآن قبلة تتسابق عليها دول العالم لكن صلاتنا الاجتماعية والثقافية والإنسانية ستبقى مع أهلنا في مصر في قلوبنا إلى حين اشعار آخر طالما أن بعض من يقررون مصيرها السياسي من أبنائهم لايزالون يرون في السودان حديقة خلفية لهم وفي السودانيين صورة نمطية لعلى الكسار وهذه ضريبة جهل هؤلاء المتنفذون التي ستظل عالقة كسؤاتهم يثقلون بها عقولهم الفارغة . [email protected]