الصحافة الحقيقية التي يطلق عليها السلطة الرابعة هي التي تقود الرأي العام الى الحقيقة ..أما الصحافة التي تركب في الدرجة الرابعة من قطار الحكم هي التي تلوي عنق الحقائق كيفما يرضى عنها أولو الأمر ولو يكون في ذلك تضليلا للرأي العام ! جسارة الأولى أنها على سبيل المثال هدت عرش الرئيس الأمريكي الجمهوري ريتشارد نيكسون وهو الذي كان منتميا لقبيلة القلم ..والكلمة .. نتيجة كشفها لقضية التنصت الهاتفي إبان معركة الإنتخابات حينئذ على الحزب الديمقراطي فيما عرفها التاريخ بفضيحة ووتر جيت فاستقال الرجل مسلما بالمسئؤلية الأخلاقية وتوارى في هدوءٍ عن المشهد السياسي دون أن يتهم الصحفي الذي كشف الأمر بالخيانة العظمى أو يودعه السجن وهو الرئيس الذي لن يستطع ذلك بحكم الدستور والقانون الذي يكفل حرية الكلمة والرأي طالما أنهما يصبان في مجرى الصالح العام . أما الصحافة المجنحة فإنها قد تلوذ بالصمت في بلاد تحكمها أنظمة إذا ما أرادت أن تفشل مهمة صحفي أجنبي إكتشفت أنه يعري سلوكها ..فتلفق له تهمة الجاسوسية و جريرة مخالفة قانون الهجرة با ستخدامة تاشيرة دخوله للبلد المعني في غرض غير التي منحت له .. فيتم حبسه بناء على ما تقدم أو بعضه أو يطرد عن البلاد أو ربما يتم إرجاعه قبل أن يخرج من ميناء الوصول ..! مثلما لاتتورع تلك السلطات عن بتر الخبر الذي لا يعجبها قبل الطبع أومصادرة أوراق الصحف التي تزعج صباحاتها أو تمنع قلما لا يروق لعيونها لون مداده! وهنا يكمن الفرق بين النمطين أعلاه ! الطاهر ساتي و إيمان كمال أعيدا من مطار القاهرة وذلك يعني أن السلطات الأمنية المصرية ترصد الأقلام التي توجه لبلادها الطعنات المؤلمة وهوموقف يسجل لصالح الزميلين و يصيب القطر الأكبر و الأعرق في مجال ريادة الصحافة في المنطقة في مقتل لعدم توفرالمصداقية الحقيقية حول تقديرها لحرية الصحافة والإعلام ! إتحاد الصحفيين السودانين سجل موقفا كما قال الزميل عبد الباقي الظافر كان ملكيا أكثر من الملك ..إذ طالب بمعاملة صحفيي مصر بالمثل منعا لدخول القادمين وطردا للمقيمين منهم وهو موقف يدل على أن الإتحاد لا يستطيع أن يكوّن رايا حول مثل هذه القضايا الحساسة يمكن أن يغضب عليه مواقع القرار الرسمي فكان رايه استباقا غير موفق..كما وصفه الظافر .. ولوأنه كان إتحادا حرا لنحى الى معالجات ثنائية مع رصيفه المصري ويقدم كل منهما إتفاق التهدئة البينية هدية لسلطات وشعب بلده .. لا أن يصب على الحريق زيتا للتصعيد وهوما عناه الزميل فيصل محمد صالح الذي حذر من توسيع دائرة الفعل المحدود ..الشي الذي لم يُرضي الطاهر ساتي ولعله من منطلق مشاعره الذاتية يريد كل من يكتب حول الآمر أن يناصره بما هو أقوى من إدانة الفعل المصري فقط ! و حقيقة الواقع التي لا ينبغي إنكارها أن الأزمة أكبر من الضرب على بردعة الصحافة والإعلام في كلا البلدين .. وقد أنابت خيول السلطات فيها إعلاميها بتبادل وتحمل تلك الضربات ..التي لن تفك عقدة القضايا العالقة المشتركة إلا بأن يسعى الطرف الرسمي السوداني حثيثاً في تفعيل المطالبة بحقه المشروع في استعادة ترابه المعبأ في طرف الثوب المصري وبالحاح دبلوماسي إقليمي ودولي يجعل الجانب الثاني تحت الضغط الثقيل المتواصل حتى يقبل بالتحكيم لدى الجهات العدلية الدولية طالما أن إتخاذ الوسائل الآخرى لم ينجح في حلحة تلك العقدة ! وإلا فسيظل الوضع على ماهو عليه ..كتب الطاهر بحروف النار أو تعالى الردحي المصري بلغة شوبش يا الدلع دي ..ولن يفيد اسلوب التهدئة الذي يدعو له فيصل ..ولن يجدي فتيلا موقف إتحاد الرزيقي الذي يسير كالبغل المنهك خلف ركاب السلطة ..ولا صمت إتحاد صحفيي مصر المدجن وكل صوت إعلامها الأمني الذي ينبح أمام قصر الحكم ومنافذ الديار لصد القادمين من قبيل أنصر بلادك ظالمة أومظلومة ! [email protected]