تتزين أسواق السودان كافة وبدون استثناء هذه الأيام، بزينة فاكهة المانجو أو "المنقا" كما نسميها، بألوانها الغلابة الخضراء، والوردية، والبنية، والبرتقالية، والصفراء الفاقع لونها تسر الناظرين، وتزكي المشتمين، وتشهي الآكلين، وتشجي السامعين بسمر جلسائها، ولها أسمائها من منقة بلدية، وهندية، وجنوب أفريقية، وسنام التور، وغيرها من المسميات. فقد بدأ موسم إنتاج "المنقا" والذي تنتجه كل الولايات ويستمر لثلاثة أشهر، وتمتاز بأنها "منقا" طبيعية (100%) بلا أسمدة كيمائية في نظام ريها، ولا حفظها أو محسناتها، وتعد مناطق أبو جبيهة بجنوب كرفان، وجبل مرة بدارفور، وسنار، ونهر النيل هي الأشهر في إنتاجها، ولكل منها مواصفات خاصة ل"منقتها". لا يدري كثير من الناس أن مانجو بتلك المواصفات مطلوبة في دول الاتحاد الأوربي، وقال لي مدير العلاقات العامة والإعلام بسلطة الطيران المدني الأستاذ عبدالحافظ عبدالرحيم: رغم الحظر الاقتصادي المفروض علينا، وحظر طيراننا إلى أوربا إلّا أن هناك أكبر طائرات شحن هولندية لم تنقطع إطلاقاً من مطار الخرطوم، تنقل "المنقا" من السودان، وتباع هناك بأغلى الأثمان... ونقول لها: "يا شايل المنقا". بكل أسف كل هذه الميزات، والإنتاج المهول، يذهب هدراً، وظل بغير قيمة اقتصادية، ولم يتم تقدير حجمه، ولا تظهر المانجوا كسلعة اقتصادية يتم تصديرها ولها عائد مجزي يشار إليه بالبنان، ويبيعها منتجها بأبخس الأثمان، بل أنها تذهب طعاماً للأبقار والأغنام، والحمير بعد أن تشبع منها القرود و"العبالي: جمع عبلاي" والطيور، في كثير من مناطق الإنتاج. أن التجار الوسطاء والسماسرة لهذه السلعة أكثر ربحاً من منتجيها، ويرجع السبب إلى أن منتجها مواطن بسيط لا حول له ولا قوة لممارسة الضغط على صانع القرار، وعدم وجود مصانع للتعليب، أو التجفيف، ولا توجد من الوزارات أو المؤسسات الحكومية التي تولي هذه السلعة عناية خاصة، حتى تكون سنداً حقيقياً لاقتصادنا المائل. يرجح أن يكون هذا الموسم الأفضل إنتاجاً لل"منقا"، ويجب أن تولي الدولة اهتماماً بتسويقها، وآمل أن يخصص مصنع كريمة لتعليب الخضر والفاكهة بعد إعادة تأهيله وحدة لتعليب "المنقا"، وأن تزيد شركات إنتاج العصائر إنتاجها من عصير "المنقا". [email protected]